دعتنا لجنة المساعي الحميدة للصلح بين قبيلتي الفلايتة «أولاد سرور والمتانين»، وقبيلة المسيرية الزرق «أولاد هيبان» نحن مجموعة إعلاميين لحضور اجتماع تنويري لقيادات المسيرية الزرق ممثلين في اتحادهم، وقيادات الفلايتة ممثلين في مجلس شوراهم للنقاش حول ما تم التوصل إليه من نتائج، وذلك عقب الجولة التي قامت بها اللجنة لمدة «6» أيام في مناطق النزاع. التوقعات لمثل هذه الأجواء أن تكون مشحونة بنقاشات حامية وحادة تقود على الأقل لملاسنات واشتباكات تؤدي لفض الاجتماع والخروج بلا نتائج.. على عكس حدسنا وجدنا طرفي النزاع وقد وصلا لقاعة ديوان الحكم اللامركزي قبل حضور لجنة المساعي والإعلاميين، يجلسون في توافق تام ويديرون نقاشات هادئة فيما بينهم تكاد تكون همساً لا يسمعه المجاور، وهنا يتقافز للذهن سؤال هل ما وقع من أحداث عنف وقتل وسيل للدماء بين هؤلاء بمنطقة الفولة في جنوب كردفان قبل نحو شهر، كان دراما حدثت تفاصيلها في مكان آخر بين أناس آخرين، أم أن هناك من السودانيين من يرتقون ويتسامون فوق الجراح والمرارات والمستحيل من أجل الاستماع لصوت العقل؟.. وقالوا بكلمات سادتها روح المسؤولية الوطنية أتينا من أجل أن نقول الخير وما يدخل القلب ويدفع للأمام. المتنازعون بالأمس، المتوافقون الآن اطلقوا على لجنة المساعي «لجنة كاشا» اصطلاحاً وعرفاناً، وذلك ربما للدور الماكوكي الذي قام به الرجل من أجل جمع أطراف النزاع للجلوس والتحاور والتوصل إلى صلح وهم يقرون ويقدرون دور الأجاويد من الرزيقات في تضميد الجراح وتلطيف الأجواء وتهيئتها. كاشا اعتبر مجرد جلوس المتنازعين للتفاوض يؤكد صدق نواياهم للتوصل إلى صلح سيما وأنه يؤكد أن لا نية مسبقة من الاستهداف وليست هناك مؤامرة أو تخطيط تم له، ووصفه بالصراع الفردي البحت وأن الشيطان نزغ، رافضاً بشدة أي عودة للوراء خلال هذا الاجتماع وعدم التحدث في جذور وأبعاد الواقعة، وقال إن تلك المواضيع قد حسمت في جلسات سابقة انتهت في الجولة الأولى من خارطة الطريق التي وضعتها اللجنة لإنفاذ مهامها وإنهم الآن بصدد الإعداد ليوم الصلح الأخير من خلال مؤتمر الصلح بين أولاد هيبان وأولاد سرور والمتانين بالضعين في يوم 22 فبراير الجاري. كاشا قال إن الجولة بدأت من الدبيبات وكدام مروراً بجبل أبو تولو «جبل الدهب»، ثم لقاوة حيث التقوا بالعجايرة، ذاكراً أنهم وجدوا تعاوناً كبيراً من أطراف النزاع في كل المناطق التي زاروها، بجانب أدوار فاعلة لحكومة الولاية وخيارات بها سهلت مهمة اللجنة. تعهد كاشا بأن تصل لجنته بالقضية إلى نهاياتها وهو الصلح، مؤمناً في ذات الوقت على حقوق المتضررين في الديات والتعويضات وجبر الضرر حتى لا يكون هناك غبن يجدد النزاع، وقال إن هذه القضية لابد أن تحسم عبر القضاء ويقول كلمته فيها سيما أن متهمين ومتورطين في الأحداث تم القبض عليهم. تلا المهندس دانسي عبدالرحيم دانسي رئيس اتحاد المسيرية الزرق وثيقتهم التي أشارت إلى «7» مطالب وهي أن تتحمل الحكومة كامل المسؤولية في معالجة القضية وبأسرع ما يمكن، وإنشاء لجنة تحقيق لمحاسبة من تسبب أو تورط أو ساهم بأي شكل من الأشكال من الأجهزة الرسمية مستغلاً وضعه الوظيفي، والبدء الفوري في تهيئة المناخ لعودة أبناء المسيرية الزرق الذين خرجوا من الفولة قسراً بتوفير الأمن وجبر الضرر، وحفظ حقوق العاملين من أبناء المسيرية الزرق بجميع قطاعات الدولة من مدنيين وعسكريين وتوفيق أوضاعهم في التعليم، والعمل على إيجاد حلول إنسانية عاجلة للمتضررين بما في ذلك توفير خدمات المياه والصحة والتعليم وبسط هيبة الدولة وسلطان القانون، وذلك بالقبض الفوري على المتهمين في كل ما حدث منذ 2011 إلى 2013م، وأخيراً وقف العدائيات وفتح الممرات والطرق لانسياب وعودة الحياة العامة. الفريق عبد الرحمن حسن عمر رئيس مجلس شورى الفلايتة تلا وثيقة عهدهم المطالبة بالالتزام بوقف العدائيات والاقتتال والاحتراب منذ تاريخ الوثيقة 24/1/2013 وإزالة كل مظاهر التجمعات المسلحة داخل المدن أو الطرقات أو الأسواق، ومنع إعاقة حركة المسافرين على الطرق، معلناً استجابتهم لنداء الأطراف الساعية للصلح. الحاضرون طالبوا بحلول غير عالقة في الهواء ونادوا بوجود ضمانات الالتزام بما ورد في الوثيقة والسعي لإعادة اللحمة وإعادة الخارجين منها، وقالوا يتطلب ذلك معالجات من الدولة ومعالجات أخرى تحت مسؤولية المجتمع بما فيه العجايرة والفلايتة والمسيرية الزرق والمجاورون للمنطقة، كما طالبوا بمنح الصلاحيات الكافية للإدارة الأهلية لفض النزاعات مبكراً، وشددوا على إزالة الجهل والأمية احترازاً من عودة الاشتباكات، متعهدين بأن يكونوا على قلب رجل واحد وإزاحة كل من يعرقل الطريق للصلح.