برغم الإرهاق البادي على الجميع من عمل اليوم الطويل وأثار الصيام والقيام وإنعقاد اللقاء عقب مجهود أداء التراويح، إلا أن صالون الصحيفة الذي أستضاف والي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر وما دار فيه من حديث مع قيادات وكتاب الرأي بصحيفتنا قد طرد عن عيوننا النعاس، وجعل العصف الذهني حياً وقوياً في الحوار الصريح والشفيف الذي دار حول هموم مواطني ولاية الخرطوم، والذي أتفق قبله رئيس التحرير الأستاذ مصطفى أبو العزائم والمدير المالي والإداري للصحيفة الأستاذ علي فقيرى مع الوالي على أن يكون حول البصات الجديدة ومدى تأثر الحافلات بها وإرتفاع تعريفتها؛ إلا أنني عندما منحني رئيس الصالون والجلسة الأستاذ أبو العزائم فرصة الحديث عقب الأستاذ طه النعمان ود. هاشم الجاز قلت أن الفرصة يجب أن نغتنمها في هذا الصالون لنتحدث عن هموم أخرى للمواطن بجانب البصات وأسعارها المرتفعة، وتحدثت عن معاناة المواطن الحياتية في الخرطوم، وإرتفاع أسعار الضروريات والتي بلغت حداً غير محتمل- للدرجة التي صار فيها أي مرتب مهما كبر ليس بوسعه أن يمنع السوق من أن يمد له لسانه ساخراً- في ظل سياسة التحرير التي حررت السوق ليستعمر المواطن، وقلت في اللقاء الصريح أنني كنت أتوقع أن يوقف مجلس وزراء الخرطوم كل شئ ويتفرغ لإعادة السوق إلى جادته لصالح مواطن الخرطوم، الذي صار أغلبه يتفرج على كثير من السلع بعيونه، ووصل الحد بكثيرمن المواطنين الى شراء بعض السلع بالملعقة، وما دعاني لأن أبدأ بالحديث أمام الوالي عن معاناة الناس ما نعيشه كل يوم نحن من مفاجات زيادة السلع باستمرار، وعندما قلت في اللقاء إن كيلو اللحم البقري وصل (20) ألف جنيه بالقديم تدخل الأستاذ أبو العزائم ليصححني بقوله (22) ألف جنيه اليوم، وقد تذكرت بتصحيح أبو العزائم أنني دخلت قبل أيام إحدى البقالات ودخل معي مندوب إحدى شركات اللحوم ليقول لصاحب المحل الليلة السجوك زاد (3) ألف جنيه، وهكذا السلع فإنها عندما ننام ليلاً تفاجأنا بإرتفاعها صباحاً، وبدخول أي مندوب شركة معلناً الزيادة بلا ضابط أو رابط أو مانع، في ظل سياسة التحرير التي جعلت التفاح القادم من الخارج أرخص من الطماطم في الخرطوم، والتي كانت في السابق الطعام الذي تربي عليه كثير من الفقراء، ليجعل إرتفاع الأسعار أي متسول لا ينشرح عندما يمنح (100) جنيه، بحكم أنها لا تأتي له بشئ في بلدنا التي أشار تقرير أن أحياء عريقة بالخرطوم أرتفع فقراؤها إلى النصف، ولا ندري كيف حال الأطراف، وما سعدت له في اللقاء الذي ساتناول غداً بقية ما ذكرته ودوافعه، أن والي الخرطوم قد رحب بمقترح أبو العزائم بأن تكون هناك وزارة للطعام، أختار لها الوالي أسم وزارة الاقتصاد وشؤون المستهلك، وأعجبني فيه أنه لم يكابر كما كان يفعل المتعافي عندما سئل أيامه عن الفقر في الخرطوم ومعالجته، فقال إن معالجات الفقر عندي أن أنشئ طريق مسفلتاً أمام منازل الفقراء ليرفع من أسعارها، ويمكنهم من الاستفادة من ذلك، ولا ندري قيمة إرتفاع سعر المنزل لإنسان لا يأكل، ولا يتعالج، ولا يعلم أبناءه ويكسوهم.. كما سعدت بالاضافات التي تحدث عنها بعدي الأستاذ الرائع مؤمن الغالي في هذا الجانب عن معاناة الناس بأسلوبه الشيق ومطالبته بإدخال جرعة إشتراكية، وتدخل الحكومة أسوة بما يحدث في دول التحرير العظمى مثل أمريكا.. عموماً أن فائدة اللقاء كانت في أنه لم يكن مؤتمراً صحفياً يتحدث فيه الوالي ونستمع، ولم يكن مؤتمراً نسأل فيه نحن ويجيب فيه هو، وإنما كان ملتقى تفاكرياً حقيقياً كان فيه الرأي السديد يجد الاستحسان والتأييد الذي نتوقع أن يكون له ما بعده في مسيرة حكومة الولاية، وغداً نواصل الحديث عن اللقاء الذي أنتهى عقب الثانية فجراً دون أن نحس بنعاس أو نشعر بالملل خلاله، وأخيراً أقول إن فكرة الصالون المتنقل التي سنتها إدارة الصحيفة يجب أن تستمر، خاصة فيما يتعلق بهموم المواطن الغلبان الذي قلت للوالي عنه إن من يريد أن يحكمه يجب أن يخاطب بطنه أولاً.