في وقت تتجه فيه الأنظار إلى كثير من القضايا السياسية وذات الصلة بها، تظل ولاية البحر الأحمر بعيدة عن كل ما يشغلها بأمر التنمية، وتتوثب لمستقبلها لتكون انموذجاً للولايات الأخرى في مسابقة تحقيق الذات، لتنقل ولاية «ادروب» إلى مقصد سياحي أول.. يقول الوالي محمد طاهر إيلا إن الفضل في ما وصلت إليه ولايته يرجع إلى القطاع الخاص ورجال الأعمال عبر شراكة استراتيجية مدروسة لتتمكن الولاية من تحقيق إنجازات عدة. وعلى خلفية هذه الشراكة جاء اجتماع الأمانة العامة الأول لمنطقة البحر الأحمر الحرة، واتحاد عام أصحاب العمل السوداني بالخرطوم، لمناقشة الخطوات المهمة لتنفيذ قرار رئيس الجمهورية الذي يجعل الولاية منطقة حرة.. ما بين الأمل والتحدي يبقى الهدف رهن التنفيذ، ريثما يتم اعتماد دراسة علمية للفكرة مع استصطحاب تجارب مناطق حرة في المنطقة، وصولاً إلى منطقة حرة تكون ولاية البحر الأحمر مقصداً لكل الاستثمارات الصناعية والتجارية، مع وضع الاعتبار للمسألة كونها قومية في المقام الأول.. الوالي إيلا ركز في حديثه مع اتحاد أصحاب العمل السوداني على أهمية إجراء دراسة عمل، ترعى كل الجوانب المتعلقة بتنفيذ المشروع، منوهاً الى أن رجال الأعمال هم رسل لجلب الاستثمارات.. مشيراً إلى أن الولاية هي الأنسب في قيام المشروع.. إلى جانب أن المنطقة ستكون منطلقاً حقيقياً لاتفاقيات الكوميسا، والسوق العربية المشتركة، والتجارة الدولية، ومواكبة التطور في الأسواق الحرة.. معتبراً أن المشروع علاج جذري لكثير من القضايا الاقتصادية، وطالب إيلا وسائل الإعلام المختلفة بلعب دور محوري في إنفاذ المشروع الحيوي، والاستفادة منه في حشد الطاقات التي تدفع بتنفيذ مشروع منطقة البحر الأحمر الحرة. الخبير الاقتصادي عبد الرحيم حمدي بدوره قال خلال الاجتماع الأول لولاية البحر الأحمر واتحاد عام أصحاب العمل.. إن «دبي» مدينة صغيرة استطاعت أن تكون مثالاً حياً للسوق الحرة في الشرق الأوسط، وقيامها جاء بدعم جهات غربية أرادت محاربة تقدم نشاط «هونغ كونغ»، مشيراً إلى أن السودان يستطيع أن يخلق أسواقاً حرة في كل من بورتسودان ونيالا، كلٌ في مجاله بحسب البيئة والثروة المنتجة.. منوهاً إلى أن مشروع البحر الأحمر يسير وفق نسق مع الفكرة ذاتها. وتطرق إلى فشل الفكرة التي لم تكن وليدة اليوم لأسباب لخصها في عدم وجود تصور كبير وواضح في ذاك الوقت، وثمن قيام أمانة تدرس المشروع برمته، مطالباً بضرورة حل مشكلة الكهرباء والمياه حلاً جذرياً لنجاح المشروع، نافياً أن تكون الولاية بأكملها منطقة حرة لوجود مناطق ومنشآت عسكرية، وأوضح حمدي أن الإمارات استثمرت «800» مليون دولار في المنطقة الحرة في جيبوتي.. بينما يعتبر ميناء الترانزيت بجدة من أفضل موانيء الترانزيت، مؤكداً أن تجارة السودان اعتمادها على الاستيراد.. وقال حمدي إن اثيوبيا لم تفعل شيئاً في المرسى البحري المخصص لها، إذ اعتمادها الأول يظل على ميناء جيبوتي، كذلك مع افريقيا الوسطى، وتطرق إلى نماذج ناجحة لأسواق حرة مثل ميناء طنجة الحر في المغرب، وعدد إمكانية أسواق حرة في بورتسودان وأركويت وشلاتين وحلايب كلٌ في مجاله. السفير مامون من جهته رأى أن قيام المشروع فقط في تفاصيله عقب صدور قرار الرئيس بقيام منطقة البحر الأحمر الحرة.. مطالباً بضرورة كوادر عمالية متدربة، والعمل على ترويج جيد للمنطقة عبر شركات الولاية، مع جهات اقتصادية والاستفادة من مميزات الولاية. الخبير الاقتصادي جلال عباس أشار في مداخلته خلال النقاش حول المشروع الكبير إلى صعوبة أن تكون البحر الأحمر منطقة حرة بكاملها، وقال إن الساحل من سواكن إلى حدود مصر يمكن أن يكون سوقاً حرة ناجحة.. منوهاً إلى عدم وجود مرافيء متطورة، متطرقاً إلى ظروف الأمن والاستقرار التي تتمتع بها الولاية في استفادة اثيوبيا من التجارة مع السودان بشكل أفضل، وقال يمكن دمج هيئة الجمارك وهيئة الموانيء البحرية لتصبح جهازاً واحداً، يختصر الكثير من المنصرفات والعمل الإداري، وإنشاء خدمة متقدمة عبر ما يسمى ب«Single Window» النافذة الواحدة، وطالب إيلا أن يتمسك بقرار الرئيس نسبة لتضارب المصالح، وعدم وجود تصاديق من الجهات المعنية حتى اللحظة، وإمكانية هزم المبادرات عبر العصبية المهنية. هذا في الأغلب.. كما يظل الشيطان متربصاً في التفاصيل. التشريعات أكبر عقبة ومشكلة تواجه قيام المشروع.. قالها خبير البنوك عبد الخالق السماني محذراً من البيروقراطية التي تقتل مشاريع مماثلة، مطالباً التحلل الكامل من البيروقراطية إذا ما أريد لمشروع منطقة البحر الأحمر من قيام على أرض الواقع، ونوه إلى أهمية إعداد جدوى اقتصادية عبر شركات أجنبية.. وقال لولا تدخل بعض الدول المجاورة لكان دورنا في الكوميسا أفضل حالاً. عضو المجلس الوطني حسب الله صالح، نوه إلى أهمية وجود منهج إداري واشراك أصحاب المصلحة الحقيقيين، لما يراد القيام به والاستفادة من الدعم السياسي من رأس الدولة، بينما استنكرت ماجدة سيد أحمد العضو بالمجلس الوطني الاهتمام المتزايد بمنطقة «قري»، التي رأت أن منطقة البحر الأحمر لو وجدت ذات الاهتمام لكانت النتائج أفضل مما حققته منطقة «قري» الحرة. (صالح مندر) ممثل نقابات عمال البحر الأحمر حث الجميع بالانطلاق دون الالتفات إلى الوراء، وثمن قيام أمانة عامة للمشروع.. كما امتدح «أمين النفيدي» التفاعل الكبير بين ولاية البحر الأحمر والاتحاد العام لأصحاب العمل السوداني، وأكد أن إعداد دراسة للمشروع من شأنه أن يدفع بالمشروع إلى الأمام. هذا ومن المقرر أن يُعقد اجتماع آخر موسع في الرابع عشر من الشهر الجاري بقاعة الصداقة، يناقش ذات الموضوع بواسطة خبراء اقتصاديين.. ودعا محمد طاهر إيلا الدول الشقيقة والصديقة إلى دعم المشروع، مثمناً نتائج الاجتماع الأول للأمانة العامة لمنطقة البحر الأحمر الحرة واتحاد عام أصحاب العمل السوداني.