لا صوت يعلو الأن في كل البيوت السودانية فوق صوت الامتحانات.. الأباء والأمهات في قلق وتوتر والأولاد والبنات في خوف من الاهتمام الزائد.. وعن إصرار الأمهات والأباء في مذاكرة الأولاد قالت الكاتبة الشابة هناء إبراهيم إنها تعرف أماً كان ولدا قاعد يذاكر تقول ليهو قوم ياولد ذاكر.. للإمتحان سطوته وأذكر عندما كنا في الجامعة كان صديقنا الشاعر الفيلسوف التجاني سعيد يصنع شعاراً مؤداه: أدخل الإمتحان كأنك داخل الحمام.. أي بسط الأمور ولا تزيد حجم القلق فيضعف ذلك قدراتك على الإستيعاب . لاحظت إن كل البيوت تعد للطلاب الممتحنين ترامس الشاي والقهوه مع إنهما لاتتناسبان مع جو الإمتحان لاحتوائهما على مادة(الكافيين) التي تسبب القلق والتوتر ومن ثم الأجهاد.. يكفي الطالب والطالبة كوباً من الشاي المخفف بالحليب ليستعيد نشاطه.. وأعتقد إن استبدال الشاي والقهوة بالعصائر مثل عصير الليمون والبرتقال.. أفيد.. كما إن بعض أولياء الأمور يتخمون الطالب ويجبرونه على أكل أطعمة تزيد قلقه قلقاً.. فينبغى أن لا (نعلفه) بما نراه مناسباً من طعام.. تكفي وجبة خفيفة لكن مغذية للطالب.. لاحظت أيضاً إن بعض الأسر تحرم على الأبناء ممارسة اللعب فكل الوقت للمذاكرة.. ويجب أن يعمد الطالب إلى رياضة تجدد نشاطه.. أيضاً لاحظت أن الأباء والأمهات يفرحون بسهر الأبناء للمذاكرة وذلك على حساب النوم.. وإذا لم ينل الطالب كفايته من النوم فإن ذلك يؤثر على ذاكرته ونشاطها.. ومن الدراسات الفيسلوجية في دول العالم التي تهتم بالتعليم والتعلم تبين إن خلايا المخ تحتاج إلى ما لايقل عن ست ساعات كاملة من النوم المتواصل حتى تستطيع تلك الخلايا أن تستعيد قدرتها الكاملة على العمل من حيث الفهم وقوة تثبيت المعلومات في الذَّاكرة.. ومن طرائف الإمتحانات في المرحلة الجامعية إن بعض الطلاب وخاصة الطالبات(تحفظ صم) وبطريقةٍ آلية.. واثناء الإمتحانات لاحظنا إن طالبه تستغرق في الكتابة ثم ترفع رأسها وتهزه إلى اليمين وتواصل ولما سألناها عن سر هذه الحركة أجابت ببساطة مابكون بقلب الصفحة.. يعني إنها تحفظ الكتاب كله وتعرف نهاية الصفحات، وهذه قدرة فائقة على الحفظ وربما مضارها أكثر من نفعها.. أيضاً لاحظت ولع بعض الأباء والأمهات بمتابعة (الاسبوتنق) وللمدرسين تفنن فيه.. فيهرعون إلى استجلاب(اسبوتنق) أستاذ فلان الذي ضرب السنة الماضية.. وأسبوتنق ست فلانة الذي لا يخيب على الإطلاق.. أذكر أننا عندما كنا في المرحلة الثانوية سمعنا إن الأستاذ محي الدين فارس (عليه رحمة الله) كان في كل عام يعمل (إسبوتنق) ويضرب ولم يحدث أن خاب.. وعندما مرت الأيام والتقيت به وهو الشاعر الكبير سألته عن سر (اسبوتنقه) الذي لا يخيب ففاجأني بأنه لم يعمل اسبوتنق على الإطلاق وإنه فقط يراجع كل دروس اللغة العربية مراجعة شاملة ويقترح الأسئلة التي تجيء كثيراً في الإمتحانات السابقة ويحلها.. لذلك لابد أن بعضاً من مراجعاته يجيء في الامتحان.. عموماً الامتحان يكرم فيه المرء وينبغي أن لا يهان! وذلك بسبب أن المشكلة الكبرى في الأباء والأمهات الذين يضعون سقفاً للطموح أكبر من قدرات الأبناء أو لايتماشى مع رغباتهم وميولهم فكلهم يريدون أن يدرس الإبن في كليات الطب والهندسة!