كثر الجدل بين رجال ومنظري الفكر الإداري حول ماهية الإدارة وطبيعتها، هل الإدارة علم؟ أم الإدارة فن؟ أم الإدارة مهنة؟ أم يا تري هي مزيج وخليط بين كل ذلك، أي علم من العلوم، وفن من الفنون، ومهنة من المهن؟!. وحتى يمكن أن نسير في اتجاه صحيح يؤدي بنا إلي نتيجة مقنعة وإيجابية، بفهم واعي لمعني الإدارة وحتي نستطيع أن نسترشد بها في حياتنا اليومية ونحن أمس وأحوج شعوب الأرض إليها، ولكي نقوم بتحسين صورتنا في مخيلة غالبية أخواننا العرب، ونصلح من حالنا في إيجاد حل إلي معظم إشكالاتنا وخاصة في مشاريعنا ومؤسساتنا الإنتاجية. لابد من فهم حقيقي لمعني الإدارة. هل الإدارة علم؟ نغوص قليلاً في معرفة طبيعة الإدارة بعمومياتها، إن كانت علماً، فالعلم هو مجموعة من المعرفة التي يتم تجميعها وقبولها في فهم حقائق أساسية متعلقة بظاهرة معينة أو دراسة في موضوع ما... وعلي أن تكون هذه المجموعة من المعرفة موضوعية وخالية من التحيز أو الميول، مصنفة ومرتبة يسهل فهمها، وأهم ما يميز العلم هو كشف وفهم العلاقات التي تقوم علي الظواهر المختلفة وله القدرة علي التنبؤ والضبط. ولكن الإدارة لا تتصف بالشمول والدقة، والقدرة علي التنبؤ والضبط كما هو الحال في العلوم الطبيعية (الفيزياء- الكيمياء- الرياضيات)، ويمكن القول أن الإدارة قد تنتمي أكثر إلي العلوم الاجتماعية والإنسانية (النفس- الاجتماع- الاقتصاد) لأنها تتعامل مع العنصر البشري بصورة واضحة ويؤثر فيها بصورة مباشرة. وبما أن علم الإدارة علم حديث نسبياً، والممارسة الإدارية لها أساليب غير علمية خاصة عند اتخاذ القرارات الإدارية، ولذلك لا يمكن أن نجري تجربة يمكن التحكم فيها وبها في أي من ميادين الإدارة. فهل الإدارة فن؟ الفن هو القدرة علي استخدام الإمكانيات المتاحة من المهارات والقدرات والمواهب الفريدة والشخصية والناتجة عن الخبرة والممارسة، ومدي القدرة علي القيادة والمقدرة علي التأثير في الآخرين، الفن هو تطبيق المعرفة والعلم والخبرة في أداء العمل، ولذلك يمكن أن نقول أن الإدارة فن استخدام العلم. ولكن الإدارة نوع من الفن، لأن المدير يجب أن يمتلك قدرة شخصية للابتكار وإيجاد الأفكار وتطبيق النظريات والمبادئ الإدارية بطريقة فنية، ذكية، لبقة ومقبولة تعكس مدي الخبرة والتجربة والممارسة، والإدارة تتطلب المعرفة والقدرة علي سرعة التصرف الحسن والإيجابي وإيجاد البدائل واختيار أفضل الخيارات المتاحة لأنها تتعامل مع البشر، والعنصر البشري هو أهم عنصر في الإدارة، وأصعبه معاملة. والإدارة فن لأن الفن هو المقدرة علي تطبيق المعرفة والعلم والخبرة في أداء العمل، والإدارة هي فن استخدام العلم والخبرة والمعرفة. أم الإدارة مهنة... ؟ üأما المهنة فهي عبارة عن سلسلة مدركة ومعرفة متعاقبة من مواقف وسلوكيات الفرد، وتقترن هذه المواقف والسلوكيات مع إتمام وإنجاز العمل باستعمال واستخدام خبرات ذات علاقة والقيام بنشاطات تكون قد تجمعت خلال الحياة العملية للفرد، لذا إذا تم النظر إلي المهنة باعتبارها العمل التي يخصص لخدمة الآخرين فيمكن القول أن الإدارة مهنة ...! أما إذا نظرنا إلي المهنة بالمعايير الصحيحة والمقاييس المهنية العالمية... فالمهنة لا تمارس إلا إذا تمت دراستها ونيل شهادتها ومن ثم أهمية الحصول علي ترخيص مزاولتها. ومعلوم لدي العالم وخاصة في النظم الإنجليزية أن المهن هي الطب- الطب البيطري- القانون- فلا يمكن أن تكون الإدارة مهنة طبقاً لهذا المعني. üيقول د. قاسم القريوتي عالم الإدارة المعاصرة(أن الإدارة علم له قواعده وأصوله وتطبيقاته التي يمكن أن توفر التكاليف والموارد والوقت علي المجتمع بقطاعاته ومؤسساته العامة والخاصة أيضاً). üويقول د. محمد رسلان الجيوسي أحد علماء الإدارة ( من الممكن دراسة الإدارة كعلم، واكتسابها والحصول علي الخبرة والمهارة أثناء تطبيقها، والشعور بها من خلال النتائج المحققة). üويقول د. ربحي مصطفي عليان (إذا اعتبرنا الإدارة علماً فلا تصل لدرجة الدقة العلمية، كما هو الحال في العلوم الطبيعية، لأن نتائج العلوم الطبيعية صحيحة وغير قابلة للجدل... بينما نجد أن نتائج العلوم الإدارية قابلة للجدل والمناقشة، إن علم الإدارة مثل بقية العلوم الاجتماعية ليس علماً مستقلاً، حيث يستمد مساهمات كبيرة من علوم أخري كعلم الاقتصاد وعلم الاجتماع وعلم النفس وغيرها من العلوم الإنسانية والسلوكية الأخرى). üولكن يمكن القول أن الإدارة علم وفن، وهو فن استخدام العلم، لأن الإدارة قواعد ومبادئ وأصول يحتاج تطبيقها إلي الخبرة والمهارة الشخصية، وأن تحقيق الفعالية الإدارية من خلال مزج هاتين الركيزتين الهامتين وهما:- - الأصول والقواعد والمبادئ العلمية العامة للإدارة. - الإمكانيات والخبرات والمهارات الشخصية. وهنالك عدة عوامل تحدد طبيعة الإدارة وأهمها طبيعة ومجال العمل، والإطار الاجتماعي للعمل، والأنظمة الإدارية ومستوياتها في المؤسسة، وبيروقراطية الإدارة في مختلف مجالات العمل. ولنا لقاء طبيب بيطري