يروي وزير الخارجية الليبي الأسبق عبدالرحمن شلقم في آخر كتاب أصدره بعنوان «نهاية القذافي» أن مجموعة من المفكرين الليبيين سهروا لإعداد وثيقة تخاطب مستقبل البلد النفطي.. المفكرون أعدوا وثيقة أسموها ليبيا 2025حاولوا في مسعاهم تقليد التجربة الماليزية.. الرجال المجتهدون قدموا وثيقتهم للعقيد القذافي بعد أن زينوها بالكلمات التي تمجد القائد.. العقيد وملك ملوك أفريقيا مزق الرؤية المستقبلية ونصح المفكرين بالعودة للكتاب الأخضر الذي لم يترك شاردة ولا واردة. الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي لم يصدق يوماً أن هنالك معارضة يمكن أن تهز عرشه.. حينما دنت ساعة النصر وحاصر الشعب القصر الرئاسي قال الزين «الآن فهمت».. معمر القذافي كان أشد استبداداً.. الثوار يقتربون من بناية العزيزية والقائد يسألهم في استكبار من أنتم؟.. حالة الإنكار وصلت أن ينكر القذافي أنه يشغل منصب الرئيس في الجماهيرية.. معمر كان دائماً يرى نفسه أنه أكبر من كل منصب حتى ضاقت به الأرض الرحبة. أمس في مؤتمر صحفي عقد بدار المؤتمر الوطني سأل الزميل الصحفي أحمد يونس سؤالاً وجيهاً.. يونس سأل لماذا غضبت الحكومة من المعارضة التي حاولت مناصرة الجبهة الثورية عبر ميثاق كمبالا.. فكرة أحمد يونس تركزت في أن الحكومة دائماً تنظر للمعارضة المدنية باعتبارها شيئاً لا يستحق الاهتمام.. وقع مفكر الحزب الحاكم في الفخ الصحفي وشبه المعارضة بالنملة التي تقرص إنساناً سويا.. سبق لذات الأمين أن وصف المعارضة بالصفر الكبير حينما قال إن حاصل جمع الأصفار لايساوي إلا صفراً. بصراحة زائدة يبدو أن مأزق الإنقاذ في هذه النقطة تحديداً.. الحكومة لا تستطيع تقدير الحجم الحقيقي للمعارضة.. أحياناً تراها معارضة صفرية أو بحجم النملة في أفضل التقديرات .. ومرات أُخر تراها بحجم أكبر.. تتفاوض معها تحت جنح الليل.. تحت بند التعويضات تمت تبادلات مالية غامضة بين هذه الحكومة وبعض رموز المعارضة.. بل التماساً للبركة منحت الإنقاذ بعض أبناء السيدين مقاعد سيادية في القصر الجمهوري.. الكرم الحكومي جعل وزراء الحزب الاتحادي الأصل أكبر من عدد نوابه في البرلمان.. في بعض المراحل تعاملت الحكومة مع كيانات تحمل أسماء تجارية للأحزاب التقليدية العريقة. خطورة الرؤية الحكومية الاستفزازية قد تجعل المعارضة المدنية تلجأ إلى استخدام عقاقير زيادة الوزن.. عدد قليل من المهتمين بالشأن السياسي كان يدرك أن بين وزراء السودان رجل يحمل اسم الدكتور خليل إبراهيم.. فيما لم يسمع أحد خارج أطراف مدينة نيالا بالمواطن السوداني مني مناوي.. اضطرت الحكومة أن تصالح خليل إبراهيم في الدوحة ثم تقاتله في مدخل جسر الإنقاذ بأمدرمان.. فيما جعلت الأوزان المصنوعة من مناوي كبير مساعدي رئيس الجمهورية. الحكم الراشد يحتاج إلى معارضة قوية وفاعلة ومستعدة سلماً لتسنم السلطة في أقرب انتخابات.. ليت الحكومة استثمرت في تقوية المعارضة حتى لو منحتها حبوب «فيتامين».. تقوية المعارضة يتم بعدد من الطرق..أن يتجرد الحزب الحاكم من ثياب الدولة.. وفي ذات الوقت البحث عن وسائل تتيح تمويلاً رسمياً لكل الأحزاب الفاعلة.