الحديث عن الفساد وإقرارات الذمة لا زال يتصدر العناوين البارزة للصحف والحكومة تلوح بإجراءات صارمة تشمل الوزراء والولاة بالولايات وكل من تحوم حوله شبهة الثراء الحرام.. لكن المراقبين يرون أنه لم تنزل هذه القوانين إلى أرض الواقع وأن الفساد لا زال ينخر في عظم الدولة بحسب تعبير الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة المعارض الذي علق على حديث النظام عن إقرارات الذمة وتكوين آلية إبراء ذمة بالقول (إبراء ذمة بعد ما خربت مالطا) و(حدث الذي حدث).. وأشار المهدي إلى أن هذا لن يحل المشكلة.. بل يقوي نبرة الهجوم على مفاسد النظام ولكن هل شعر النظام حقاً بخطورة ملف الفساد على استقرار النظام وحشد تأييد الشارع وكسب ثقة المواطن؟!.. أم أنه سيناريو مُعد من باب (التخدير) و(المسكنات)؟! خاصة بعد أن فشلت آلية أبو قناية على مدار عام من تحقيق أي إنجازات وأكدت المعارضة أن حديث وزير العدل عن إجراءات وخطوات لمحاربة الفساد يأتي من باب الاستهلاك الإعلامي ووصفه بالحقنة المخدرة. وقال الأستاذ كمال عمر عبد السلام الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي إن النظام ظل يعزف على وتر محاربة الفساد ولكنه عجز عن تطبيقه على أرض الواقع.. واستشهد عمر لحديثه بآلية أبو قناية التي برغم تقارير المراجع العام التي بحوزتها لم تستطع أن تحرك ساكناً.. وأرجع ذلك لأن أزمة الفساد مرتبطة بالحصانات التي يتمتع بها من أكبر إلى أصغر عضو في المؤتمر الوطني على حد قول عمر.. الذي أضاف بالقول إن هذا الحديث أصبح للاستهلاك السياسي والقانوني.. مشيراً إلى أن ملف الفساد (الفاتح) على حد وصف كمال عمر.. سيصبح من أهم الأسباب التي ستقصم ظهر النظام.. وأشار عمر إلى أن النظام كان جاداً في محاربة الفساد فلماذا يستخدم هذه الخطوات (الطويلة) برغم أن مظاهره تبدو واضحة في كل منسوبي السلطات على حد قول عمر.. الذي أضاف بالقول العمارات والسيارات ومثنى وثلاث ورباع كلها تمثل شاهداً على الفساد.. مشيراً إلى أن النظام يمكن أن يصل بأقصر الطرق لمحاسبة وقطع رأس الفساد وذلك من خلال رفع الحصانات والتي تشكل حجر العثرة في محاسبة منسوبي السلطة ودستوريين وغيرهم.. وقال عمر إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن لديه حصانة.. وأكدت المعارضة أن وزيرالعدل يتحدث بهذه اللغة وفقاً لسيناريو أعدته له الحكومة.. وراهن الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي المعارض على أن الحكومة إذا شكلت لجنة محايدة من أشخاص خارج الحزب الحاكم فإنه لن يبقى أحد من منسوبي الحكومة خارج السجن. أكد د. الفاتح عز الدين رئيس لجنة العمل والحسبة بالبرلمان مسؤول ملف الفساد.. أن السودان متقدم على المستوى العربي والأفريقي على حد سواء.. قائمة الدول التي تتمتع بقوانين وتشريعات لمكافحة جرائم الفساد والثراء الحرام.. وقال الفاتح إن قانون الثراء الحرام كان موجوداً منذ 1989 وما حدث هو أنه تم تجديده في هذا الوقت وأن المساءلة والشفافية هي من القضايا ذات الأولوية بالنسبة للحكومة منذ ذلك الوقت.. وأضاف بالقول إن الحديث عن إقرارات الذمة ليس بالجديد ولكنه طفا الآن على السطح وبرز نسبة لأن السودان في ذلك الوقت لم تكن به موارد مالية وقد كانت موارده شحيحة.. واصفاً ذلك الوقت بفترة الحاجة الماسة ولكن بعد استخراج البترول في عام 2005م أصبح الحديث عن ظاهرة الفساد والشفافية مطولاً على حد قول الفاتح الذي أشار إلى أن هذا الأمر لا يقتصر على السودان.. بل إنه موجود على المستوى العربي والأفريقي.. وقال الفاتح إن المحاسبة لمنسوبي النظام وكل من تثبت إدانته في أي من الجرائم متوفرة بشكل كبير وقوي في السودان.. مستشهداً لذلك (بالمحافظ) الذي تمت محاكمته بتهمة الاعتداء على المال العام وأن المحاسبة لمنسوبي النظام لم تقتصر على ملفات الفساد بل الجرائم السياسية والجنائية تمت المحاسبة فيها ووصلت لدرجة إعدام أشخاص محسوبين على النظام على حد تعبير الفاتح.. الذي أكد أن القضاء السوداني مستقل وراشد ومستويات التقاضي فيه من الابتدائية إلى الدستورية تشير إلى تحقق العدالة على مراحل.. واستشهد الفاتح لذلك بأنه من قبل شطبت محكمة الاستئناف إجراءات لهم في مواجهة جهة معينة وبعد أن تقدموا باستئناف للمحكمة الدستورية ليعود الحكم في صالحهم مرة أخرى.. وقطع الفاتح بأن كل قضايا الفساد والملفات بحوزتهم قد أخذت طريقها إلى النيابة وأن كل الملفات لدى المراجع القومي ليس بها لبس أو غموض.. وقد أخذت هي الأخرى طريقها إلى النيابة العامة.. مشيراً إلى أنه في بعض الحالات قد تكون بينة إدانة الشخص ابتدائية ويأتي الشخص ليكشف أنه صرف الأموال في اتجاه معين فيشطب البلاغ.. وأيضاً من الممكن أن يعترف الشخص بأخذه المال ويتحلل منه أو يذهب للقضاء كما حدث في قضايا مثل هيئة الأوقاف وغيرها من القضايا أمام المحاكم.. وأكد الفاتح أن لجانهم تعمل في القضايا بأثر رجعي حتى لا تصبح محل جدل وتساؤل عن أهمية ذلك بعد هذا الوقت. وكشف الفاتح عز الدين عن إجراءات وكنترول على حد قوله.. للمراجعة الداخلية للتبليغ عن أي مخالفة لحظة وقوعها.. وقال أخبرناهم بأن لا ينظروا حتى نهاية العام. وأضاف الفاتح بالقول الآن الممارسة في الجهاز التنفيذي والأداء نظيف بشهادة ومعايير الدنيا.. مشيراً إلى أن الإجراءات المالية داخل المؤسسات تمر بإجراءات طويلة مما جعل التواطؤ على الفساد صعباً. وقال الفاتح لا نحمي أحداً والحصانة توفر الحماية للشخص في إطار مهامه ووظيفته ولكنها لا تمثل حماية للمسؤولين وأصحابها من القتل أو السرقة والإساءة لشخص.. وأنه في هذه الأحوال ترفع الحصانة لذلك فإنها لا تشكل عقبة في وجه مساءلة أي من يثبت تورطه في اعتداء على المال العام.