في صالون آخر لحظة الذي استضاف قيل أيام والي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر والذي استمر حتى الساعات الأولى من الصباح دون أن نحس بملل .. بسرعة مضى الوقت ودون أن يتسرب إلينا النعاس. كان ظريف الصالون الأول هو الأستاذ مؤمن الغالي الذي لا يخفي اختلافه مع الحكومة والذي عندما سنحت له الفرصة في الصالون للحديث قال «إنني لا ألبي أية دعوة ولكنني لتقديري لمجهودات الوالي جئت تاركاً كل شئ مما جعل الوالي يقول إنها شهادة أعتز بها.. ومعروف أن الغالي من عتاة المعارضين للإنقاذ ومن اليساريين الذين لم يتزحزحوا عن شيوعيتهم التي فارقها أحمد سليمان المحامي، وكتب بعد خروجه كتابه الشهير ومشيناها خطى.. وفارقها الأستاذ عبد الله عبيد أشهر الذين كانوا يجيدون كتابة الشعارات المناهضة على الحوائط بعد أن أحس أن الشيوعية قد تخلى عنها حتى أهلها في بلادها التي جاءت منها و.. و.. كثيرون جداً تركوها وظلَّ الظريف والرجل النظيف مؤمن الغالي الذي لا يمتلك في الدنيا شيئاً غير روح حلوة وقلم أنيق العبارة وماض لا يريد أن ينفك عنه.. المهم أن مؤمن الغالي أشاد بوالي أكبر الولايات وأهمها بحسبان أن بها عاصمة البلاد.. وقطعاً أن مثل شهادة الغالي من حق د. الخضر أن يسعد بها فهي شهادة ليست «من عندنا».. ومثلما كان الغالي لافتاً في الصالون كان الأستاذ طه النعمان مدهشاً للوالي ومعاونيه بذكره معلومات عن البصات لا يعرفها إلا من هو قريب جداً من العمل وغرفة البصات، مما دعا الوالي للإشادة بالرجل الذي أكد من معلوماته أن الصحفي لاينام على أذنيه وإنه عندما ينام ينام بعين واحدة.. أما الأستاذ علي فقير المدير الإداري والمالي للصحيفة فقد كان بروحه الحلوة وطريقته الجاذبة في الحديث يؤكد أنه صحفي معتق رغماً من قوله في بداية حديثه أنه ليس صحفياً.. وأقول إن جاذبية الصالون كانت في الطريقة التي أدار بها الأستاذ مصطفى أبو العزائم رئيس التحرير دفة الحوار الذي لم يجعل منه مؤتمراً صحفياً أو لقاءاً تقليدياً بين مسؤول وصحفيين مستفيداً من تجاربه في تقديم البرامج التلفزيونية وإدارة المؤسسات وبين طريقة جلسات الأنس العفوية التي هو أحد ظرفائها ومحبيها والتي جعلت الوالي عندما دخل الأستاذ عبد العظيم صالح مدير التحرير متأخراً وقدمه أبو العزائم في الصالون يقول «دا ما مريحنا في قضايا الدروشاب» بالإشارة إلى آخر مقال كان قد كتبه عبد العظيم، مما يؤكد أن الوالي متابع من الدرجة الأولى لكل ما يكتب عن الولاية.. أما د. هاشم الجاز الذي حضر اللقاء بطاقية الكاتب بآخر لحظة فقد حرص على أن يقول ذلك برغم من أنه قد تسلم أعباءه في وزارة الإعلام والشؤون الثقافية مديراً عاماً فتحدث حديثاً عميقاً ومفيداً في صالون الحوار والعصف الذهني.. وفي الجانب الآخر أدهشنا د. علي الخضر بترتيب ذهنه ومعلوماته حول تجربته الجديدة مع البصات وهو الذي عمل في إدارة النقل طويلاً وعمَّر فيها مثلما عمر كمال مدني في المعاشات.. أما ممثل نقابة الحافلات فإنه لم يكن مقنعاً ربما لضغوط أهل الحافلات الذين يصرون على مقاومة تيار التغيير الحتمي بحكم مقتضيات الزمان والتي تؤكد أن لكل دولة رجال وأن زمان رجال الحافلات الآن يجب أن يمضي في الولاية التي صارت حاضنة لأهل الولايات الأخرى الذين لا ينقطع سيل تدافعهم إليها كل يوم ويحتاجون إلى وسائل نقل أوسع مثلما يحتاج العصر وإنسانه بالعاصمة إلى وسائل نقل جديدة وواسعة مثل بصات الوالي الأنيقة والمريحة والتي لم يتم منع أهل الحافلات بأن يتملكو مثلها إن أرادوا وبتسهيلات حتى لا يظلموا.. وهذا هو المطلوب.