حفل اأاسبوع الماضي بثلاثة أحداث حول قضايا السلام في دارفور، والتي من المتوقع أن تؤثر على مسيرة السلام سلباً أوإيجاباً في الفترة القليلة القادمة، رغم التحفظات المشروعة والمنطقية على منهج السلام بالتجزئة، الذي توافقت علية الأطراف المعنية بأمر سلام دارفور، رغم التجارب غير الناجحة في الاتفاقيات السابقة التي لم تحقق الأمن والاستقرار ولم توقف الاقتتال والعنف في الاقليم ففي مطلع الأسبوع الماضي كنت في مهمة تتعلق بالمفوضية القومية لحقوق الإنسان في دولة قطر، وفي ساعات من طرف الثلث الثاني من الليل، وبعد انتهاء الجلسة الختامية لمؤتمر شبكة المؤسسات الوطنية العربية، توجهت صوب مقر مجموعة العدل والمساواة المنشقة بقيادة القائد العسكري العام للحركة بغرض الالتقاء بأحد الخبراء المسهلين الوطنيين، وفي بهو الفندق الإسلامي التقيت عدداً من منسوبي الحركة من لجنة التفاوض، وكان مدخلي للحديث معهم القيام بتوزيع نسخ من منشورات مركز إدارة الأزمات ودراسات السلام التابع لمنظمة الهيئة الشعبية لتنمية دارفور، وبالتحديد كتيب اتجاهات وثيقة الدوحة للسلام في دارفور، وكتيب طريق الإنقاذ الغربي- حلم الفقراء وأمل الاقتصاد السوداني، وكانت فرصة اغتنمتها وتحدثت معهم عن أهمية وثيقة الدوحة، وأهليتها لتكون مرتكز وأساس التفاوض القادم بينهم والحكومة، معدداً الأسباب التي تؤكد أن الوثيقة جاءت نتاج مشاركة واسعة من كافة فئات وقطاعات المجتمع الدارفورى وأصحاب المصلحة الحقيقيين، وأن حركة العدل والمساواة بقيادة الدكتور خليل كانت أول من وقعت على وثيقة خارطة الطريق لمفاوضات الدوحة، واستندت الوثيقة النهائية على مخرجات علمية، وأفكار رصينة ونتائج عملية من خلال مؤتمرات مراكز البحوث والدراسات المتخصصة داخل السودان، وفي عدد من دول العالم وبمشاركة خبراء وعلماء ومتخصصين من أهل دارفور وأهل السودان، والناشطين من الدول الأخرى، وذكرت بالتحديد بعضاً من تلك المبادرات مثل وثيقة هايدلبيرج بالمانيا، وما تم تعريفه بتقرير اللجنة الافريقية رفيعة المستوى- لجنة امبيكي- واللقاءات التي تمت في نيروبي وغيرها من دول الجوار حول المحاور السياسية والاقتصادية والتنموية والترتيبات والأمنية التي جاءت بوثيقة الدوحة. أيضاً تناولت معهم الهم الكبير لأهل دارفور المتمثل في ضرورة وقف الحرب المدمرة التي أحاطت بالأرواح والفوضى القبلية، التي انتجت التشرد والنزوح وتدمير المرافق الخدمية والتعليمية والصحية، وتوقف مظاهر التنمية بسبب عدم توفر الأمن، وعلى رأسها طريق الإنقاذ الغربي، وأن أهل دارفور عبروا بكل الوسائل بانحيازهم وباجماع لضرورة توقف العمل المسلح والعنف الدامي في المنطقة، وقمة تعبيرهم كانت في مداولات مؤتمر أهل دارفور الذي انعقد بمدينة الفاشر في سبتمبر الماضي، والذي جاء بلجنة أهل دارفور للاتصال بالحركات المسلحة التي يترأسها السيد صديق آدم عبدالله. لم أكن لحظتها انتظر من اولئك الشباب تجاوباً أو توافقاً أو اطمئناناً تجاهي.. بمثل هذا المدخل الصادم غير المرتب له مسبقاً غير أن هدوءهم العميق واستماعهم باستغراق أعطياني الإحساس بأنهم جادون في الوصول عاجلاً لسلام عادل- كما عبر أحدهم- والتوقع بإضافة مجموعة أخرى لسلام التجزئة لحين توصل لجنة الاتصال لمنهج يحقق السلام الشامل والكامل.. أما الحدث الثاني في موضوعات سلام دارفور هو افتتاح وتدشين السلطة التشريعية الاقليمية بمدينة نيالا، مقر المجلس الاقليمي بحضور السيد النائب الأول علي عثمان محمد طه، والدكتور التجاني سيسي، وعدد من القيادات التنفيذية السياسية والشعبية من الخرطوموالولايات الأخرى، والذي تم فيه اختيار السلطان سعد بحرالدين رئيساً للمجلس، وتم تنصيبه من حصة المؤتمر وفق بروتكول الشراكة بين حركة التحرير والعدالة والمؤتمر الوطني لانفاذ وثيقة الدوحة.. ومن مهام المجلس القيام باستعراض القوانين التي تعزز التنسيق بين الولايات، ويتمتع المجلس بصلاحيات اشرافية وتنظيمية ورقابية الى جانب مهمة اعتماد ميزانية السلطة الاقليمية، ومراقبة الانفاق على الميزانية، ومساءلة السلطة الاقليمية، كما تم اسناد مهمة إعداد الدستور الإقليمي له إذا تم التصويت بالأغلبية لصالح الاقليم في الاستفتاء الشعبي حول الوضع الإداري لدارفورالذي ورد بالوثيقة، لقد جمع المجلس في عضويته الى جانب التحرير والعدالة والمؤتمر الوطني أعضاء من الحركات الموقعة على اتفاقية ابوجا، ومن الحركات المسلحة التي توصلت الى اتفاق مع الحكومة خارج الاتفاقيتين الأساسيتين، وهي الخطوة الثانية لادماج والحاق الحركات العائدة في وثيقة الدوحة، إذ أن الخطوة الأولى كانت افساح بعض المناصب الدستورية التنفيذية والتشريعية لبعض العائدين في السلطة من حصة المؤتمر الوطني، مع الإبقاء على نصيب الحركات الرافضة للدوحة في محاصصة السلطة على المستوى القومي والاقليمي والولائي.. يأتي اكمال وبداية نشاط المجلس الاقليمي خطوة في اتجاة تنفيذ استحقاقات الوثيقة، وبناء الهياكل الإدارية والتنفيذية والإشرافية المشتركة بين الطرفين المسؤولين عن تحقيق النجاح للعملية السلمية في دار فور، والتحدي الكبير الذي يواجه المجلس الاقليمي يكمن في مدى فعاليته ونجاحه في إحكام التنسيق بين المجالس التشريعية الولائية، وبين السلطة الاقليمية وتلافي المماحكة التي ظهرت بوادرها بين بعض الولاة والسلطة في وقت سابق. والحدث الثالث الذي تم في الاسبوع الماضي هي البدايات العملية للجنة الشعبية، التي جاءت من بين توصيات مؤتمر أهل دارفور الذي انعقد بمدينة الفاشر في سبتمبر من العام الماضي، وتكليف السيد رئيس السلطة الاقليمية بتشكيلها، وبالفعل تم تشكيل اللجنة بالقرار رقم 11 الصادر من رئيس السلطة، وتم اسناد رئاستها للسيد صديق آدم عبدالله - ودعة -والجديد في أمر اللجنة بعد اللقاءات التنويرية التي قامت بها مع عدد من القوى والفعاليات والقيادات الداخلية، إنها استطاعت في فترة وجيزة أن تحدث اختراقاً إيجابياً في جانب المهمة الأساسية من مهامها، وهو الاتصال بالحركات المسلحة غير الموقعة على وثيقة الدوحة، وحثها للانضمام الى ركب السلام، وكما نقلت الصحف والأجهزة الإعلامية تصريحات رئيس اللجنة بمقابلته لقيادات الحركات المسلحة الأساسية على مستوى رؤسائها ممثلة في حركة العدل والمساواة ورئيسها الدكتور جبريل ابراهيم، وحركة جيش تحرير السودان، ورئيسها السيد مني اركو.. والحركة الثالثة الكبرى تمثل اللقاء في قياديين كبيرين هما الأستاذ ابوالقاسم إمام والي غرب دارفور السابق، والأستاذ حافظ حمودة من قيادات حركة جيش تحرير السودان رئاسة عبد الواحد نور.وجاءت حيثيات الخبر أن رئيس اللجنة اطلع القيادات التي التقاها خارج السودان على المهمة التي تضطلع بها لجنة الاتصال ومرجعية تكوينها التي تمثل أهل دارفور في مؤتمرهم الذي انعقد بمدينة الفاشر، وما قامت به اللجنة من اتصالات داخلية مع القوى والشخصيات الوطنية والدبلوماسيين الذين يمثلون الدول الكبرى شركاء السلام في دارفور.. وأشار السيد صديق ودعة في تصريحاته الإعلامية الى أن قيادات الحركات أشاروا لبعض الملاحظات والمقترحات التي من شأنها أن تطور عمل اللجنة واستعدادهم للقاءات أخرى. إن النتيجة الأساسية التي كسبتها فكرة اللجنة وفتحت نافذة الأمل في تحقيق أهدافها هي استجابة قيادات الحركات المسلحة الرئيسة في الاستماع والحوار حول أهداف اللجنة ومنهجها، للمساعدة في حل الأزمة وأهمية هذا التطور الإيجابي من خلال الرصد والمتابعة لمشروعات توطين السلام في دارفور تتبين في غياب الثقة بين الحكومة والحركات الرافضة والتربص المتبادل بينهما، إضافة الى التعقيدات الجديدة التي انتجتها تحالفات الحركات مع القوى العسكرية والسياسة السودانية التي تحارب الحكومة في تحالف كاودا، ومشروع الفجر الجديد، هذه التحالفات نقلت حركات دارفور من الحصرية الجهوية الي تبني اطروحات المعارضة القومية في إسقاط النظام وليس الوصول الى حلول مشاكل التهميش الاقليمي. إن على لجنة أهل دارفور أن تستصحب في تحركاتها القادمة أهمية دورها في تجسير العلاقة أولاً بين هذه الحركات، وبين السلطة الاقليمية التي عليها، أن تبادر لاحتلال مساحة فاعلة في وفود التفاوض في منبر الدوحة الى جانب الشريك الآخر وهو المؤتمر الوطني ولله الحمد