بعض المتخاصمين الذين يجري الصراع بينهم حول مصلحة أو قضية بعينها قد يلجأ لاستخدام كل الوسائل المتاحة والمشروعة أو غير المشروعة في تصفية حساباتهم الشخصية والخاصة، ومن بينها الصحافة. بالأمس نشرت صحيفة (آخر لحظة) إعلاناً في صفحتها الأخيرة صادر من مُجمّع محاكم الخرطوم وسط، وهو إعلان بيع عقار في قضية مرفوعة من شركة إيلي للاستثمار ضد الأستاذ عابدين عثمان مصطفى، وليس للصحيفة أن تمتنع عن نشر إعلان جاء إليها عبر القنوات الرسمية وعليه توقيع قاضي مختص هو قاضي جنايات الخرطوم وسط، مولانا الصادق أبكر آدم.. وعادة لا تتوقف إدارة الإعلانات أو إدارة التحرير في الصحف أمام إعلانات ترد إليها من جهة قانونية ومختصة مثلما حدث في الإعلان موضوع النزاع الذي تم نشره أمس. وتلقيت ظهر أمس محادثة من أحد الزملاء الكبار في هذه المهنة يطلب أن يقابلني لأمر مهم فرحّبت به وقلت له: «أهلاً وسهلاً بك في أي وقت» .. فكان أن زارني في الصحيفة وبرفقته أستاذة محامية قدمت احتجاجاً مبرراً بأن نشر الإعلان في الصحيفة فيه بعض المغالطات القانونية منها أن الشركة الشاكية ليست شركة إيلي للاستثمار إذ إنه قد صدر تصحيح في تاريخ 10/3/2010م للاسم ليصبح الشاكي هو مجموعة شركات إيلي بناءً على طلب تقدم به محامو السيد عابدين عثمان مصطفى الذي كان مستشاراً قانونياً للشركة المذكورة. وقامت المحامية الفضلى بتسليمنا صورة من قرار التعديل، وصورة أخرى لقرار صادر في 15/8/2010م في الدعوى رقم 224/2010م تحت المواد 26-180-183 ق ج بنيابة الخرطوم شمال الشاكي فيها عابدين عثمان مصطفى والمتّهم فيها تاج السر عثمان وآخرين، وجاء تاريخ القرار في 16/8/2010م ويتضمن شطب عريضة الاستئناف ويؤيد قرار توجيه التهمة الصادر من السيد وكيل أول النيابة مع إحالة الأوراق للمحكمة للنّظر وحمل القرار توقيع مولانا عبد الخالق محجوب الحسن وكيل النيابة الأعلى بمحلية الخرطوم. وأرفقت السيدة المحامية مع تلك الأوراق صورة من قرار المدعي العام بخصوص الدعوى الجنائية رقم (255/2010م) الشاكي فيها عابدين عثمان والمتهم فيها شركة إيلي للاستثمار وآخرين أمام نيابة الخرطوم وسط، وقد تضمن رفض الطلب المقدم وتأييد قرار السيّد رئيس النيابة العامة الخرطوم وما شمله من موجهات للتحري مع إخطار مقدم الطلب القرار وإعادة الأوراق للنيابة المختصة للسير في الإجراءات، وحمل القرار توقيع مولانا صلاح الدين أبو زيد مختار المدعي العام لجمهورية السودان بتاريخ 18/8/2010م. يبدو من خلال الملف الذي تسلمناه أن القضية التي لها أكثر من طرف، قضية شائكة، وهذا أمر لا شأن لنا به إذ إن ساحات القضاء هي التي تفصل وفق الأدلة والقرائن والمستندات.. لكن الذي يهمنا هو محاولة بعض الأطراف المتخاصمة استغلال صفحات الصحف من خلال مدخل الإعلانات لتصفية خصوماتها وحساباتها قبل أن يقول فيها القضاء كلمته، وهو أمر لا تقبل به صحافة حرة ومستقلة في ظل حكم القانون مع وجود قضاء حر ومستقل.. ولنا أن نتحقق ونراجع الكثير مما يرد إلينا في الصحف من باب الإعلان.. وليس في الأمر حرج.