كان ل(آخر لحظة) لقاء بالدكتور عبد الرحمن علي محمد مدير الهيئة العامة للآثار والمتاحف للحديث حول الاكتشاف الأثري بشارع الجمهورية مؤخرا،ً وعن آخر التنقيب الأثري بالسودان.. ولم يَخْل الحديث من الجوانب الاخرى من حياته الاجتماعية والموسيقى والغناء والرحلات والرياضة ممارسة وتشجيعاً.. معاً نطالع إفادات د. عبد الرحمن علي.. عبد الرحمن علي محمد رحمه من مواليد مدينة كتم بشمال دارفور، ودرست مراحلي التعليمية حتى الثانوي بدارفور، ثم جامعة جوبا ، وتخرجت من كلية الموارد الطبيعية والدراسات البيئية تخصص جيولوجيا في 8891 ثم في 98 عملت معلماً للرياضيات والفيزياء بمدرسة كرري الثانوية للبنات، ثم عينت مساعد ضابط آثار بالهيئة القومية للآثار والمتاحف في يوليو 98 وبعد ذلك تدرجت في السلم التوظيفي حتى نائب أمين أمانة الآثار ثم أمين أمانة المتاحف، ومؤخراً في يوليو 2102 تم تعييني مدير عام لهيئة الآثار والمتاحف. وكنت قد حصلت على الماجستير والدكتوراة من جامعة شارل ديجول بفرنسا ومؤخراً منحت من قبل الحكومة الفرنسية وسام العلم والمعرفة «التميز العلمي» وذلك لتخرجي بدرجة إمتياز مع تهنئة لجنة الممتحنين، وقد عملت عدداً من الأبحاث الأثرية ونشرت في دوريات يومية، كما شاركت في عدة مؤتمرات عالمية. الاكتشاف الأثري بشارع الجمهورية «آخر لحظة» كان لها السبق ومشكورة في حسها بأهمية الآثار فهي من أعلمتني بالموقع، ولحسن الطالع كنت بالقرب من الموقع وقمت بزيارته، ووجهت شرطة السياحة بحمايته حتى تتم الاختبارات الأثرية اللازمة لمعرفة هوية الأثر وبالتنسيق مع وزارة التنمية البشرية والآثار بولاية الخرطوم ثم تشكيل لجنة مشتركة للعمل، ورافقنا وزير التنمية البشرية والآثار، ومدير السياحة والآثار بالولاية ووقفنا على ترتيبات العمل والآن العمل يسير بصورة طيبة حيث تم اكتشاف غرفة مبنية في شكل قبو، ولها مدخلاً من الناحية الغربية وهي مبنية من الطوب الأحمر، ووجدت بداخلها بعض قطع الفخار والسراميك الحديث، والآن تتواصل الحفريات للوصول الى قاع الموقع حتى نكون فكرة عن تاريخه، ولكن بصفة عامة هو من ضمن المعالم التاريخية لمدينة الخرطوم التي تأسست منذ العهد التركي وهذا يقودنا كأول بداية لدراسة آثار المدن الحديثة والتي كانت تتميز بنمط معماري يميز تلك الفترة، وبما أنها تجاوزت المائة عام لابد من توثيقها توثيقاً تاماً وتحديد عمرها وهذا يساعد في كتابة تاريخ السودان الحديث والأبحاث ويجعلنا ايضاً في إطار الحفاظ على الآثار لابد من التنسيق بين الهيئة وبين كل الذين لديهم علاقة باستخدام الاراضي، وفي حالة ظهور مثل هذه الشواهد إخطارنا لأنه لابد من المحافظة عليها فنحن نوثق ولا نقف عقبة في طريق الاستثمار والمباني، ونأمل فقط في المحافظة على الآثار. آخر الاكتشافات الأثرية في السودان هو ما قامت به البعثة المشتركة بين الهيئة، وجامعة ماتشجن الامريكية وجامعة دنقلا حيث اكتشف الفريق العامل معبد جنائزي منحوت على الصخر في منطقة «الكرو» وذلك باستخدام الطرق الجيوفيزيائية والجدير بالذكر ان هذا المعبد اكتشفه العالم الامريكي جورج اندرو رايزنر قبل قرن من الزمان، ولكن اندثرت معالمه بفعل الظروف الطبيعية. واشار اليه الدكتور علي قسم السيد في بحثه والمعبد مرتبط بالجبانة الملكية فهي المقبرة الملكية للحكام المحليين الذين حكموا كوش في القرن التاسع الميلادي ومن ثم تطور حكمهم الى امبراطورية في 057 قبل الميلاد، وامتدت حدود الامبراطورية الى البحر الابيض المتوسط ،وكانوا يعرفون بملوك الاسرة 52 واشهرهم بعانخي وترهاقا، والمعبد اضافة حقيقية لآثار منطقة جبال البركل ويمكن ترميمه ليصبح متحفاً للزوار ويساهم في تطوير السياحة بالمنطقة. نعم تتم المشاركة في البحث عن الآثار في اطار التعاون العالمي تعمل مع الهيئة حوالي أربعين بعثة عالمية ووطنية، وذلك وفقاً لقانون حماية الآثار للبحث والتنقيب عن الآثار، وكتابة تاريخ السودان الدافع وراء إتجاهي لهذا المجال هو عندما تم تعييني في مصلحة الآثار كنت زنوي العمل كجيلوجي، ولكن بمرور الزمن تبين لي انه لابد ان أدرس وأتعلم علم الآثار لأنه علم شيق ويوسع من مدارك المعرفة لذلك أحببته جداً وهو علم تتكامل فيه كل العلوم الإنسانية ،وهو علم يقوي إيمان الذي يعمل فيه، لذلك فإن علماء الآثار يعتبرون من أهل الذكر لقوله تعالى «أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشدَّ منهم قوة واثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون» كما انني ايضاً سعيت في التحضير للربط بين الجيولوجيا والآثار. أنا معجب بالموسيقى واستمع للموسيقى الكلاسيكية القديمة كما أنني أستمع لحمد الريح وأسرار بابكر ونانسي عجاج. أمارس رياضة المشي وتنس الطاولة ومريخابي غير متعصب. ملاذات آمنة أهرب إليها في وقت الضيق هي الذكر والإستغفار. أجمل المناطق كُتُم ذات الهواء الطلق، وأجمل المدن داخلياً بورتسودان فهي مدينة متميزة، وايضاً الخرطوم، وعروس الرمال الأبيض، أما خارجياً فأجمل المدن هي مونتكارلو وليل شمال فرنسا.