بعد فشل القمة الثانية التي جمعت الرئيسين البشير وسلفاكير عقب توقيع اتفاق التعاون الشهير في سبتمبر الماضي والاتهامات المتبادلة بين الحكومة السودانية وحكومة جنوب السودان ومندوبيهما بالأمم المتحدة والضغوط الممارسة على أطراف النزاع بالبدء الفوري في المباحثات ودفع تعزيزات أمنية على الحدود مع دولة الجنوب وتركيز المجتمع الدولي على النزاعات في ولاية النيل الأزرق وجنوب كردفان، حيث أوضحت الدكتورة نكوسازانا دلاميني زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي أن الوضع لازال معقداً بسبب النزاعات في جنوب كردفان والنيل الأزرق مشيرةً إلى أن الوساطة الأفريقية تسعي الآن لتطبيق خارطة الطريقة التي اعتمدها مجلس السلم والأمن الأفريقي في أبريل الماضي والتي تقوم على الحوار حول القضايا العالقة الأخرى، فيما طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حكومتي السودان وجنوب السودان بالبدء الفوري في المباحثات للوصول إلى حلول سلمية لتفادي تدهور الأوضاع الإنسانية في ظل ذلك لم يستبعد المراقبون أن تلجأ جوبا لخيار الحرب وتعاود الهجوم العسكري على الخرطوم بغرض إظهار أن الحكومة السودانية غير حريصة على الاتفاق وتضع نفسها في خانة المعتدى عليها كما حدث إبان هجومها على هجليج، وأكد محللون أن الخرطوم لا يمكن أن تتنازل أكثر مما تنازلت عنه، مشيرين إلى أن إعلان رئيس الجمهورية تخلي السودان عن قضيته للجوء للتحكيم الدولي بشأن استيلاء جوبا على أصول نفطية لدى انفصالها لم تعتبره جوبا كعلامة على حسن النية، بل اعتبرته حقاً مستحقاً ولم تقدم على تقديم أي تنازل مستدلين بالخطاب المكتوب الذي قطعه الرئيس سلفاكير على نفسه الذي ينفذ ولم يشهر حتى الآن ووسط الإحباط الذي بدأ يكتنفه التشاؤم من توجه البلدين، بعد فشل القمة مدد مجلس السلم والأمن الأفريقي مهلته للخرطوم وجوبا لحسم خلافاتهما لمدة ستة أشهر وشمل القرار تمديد تفويض لجنة الوساطة، التي يرأسها رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو أمبكيي، وشدد مفوض الاتحاد الأفريقي لشؤون السلم والأمن رمضان العمامرة على أهمية أن يطبق السودان وجنوب السودان الاتفاقيات الموقعة بينهما "بلا شروط" وفي أقرب وقت ممكن من ناحيته اعتبر مسؤول دائرة وسط أفريقيا مهند عوض أن تمديد تفويض لجنة الوساطة خطوة إيجابية وتعطي الطرفين أخذ مساحة من الزمن للتشاور والخروج بما يفيد البلدين و أبان أن التمديد لا تريده دولة الجنوب لأنة يؤثر على وضعها الاقتصادي الداخلي و يقطع الطريق أمام مساعيها لتحويل القضايا العالقة إلي مجلس الأمن ونوه إلى أن الجنوب ساعٍ لتدويل قضية أبيي وتنفيذ الخريطة المعتمدة لديهم بما فيها المناطق المتنازع عليها وفق ترتيب مسبق بإشراف مندوب دولة الجنوب بالأمم المتحدة دكتور فرنسيس دينق الذي كان على خلاف مع حكومة الجنوب في السابق وتم الصلح معه وتعيينه في هذا المنصب من أجل تحريك ملف أبيي باعتباره منتمي إلى أسرة السلطان دينق الأسرة الحاكمة في أبيي، وأوضح مهند أن دولة الجنوب شرعت في الاستعداد لاستفتاء أبيي عبر تهجير مواطنين إلى قرى أبيي بعد أن منعوهم من التواجد داخل أبيي من أجل التسجيل، واتهم مهند دولة الجنوب بالتماطل وعدم الجدية، مشيراً إلى أن تماطلها لا يفيد لأن مواطنيها سيفقدون فيها الثقة. وفي ذات السياق أبان دكتور جمال رستم المحلل السياسي أن دولة جنوب السودان تماطل وتتعنت من أجل مزيد من الضغط على الحكومة السودانية والسعي لتأزيم الوضع في السودان وسحب الملف من الوساطة الأفريقية وتصعيده إلى مجلس الأمن باعتبار أنهم في مجلس الأمن يجدون مكاسب أكثر من التي يجدونها عند الوسيط الأفريقي، ولفت إلى أن ملف التفاوض بين السودان وجنوب السودان ملف شائك ووصل سقف التفاوض فيه إلى أقصى حد وأصبح التفاوض بين الرئيسين، مؤكداً أن كل طرف من الصعب أن يتنازل عن قضاياه، مشيراً إلى أنها قضايا لا تحل في فترة وجيزة وحث الوساطة الأفريقية للإسراع في تقريب وجهات النظر بين الطرفين ونوه إلى أن الجنوب لديه أهدافاً وتقف معه قوة دولية تسعى لمزيد من الضغط على حكومة السودان وفق العداء المعروف تجاه السودان.