والى أبي لكيلك يرجع الفضل في انتصار السلطنة الزرقاء على الحبشة عام 1744م، ونصبه السلطان بادى حاكماً على كردفان عام 1748م بعد ان كان قد قاد جيش السلطنة الى كردفان (المسبعات) وضمها الى السلطنة في عام 1744م، واعقب ذلك فترة من الاضطرابات والحوادث الجسيمة التى اضعفت السلطنة، فقد تم عزل السلطان بادى اخر السلاطين العظام، وعمت الفوضى. بعد عزل بادى تولى السلطنة نصر بن أبي لكيلك ولكن الاخير عزله ثم قتله، واعقبه اسماعيل عام 1769، ولكن السلطنة الفعلية كانت في يد ابي لكيلك الى ان توفى في العام 1776م، وبعد وفاته تفاقم الاضطراب في السلطنة واصبح السلاطين ألاعيب في ايادي وزرائهم فبلغت السلطنة اقصى درجات ضعفها الى ان قضى عليها الأتراك قضاءً مبرماً في العام 1821م. ولكن بعد سقوط السلطنة استمر ابناء ابي لكيلك حكاماً على جبال الفونج في اعالى النيل الازرق، ومنهم ادريس ود عدلان ود محمد ابو لكيلك (1826-1846م) الذي لم يخضع قط لسلطة الاتراك، وفي حوالى 1826م تمكن حاكم سنار خورشيد بك من التصالح معه فعين رسمياً شيخاً على جبال الفونج ومركزه (قولي). والآن يبرز سوال عن معنى كلمة (الهمج) التى التصقت بوزراء سلاطين السلطنة الزرقاء، ونجيب بأن اصل هؤلاء الوزراء هو مثله مثل اصل السلاطين الفونج في الغموض، ولا يفصح التاريخ عن ذلك بقول فصل وقاطع، ويبدو ان تلك الحقبة من تاريخ السودان قد شهدت تداخلاً وربما تمازجاً إثنياً بحيث اضطربت الأصول الإثنية، خاصة في ندرة التدوين واضراب النقل الشفاهي، ولكن ربما يميل كثير من المؤرخين الى ترجيح الرواية التى تقول ان اصل الهمج يعود الى مملكة سوبا المسيحية، وهى المملكة التى قضى عليها تحالف عمارة دنقس زعيم الفونج وعبد الله جماع زعيم عرب القواسمة (العبدلاب)، وكان القضاء عليها أمثولة دخلت الأدب السوداني الشعبي باسم (خراب سوبا) كنموذج للخراب الشامل. وتمضي الرواية الى القول بأن الكثير من سكان هذه المملكة المنكوبة قد هربوا الى جبال الفونج المنيعة للاحتماء بها، وصار سكان مملكة الفونج الناشئة يطلقون عليهم اسم (الهمج) على سبيل الزراية، وان كان البعض يقولون ان النطق الصحيح لحرف الجيم هو بذات نطق الجيم القاهرية في العاصمة المصرية العربية، وبذلك تنتفي مسألة الزراية المشار اليها . وعلى كل فان ما هو واضح يؤكد ان الهمج استطاعوا تقلد الوزارة في السلطنة الزرقاء، بل واستطاعوا ان يكونوا هم الحكام الفعليون، وان عصرهم الذهبي تجسد في عهد تولى محمد ابو لكيلك للوزارة في عهد السلطان بادي ابو شلوخ.