الأستاذة الفضلى فدوى موسى أشاطرك الفجيعة والوجيعة والعاصرة التي تفري الأكباد والقلوب وأنت يغمرك الأسف، وتقولين «المعلمون... لا إعارة» بسبب ما قام بارتكابه من دخلوا مهنة التربية والتعليم دون حق، فأساءوا للتعليم ولسمعة المعلم صاحب المهنة الأصيل وجرم جره سفهاء قوم وحل بغير جارمه العذاب أملي أن يسع سياجك الحزن الذي نشاركك به، والرأي الذي أوردتيه هادفين بإذن الله لتضافر كل الجهود لاصلاح الأسباب ومسببات الأسباب لمزيد من اصلاح التعليم، وفيض من الاهتمام بالمعلم، وحرص شديد على نقاء المهنة وسمعة شرفائها. أولاً: لولا قدسية المهنة وجلال رسالة المعلم- الذي هو أحد ورثة الأنبياء- لمرت الأحداث مرور الكرام، شأنها شأن اي ممارسات سالبة لأشخاص في أي مهنة أخرى مهما كانت أهميتها في حياتنا الاجتماعية، لهذا من هنا كانت الطامة الكبرى، لأن ما حدث لا يدين أو يشين الفاعل وحده، وإنما يؤذي المهنة وأهلها، وهذه هي الفتنة بعينها التي نهى عنها المولى عز وجل: «وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» الأنفال 25 ثانيا:ً أوافقك الرأي لنعمل جميعاً لتعود صورة المعلم في إطارها المرجو، ولو أن العبارة تكون أنسب لو قلنا، لتظل صورة المعلم في إطارها المعهود رغم ضآلة الاهتزاز، فالمعلم كان وما زال في أبهى الصور وأجمل الأطر، ولكن المهنة ارتادها بعض الذين جعلوا من العمل بالتدريس محطة لعمل مؤقت، حتى يظفروا بالأحسن أو بالذي يتناسب مع مؤهلاتهم الدراسية، فهؤلاء لا يعتبرون أنفسهم معلمين، بل مدرسين يمارسون المهنة ولا فرق عندهم بينها وبين أي عمل يمكن أن يكون فرصتهم، ما دام القضية عندهم المرتب، وسمهم باسم المهنة التي يمارسونها، لذلك لا علاقة لهؤلاء بالانتماء للمؤسسة التعليمية، ولا رغبة عندهم ليعرفوا أهداف هذه المهنة، وقد يكونوا غير مؤهلين تربوياً لممارستها، كما أظهرت الأحداث وكما أفرزت لنا ذلك المتهاون الذي يتبادل مع تلاميذ أو طلاب المدرسة السفة والسيجارة، ويشاركهم في مشاغلة البنات، وسلوك بما يسمى بلغة العصر «التحرش»، من أمثال حمادة وعدولي أما معلم زمان الذي اعتبرته صارما وإرهابياً يفر التلاميذ من أمامه، فأنت متعك الله بالصحة والعافية لو كنت في ذلك الزمان لأدركت المفهوم التربوي عند أولئك الصبية، الذين يتجنبون رؤية أستاذهم لهم، ولا أقول الفارين لأننا نحن معلمو ذلك الزمان نستوعب مغزى ذلك التصرف، فتلاميذ الأولية والأوسط كانوا حريصين ألا يراهم معلمهم يلعبون في التراب، أو أثناء الامتحانات أو وقت المذاكرة، أو بعد المغيب ليأتي المعلم في الصباح ليتحدث عمن قابلهم، والصورة التي كانت عليها، وبالتالي فالمفهوم كان تربوياً ويعني أن كل تلميذ يرغب في أن يكون صورة حسنة أمام معلمه، أنه الاحترام وليس الإرهاب أما بالنسبة للمرحلة الثانوية، فالصورة أكثر جمالاً واشراقاً لأن مجتمع المدرسة كان بيئة صالحة لإعداد المواطن الصالح، كان هناك ما يسمى (Assembly) «تجمع الفصول في طابور» السبت يخاطبه مدير المدرسة متحدثاً عن اشراقات واخفاقات الأسبوع المنصرم، وما تم فيه من مكافآت تكريم الجمعية التي برز نشاطها وأوائل الفترات أو عقوبات، كالفصل لمدة خمسة عشر يوماً لمن عثر عليه يدخن(Suspension for fifteen days) هذا مع وجود علائق الاحترام بين المعلم وتلاميذه، حتى بعد مفارقتهم الدراسة، وتقلدهم أرفع المناصب ولا مجال للقصص هنا. ونواصل.. أ عوض أحمد- معلم بالمعاش رئيس المنظمة السودانية الإعلامية لحماية المجتمع