وما زلنا في حضرة النائب الأول.. وما زلنا نستمع في فرح عاصف.. لبشريات غابت عن أسماعنا زماناً وأزمانا.. وما زال الوابل من الحديث يتدفق.. وما زال الأستاذ يمسح «باستيكة» كل تلك الخربشات التي كم.. كم شوهت جدران الوطن.. يقول الأستاذ في ثقة الواثق إنهم سوف يفاوضون قطاع الشمال.. وكان قطاع الشمال في نظر بعض «الإخوان» أشد بأساً من «قطاع الطرق».. كان أشد بؤساً في نظر بعض المزايدين من حشرة مسكينة وبائسة.. ويواصل مولانا القصف المدوي ناسفاً أصناماً أقامها بعض الزاعقين المزايدين الذين أوهموا الشعب السوداني إن «العلمانيين» إنما هم كفرة فجرة وملاحدة.. يقول الأستاذ وفي حروف ناطقة وناصعة.. إنهم سوف يفاوضون ويخاطبون حتى العلمانيين، ورغم إن جهيزة قد قطعت قول كل خطيب.. إلا أننا لا نستغرب ولا نستبعد أن «تطن» و«تطنطن» بعض الأصوات متسائلة كيف تفاوضون العلمانيين؟ لن نأبه لهؤلاء.. لأنهم لن يتجاسروا ويفتحوا المدفعية «الفشنك» تجاه الأستاذ علي عثمان.. ويواصل انهمار سحابة مولانا الحبلى بالمطر.. ليقول إننا لن نستثني الفجر الجديد «ذاتو» طالما التزم بالحوار واستخدم لغة الكلمات والآراء والحروف، بعد أن ينحي مواسير البنادق.. ولك الحمد والمنة يا ربي وشمس كلمات مولانا تبدد من سماء الوطن كل تلك الغيوم والدخاخين» التي شكلها الزاعقون الذين ملأوا الفضاء كل الفضاء بكلمات أخفها الخيانة.. وأيسرها العمالة.. وأصغرها «أعداء الوطن والدين».. وما زال النسيم يسري وكأننا في ساعات السحر.. والنائب الأول يقول.. ما كنا نطالب به فتحناه بل نحلم به طيلة ثلاثة وعشرين سنة وتزيد، وهو لماذا لا يكون الحل سودانياً خالصاً.. بعيداً عن الإيقاد والصومال.. واليانكي.. وحتى الاتحاد الافريقي.. أو حتى الأصدقاء، حتى وإن كانت نواياهم خالصة لوجه الله.. نعم نحن معك سيدي النائب الأول.. ندعم ونساند الرأي بأن يكون الحل لمعضلات الوطن سودانياً خالصاً.. وليعلم الكافة.. وخاصة فريق «المهرجين» إن المعارضين وحتى الذين حملوا السلاح.. هم أقرب نسباً وانتماءً ووجداناً من أي صديق أو محب.. من خارج أسوار الوطن.. وما زلنا في رحلة الصعود.. درجة.. درجة إلى التل.. والنائب الأول يمد يده.. بيضاء إلى المعارضة.. آملاً الجلوس معها في طاولة مستديرة.. حيث لا رئيس ولا مرؤوس.. حيث لا حاكم ولا محكوم.. حيث الكل سودانيون يحملون الوطن حباً ووجداً وصبابة في سويداء القلوب.. منقوشاً في تجاويف الضلوع.. ويقدم النائب الأول في ختام حديثه.. هدية كم.. كم تحرقنا شوقاً إلى فض سلوفانها المزركش.. وفتح صندوقها الملون.. وهي الاستعداد.. استعداد الحكومة لإنهاء تكليف بعض الولاة.. وتحديداً في دارفور الذين تطاول بهم الأمد وهم في كراسي الحكم.. رغم إن تلك الكراسي موضوعة على «جمراً تهبو الريح» تحدث مولانا عن الوضع الاقتصادي، وذاك الجحيم بل الأتون المشتعل بالجحيم، جحيم الأسعار ومجابهة الفقر والبؤس والمسغبة الذي يتقلب فيه شعب الوطن الجميل.. ثم تحدث عن صراع «الإخوان» أو «الحلفاء» داخل أسوار الوزارات وكيف طارت الاتهامات بالفساد.. والتي صكت آذان هذا الشعب المسكين.. الآن انتهى المؤتمر الصحفي للسيد الأستاذ علي عثمان النائب الأول لرئيس الجمهورية.. ليبدأ مؤتمرنا نحن.. أو «مؤتمري» أنا.. الذي أعقده في الهواء الطلق.. دون أي إذن أو تصريح أو تصديق.. فقد اكتسبت شرعية.. من حديث السيد النائب الأول.. لأني قد وجدت «نفسي» في أحد المكونات أو القوائم التي سوف يحاورها النظام.. ورغم إني لست «شريراً» إلا إني قد «شمت» في سعادة.. على أولئك الذين كانوا «يصيحون» صباح مساء ويزعقون في كل فضاء.. في وجه كل من لا ينتمي للمؤتمر الوطني، وكأن أعضاء المؤتمر الوطني هم من الصحابة الأخيار الأطهار.. ويشككون في كل من يصطف في حزب غير المؤتمر الوطني.. وكأن المعارضين قد حملتهم السفن العملاقة بعد اصطيادهم من القارات والبلاد البعيدة و«رمتهم» في هذا الوطن.. بكرة نتلاقى