مازالت تداعيات وثيقة الفجر الجديد تمثل النقاش والجدل الدائر بين القوى السياسية، وتحتل جزءاً كبيراً من الخطاب الإعلامي من قبل الحكومة، فيما بدأت بعض قوى المعارضة في إبداء رأيها حول تفاصيل الوثيقة، مابين الرفض لبعض بنودها والقبول ببعضها ، في هذا الإطار لأبعاد ومآلات وثيقة الفجر الجديد على السودان أقامت صحيفة القوات المسلحة منبرها الدوري الذي حمل عنوان «قراءة لوثيقة الفجر الجديد» من حيث البعد السياسي والأمني والقضائي ضمت متحدثين سياسيين وقانونيين وعسكريين ..إبتدر النقاش المقدم دكتور الطاهر إبراهيم رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة والذي أمن على أهمية الندوة ومناقشتها عبر الخبراء والسياسيين والإعلاميين لاخطر وثيقة تهدد الأمن والإستقرار السوداني مقدماً الخبيرالأمني العميد حسن بيومي الذي دعا إلى عدم مواجهة الوثيقة بالعداء !! بل بقرائتها والعمل على مناقشتها بموضوعيةٍ.. وأشار إلى أنها لا تستطيع ان تسقط النظام بالقوة خاصةً في ظله الشمولي.. وأشارإلى أنها لم تأت من فراغ.. ولكنها مدفوعة من أمريكا والقوى الغربية التي ظلت على الدوام تعمل ضد السودان.. وهي نوع من الضغط المستمر على الحكومة لمصلحة جنوب السودان منوهاً إلى أن مشاكلنا مع الجنوب الآن تلخصت في قضية أبيي.. الميل 14.. وقضية فك الإرتباط.. والتي وصفها بالعملية الصعبة.. والتي يمكن حلها بالتفاوض على ثلاثة أطراف.. وليس بطرفين كما هو الحال الآن.. وأضاف أنا لا أؤمن بأي مليشيات مسلحة مشيرًا إلى أن المليشيات تدخل الحكومات في مشاكل قبلية ..وأنه لا جدوى من حل جهاز الأمن كما ورد في الوثيقة لأن السفارات بها تجسس على البلاد فلابد من وجود جهاز الأمن لكشف العمل الأمني المضاد.. في ذات السياق تحدث الدكتور عمر عبد العزيز عميد كلية الاقتصاد والعلوم الاجتماعية ببحري قائلاً : إن ميثاق الفجر الجديد لم يكن مفاجأة وإنما هو جاء نتيجةً لتطور منطقي للأحداث على المستوى المحلي والإقليمي وظهر بشكل تحالف معين لديه هدف بتغيير نظام كامل، وليس تغيير حكومة كما يعتقد البعض.. على حسب وصفه مشيرًا إلى أن تجربة الحركة الاسلامية أحدثت تغيرات جذرية منذ سنة 2010م ...أظهرت قوى داخلية وخارجية عملت على تغيير النظام الحاكم في السودان.. وتكونت على أثره حلقات متتابعة من القوى الدولية ودول الجوار.. والحلقة الاولى كانت دول الجوار وعداء تشاد وليبيا والذي انتهى باتفاق تشاد وانهيار النظام الليبي والحلقة الثانية كانت عداء الدول الاجنبية.. أما الحلقة الثالثة فكانت الحركات المسلحة.. وبعض الأحزاب المعارضة بالداخل دخلت على الاتفاق على الهدف الكبير وهو اسقاط النظام.. وتكاملت حلقات هذا الاتفاق ووصلت الى اتفاق الفجر الجديد وهو أعلى نقطة لهذا الهرم العدائي.. وقال: إن هذا واضح بجلاء ان الاستهداف هو السودان ومشيرًا إلى أن طريقة الحكومة كانت فيها مهادنة ومصالحة.. مما أدى إلى رفع سقف طموحات القوى المعارضة لهذا جاءت الوثيقة.. وفيها بذور لاقاليم جديدة.. وعملية جراحية جديدة لتشكيل السودان.. وفصل الدين عن الدولة.. وأشار إلى أن القوى الدولية لا يمكن ان تتنازل عن أهدافها والأمل في علاقة مودة معها .. نضعها جانباً والأمل في إعادة ترتيب الأوراق وإعادة علاقات دول الجوار..وأصبح أملاً ضعيفاً وخاصةً لدولتي يوغندا التي تأوي الجبهة الثورية.. وكذلك دولة جنوب السودان.. ولم يستبعد أن تعود الى مربع الحرب وفقاً لما تقوم به من دور مع القوى الغربية لمحاصرة السودان واصفاً ما يحدث بأنه ليس لتضارب المصالح فحسب بل لتضارب الأفكار والعقائد خاصة بعد تغييرات الربيع العربي وإستمرار صعود الاسلاميين ووجود السودان كمحور رابط يزيد من ثبات الاسلاميين.. ويضر بمصالحهم.. لكنه إستدرك قائلاً إنه من المهم الإنتباه في إطار القراءة للوثيقة أن يأخذ في الاعتبارالنقاط المهمة وهو إعادة قراءة للواقع السياسي الداخلي منه خاصة موقفيَّ حزب الامة والشعبي اللذين عادا للأجندة القومية في اول لحظة مفاصلة تخص الاجندة الوطنية ..وتبرءوا منها ورفضوها مع الإبقاء على الشعار القديم اسقاط النظام في إطار التنافس السياسي .. وقال: الآن أصبح هنالك معسكران واضحان معسكر أدان الوثيقة وآخر لم يستنكرها ..! منوها الى ان المهددات كبيرة وخطيرة وجمة وبعد انفصال الجنوب ارتفع سقف المطالب الى تفتيت السودان واستبعد حدوث السيناريو الليبي بالسودان.. وقال: لن ينجحوا بهذا التخطيط لاختلاف الوضع مابين الجيش السوداني والجيش الليبي كذلك النموذج السوري ..ودعا الى الحوار بدلاً عن اللهجة الاستعدائية الحادة.. وتوجيه التهم للجميع جملة واحدة.. مشيرًا الى انها ستوقر الصدور.. ولن تؤدي هذه الطريقة الى حل.. مشيرًا الى ان معيار التناول يجب يكون دقيقاً وحساساً ..وان المقام ليس مقام مهاترات والوثيقة تشكل مهدداً حقيقياً للسودان وتستهدف أرض السودان وكيانه الثقافي والاجتماعي.. وقال: إنها مايزت الصفوف وسبباً كافياً لإحداث تحالف مع الامة والشعبي يمكن ان يشكل طوق نجاة للسودان المطلوب من الأحزاب تقارب اكثر وان على المؤتمر الوطنى الابتعاد عن العمل بالقدرة المطلقة على الصمود فى مواجهة التحديات وقال لابد من تقديم مبادرة مابين الامة والشعبى والمؤتمر الوطنى لتكون اكبر ضمان من التفكك للسودان.... من جانبه قال الدكتورإبراهيم الأمين الأمين العام لحزب الامة ..ان الموضوع مهم جدًا وانهم يقدرون دور القوات المسلحة وولائهم لها.. وأشار الى ضرورة تجاوز النظرة الحزبية الضيقة وان يكون الحديث بلغة تخاطب الوحدة الوطنية.. وليس كما يدورجمل الساقية حول مكانه لا نريد للحزب الحاكم ذات الدوران و هذا ما أدى الى مانحن فيه ...واشارالى ان وثيقة الفجر الجديد انها واحدة من أعراض الأزمة السودانية ..وطرح تساؤلات هل الانقاذ قدمت الحلول.. أم أن هنالك ضروة للتغيير وقال: إن حزب الأمة لا يقبل اي حديث عن فصل الدين عن الدولة وهم يتحدثون عن الوسطية والتسامح بين الناس ..مضيفاً بانهم ليس لديهم مانع للعمل جميعاً لمصلحة البلد وهم كحزب امة ضد العنف وقلناها بصراحة حزب الامة ضد اي عمل مسلح في مثل هذه الظروف التي تؤدي الى تشيت البلد ونحن ضد التدخل الأجنبي واصفاً القرار السياسي السوداني بأن المكون الاجنبي فيه كبير جدًا مما أثر على سيادة البلاد.. وقال علينا الاتفاق على قضايا وافكار والجميع متساوي في ذلك ... الناحية القانونية وقراءتها في وثيقة الفجر الجديد تناولته الاستاذة بدرية سليمان امينة امانة العدل بالمؤتمر الوطني التي قالت إنها تتحدث بصفتها مواطنة سودانية وقانونية وطنية لا وثيقةالفجر الجديد فيها اشياء يجب ان تقرأ في السياق القانوني وقالت إنها ليست ببعيدة عن وثيقة البديل الديمقراطي التي طرحتها قوى المعارضة في 4/7/ 2012م والتي تحدثت عن التغيير السلمي للنظام وعن فترة انتقالية وقومية الاجهزة الامنية وتنظيم مؤتمرات والغاء القوانين المقيدة للحريات وقضايا دارفور والمحاكم الدولية واستخدام الوسائل لتحقيق هذه البنود واشارت الى أنها مشابهة لوثيقة الفجر الجديد وهنا بالقانون تسمى(وحدة مشروع إجرامي بلغة القانون)لانهم يتحدثون عن العمل السلمي والعمل المسلح كوسائل مشتركة وقع عليها واتفق عليها وهذا إتفاق جنائي مابين معارضة مسلحة خارجية ومعارضة سلمية داخلية ووصفتها كمجموعة مسلحة تنهب واخري سلمية تراقب لها الطريق فكليهما في لغة القانون مشروع اجرامي واحد ووصف بذلك قوى الاجماع والاشخاص الموقعين على الوثيقة بتهمتىَّ التحريض بحسب المادة 22 والمعاونة بحسب المادة 16 وتقويض النظام الدستوري بحسب المادة 50 والتعاون مع الخارج المادة 52والارهاب المادة 144 وكذلك الحرابة بحسب المادة 64 وحتى المادة 66 لنشر الاخبار الكاذبة واشارت الى امكانية فتح بلاغات ضد الموقعين والممثليين لبعض الاحزاب من مجلس الاحزاب تحت طائلة المادة 10 و14 و19 في مواد عمل الاحزاب سلمياً وليس عن طريق استخدام العنف وان المحكمة الدستورية هي المنوط بها النظر واتخاذ الاجراءات المطلوبة اذا رات ان الاحزاب قد خالفت النظام الاساسي ويمكنها حل تلك الاحزاب او توقيفها ..واعتبرت ان اخطر ما جاء في الوثيقة هو في مجمله ما جاء عن الحديث عن العنصرية والتمييز الايجابى لبعض الاقاليم وتقسيم الثروة والسلطة على هذا النحو العنصري والاشارة الى حجم السكان وكثافتهم والحديث الى الابادة الجماعية واثارة الكراهية في المجتمع وكذلك الحديث عن حرية الاختلاط في التعليم واعتبره خطوة لافساد المجتمع والتعليم واعترفت بوجود ازمة عميقة في البلاد لكنها استدركت بانها لا تحل بالعنف المسلح لان الحرب لم تثبت ابدًا جدواها ودعت الى الحوار الوطني والاتفاق السياسي وليس التراضي والتوافقي بل اتفاقات حقيقية تؤسس لاستقرار عام للسودان تفادياً للتفتت والتشرزم والتفكك وهو الخطر الحقيقى المقبل على السودان على حد قولها ..