حسنا فعل المكتب الصحفي للسيد رئيس الجمهورية حينما قام بنفي خبر الزيارة التي كان من المتوقع أن يقوم بها الرئيس البشير الى جمهورية جنوب السودان ليجري من خلالها مباحثات مع الرئيس سلفاكير بعد أن شهدت علاقات البلدين توترات كثيرة على المستويين الأمني و الإقتصادي ، الملاحظ أن الرئيس سلفاكير لم يقم بزيارة الى الخرطوم طيلة هذه الفترة وأن الزيارة الوحيدة التي قامت بها الحركة الشعبية هي التي قام بها مبعوثها باقان أموم قبل عدة أشهر ولم تفض الزيارة إلى نتائج ملموسة ..! üوقد تحركت الخرطوم دبلوماسيا وسياسيا نحو التطبيع مع جوبا إلا أن هذه الأخيرة ظلت ساكنة وفاترة التجاوب والتفاعل مع الخرطوم حتى أن إحتفالات كثيرة وتصريحات متفائلة هنا في الخرطوم تبشر بالإتفاقيات الثماني الأخير ة في وقت لم تبد فيه جوبا أية بشريات مماثلة وظلت هنالك تصريحات محدودة تندد بالاتفاق بينما هاج السودان وتحدث الوزراء وغيرهم عن الإتفاقيات والمصفوفة الأمنية بشيء من التفاؤل المفرط وفي تقديري أن هذا نوع من الضعف ظللنا نثبته كل يوم لحكومة الجنوب وصرنا نؤكد لهم أننا في أمس الحاجة لبترولهم وثروتهم وحدودهم وهذا نوع من الضعف والإضعاف..! ü وفي رأيي أن جوبا لم تدرك بعد أهمية التطبيع مع الخرطوم وما تزال تنظر اليها باعتبارها غاصبة وأن هنالك حقوقا يجب أن تؤخذ وأن الوقت مازال مبكرا لأن تؤمن (جوبا) بواقع أنها دولة مستقلة ينبغي أن تفكر في محيطها الداخلي وفي معزل عما يدور في السودان..! والملاحظ أنها تعتبر أن لديها رعايا في الشمال تتحدث بلسانهم بمعنى أن فكرة السودان الجديد ستظل حاضرة عند الحركة الشعبية وتسعى الى انفاذهاعبر جناحها الشمالي بقيادة عقار وعرمان..! üوالواضح أن الانفصال لم يلبي أحقاد كثير من قادة الحركة الشعبية وما يزال النهم والجشع يسيطر عليهم ويتعشمون في المزيد حتى ولو كان ذلك على حساب دولتهم الوليدة ..! üوبالعودة إلى موضوع نقاشي فإن المؤشرات تدل على حرص الخرطوم على التطبيع مع جوبا وتسعى الى مناخ حسن يقوم على تمتين أواصر الصلة بين البلدين إلا أن هذه المفاهيم تبدو غائبة عن أذهان قادة الحركة الشعبية في الجنوب _ وأن السودان بحاجة الى منطق مناسب في التعامل مع هذه الأزمة والتي تحتاج منه إلى تفكير عميق حتى لا تصبح المسألة محل تفاوض دائم ومناوشات لا تنقطع ..! üأكثر من دليل على تفاؤل الحكومة المفرط في جدوى الإتفاقات وأشارت الأخبار إلى أن البرلمان يرتب لعرض الميزانية مرة أخرى أملا منه في إدخال المتغيرات الناتجة عن الاتفاق والتي (في نظرهم) ستقطي عجز الميزانية ومقابلة ما حدث من نقص في جوالين الوقود التي ذهب بها انفصال الجنوب..! يفكر البرلمان في ذلك رغم توفر المساحات الزراعية ووجود كميات كبيرة من الذهب والمعادن و رغم بكور الأرض وعقول أبناء الوطن فمنهم الذين حولوا صحاري كثير من دول العالم من جدباء الى أراض منتجة وتعلمت منهم الشعوب كيف تبنى الأوطان ..! ü_البرلمان_ يجب أن يقر بقصر الفكرة وقلة الخبرة لدى من يفكرون لإقتصادنا قبل أن يتفائل ويهرول نحو وعود أناس عرف عنهم صعوبة الوفاء وندرة الإلتزام ..! üومن حق الحركة الشعبية أن ترفع سقف تفاوضها لطالما أن الأمر كذلك وتغض الطرف عن كثير من القضايا التي تهمها وتدع السودان يهرول يمنة ويسرى , فتارة يشتكي الى مجلس الأمن ,,ويفرح ويحتفل حينما تعده ببذرة الأمل..! üيايها البرلمان لا تناقش ميزانية من أجل وعود ما تزال (حبر على ورق) فالعجلة من الشيطان , وعليك أن تفكر في موارد أخرى إن كانت لك هذه المساحة ..! فالبلاد مليئة بالخيرات وقادرة على أن تكون سلة غذاء العالم..! صفوة القول: كنت أتمنى أن تبادر دولة الجنوب ورئيسها سلفاكير بزيارة الخرطوم لأنها هي الأحوج لفحوى الإتفاقيات, ولأنها الأكثرانتهاكا للإتفاقات وأن جيشها مايزال شمال حدود(56) وهذا لوحده يجعلها محتاجة لتأكيد حسن النية في سحبه الى أراضيها..! بينما أن السودان غير محتاج لإثبات حسن النوايا فالواضح أن نواياه سليمة وإحتفالاته مفرطة وتوقعاته كبيرة..! فهل سيزور سلفاكير الخرطوم أم أنه سيظل ينتظر توافد الخرطوم عليه..؟