وينتهي مؤتمر مولانا الأستاذ علي عثمان نائب رئيس الجمهورية.. ليبدأ مؤتمري الصحفي الذي لم أدع إليه صحفياً.. ولم أحجز له قاعة ولا فندقاً ولا استديو إذاعة أو تلفزيون.. مؤتمر أقيمه في الهواء الطلق.. والقاعة ميداناً مترباً بلقعاً.. ودعوني أقيمه في ميادين «الليق» شمال مقابر المحظوظين الراقدين في سلام في مقابر أحمد شرفي.. الحضور هو عيون شعبي وآذان مواطني وطني.. الذين حتماً تنفك تلك «الصرة» و التكشيرة التي رسمها «الإخوان» على وجوههم الجميلة لمدى ثلاث وعشرين سنة وتزيد حين أبشرهم بأن كل الذي ورد وتحدث به مولانا النائب الأول.. يبشر بالجمهورية الثانية الحقيقية.. إذا تنزلت كلمات مولانا لتمشي أو تعدو بها الريح في طرقات وطني البديع.. أنا لن أقول إن مولانا قد نعى الجمهورية الأولى.. التي شيدها «الإخوان» وبنوا قلاعها طوبة.. طوبة.. فقط لأن كلمة «النعي» ثقيلة على الآذان.. وعصية على «البلع» من فرط ضيق «الحلقوم».. إذا دعوني استخدم مفردات أقل خشونة.. وأرق عبارة.. مثل «الإنقاذ» تعيد الاعتبار للأحزاب.. كيف لا ومولانا يعلن عبر الفضاء.. علناً وتحت الأضواء إن الانقاذ تمد يدها بيضاء للأحزاب.. ولا مانع لديها بل يسعدها وهي تسعى للمّ الشمل أن تحاور الأحزاب تلك الواقفة أو الجالسة أو «النائمة» على الضفة الأخرى من النهر.. نقول الجمهورية الثانية لأن الجمهورية الأولى تلك التي اجتاحت سنابك خيولها في بهيم الليل وأسفر عليها الصبح- صبح 30 يونيو وهي تسيطر بل تمتلك الوطن بكامل مقدراته تحتل كل مفاصله وتصادر حتى أنفاسه.. عندما أعلن الإخوان إبان تلك «الهوجة» الهائلة.. وخلال عزيف الريح وهي تنوح.. إن الديمقراطية رجس من عمل الشيطان.. وأن الأحزاب قد قبرت وإلى الأبد.. بل أن الحزبية قد كفنها «الإخوان» وأودعوها باطن الأرض في كل مقابر السودان.. ذهبوا وركضوا في نفس المضمار الذي ركض فيه قبلهم «نميري».. عندما كان يردد في اليوم وعبر الفضاء «ألف مرة».. «أن أحزاب الأمة.. والاتحاد الديمقراطي.. وتوابعهم من الإخوان المسلمين وغيرهم قد دللت تجاربنا وأكدت مسيرتنا أنهم أعداء شعبنا».. كنا حينها نسأل في دهشة «طيب الفضل منو من الشعب السوداني» وأيضاص سؤال ظل يتقافز في إلحاح من كان يعني الرجل ب«غيرهم».. المهم أن مولانا قد بشر الناس بالاشادة وطلب المساهمة في إقالة عثرة الوطن بمشاركة الأحزاب.. وأن مولانا أو الإنقاذ قد عادت إلى الحق والرجوع إليه فضيلة والحق هو أنه يستحيل «حكم» هذا الوطن الفاهم المتنوع الفسيح بحزب واحد.. بفكر واحد.. برؤية واحدة.. وهذه خطوة في الاتجاه الصحيح نأمل أن تكون واثقة وجادة وقابلة للتحقيق.. ويتواصل مؤتمري الصحفي.. لأعلن بل لأظهر شلالات السعادة التي غمرتني وألوان البهجة التي أغرقتني ومولانا يعلن أن الإنقاذ ممثلة في النائب الأول لا تجد حرجاً ولا بأساً في أن تمد يدها.. أو تدعو حتى «العلمانيين» للحوار وصولاً لسودان يصنعه جميع بنيه.. وهذا أيضاً ملمح من ملامح الجمهورية الثانية.. ونسخاً لباب كامل من أبواب «حكاية الانقاذ».. ذاك الذي كتبه الأحبة «شنان» و«القيقم» وكوكبة من المنشدين الذين أمطرونا صباحاً ومساءً بالأناشيد التي تدوي في الفضاء وتجلجل في الساحة الخضراء.. وتهز كل مكرفونات «هنا أم درمان» و «تلفزيون» مولانا الطيب.. وحكمنا شريعة.. وتاني ما في طريقة لي حكم علماني».. ونحمدك يا قادر يا مريد.. يا قاهر.. على كثير وعظيم نعمتك والإنقاذ بعد ربع قرن من الزمان ينقص قليلاً لا ترى بأساً في مفاوضة العلمانيين.. أحبتي.. دعوني أشرب جرعة من الماء لأواصل وأنا في قمة الإرتواء. بكرة نتلاقى