أوصت أعرابية ولدها قالت: «أَي بني، إياك والنميمة، فَإِنهَا تزرع الضغينة وتفرق بين المحبين، وإياك والتعَرض للعيوب، فتتخذ غَرضا، وخليق ألا يثبت الغَرض علَى كثرة السهام، وقلَ ما اعورت السهامُ هدفا إِلا كَلَمَتْهُ حتى يضعف ما اشتدَّ من قُوَّته. وإياك والجودَ بدينك، والبخلَ بمالك، وإِذَا هَزَرْتَ فاهزُرْ كريما يلِينْ لِهِزَّتك، ولا تَهْرُز لئيما فَإن الصخرة لا ينفجر ماؤُها. ومَثِّل لنفسك أمثالَ ما استحسنتَ من غيرك فاعمل بِهِ، وما استقبحتَ من غيرك فاجتنبه، فَإِن المرء لا يرى عيب نفسه، ومن كَانَتْ مودته بِشْرَه، وخالف ذَلِكَ فِعْلَه، كَانَ صديقُه منه عَلَى مثل الريح فِي تصرفها، ثُمّ أمسكَتْ، والغدر أقبح ما تعامل بِهِ الناسُ بينهم، ومن جمع الحلم والسخاء فقد أجاد الْحُلَّةَ رَيْطَتَها وسِرْبَالَها» (السربال القميص). زهير الكلبي يوصي بنيه بتدبر الأحداث وأوصى زهير بن جناب الكلبي بنيه فقال: «يا بني قد كبرت سني، وبلغت حرصا من دهري، فأحكمتني التجارب، والأمور تجربة واختبار، فاحفظوا عني ما أقول وعوه. إياكم والخور عند المصائب، والتواكل عند النوائب، فإن ذلك داعية للغم وشماتة للعدو وسوء ظن بالرب، وإياكم أن تكونوا بالأحداث مغترين، ولها آمنين، ومنها ساخرين فإنه ما سخر قوم من قوم قط إلا ابتلوا ولكن توقعوها فإن الإنسان في الدنيا غرض تعاوره الرماة، فمقصر دونه ومجاوز لموضعه وواقع عن يمينه وشماله ثم لابد أن يصيبه». عن :تاريخ الأدب العربي للأديب أحمد حسن الزيات رحمه الله.