«كلو» صار «يُهجِّج!!» هذه الأيام في السودان... فمن لم يكن يغني منهم فهو «يهشتك!!»... ومن لم يكن «مهشتكاً» فهو «يصفق»... ومن لم يكن «مصفقاً» فهو «يتمايل طرباً !!»... هذا بعض ما وقفت عليه عبر فضائياتنا المختلفة في الآونة الأخيرة .. ف«أغاني وأغاني!!» لم تعد حكراً لقناة واحدة من قنواتنا هذه.. القنوات كلها - بعافيتها - تغني ، و ترقص، و تهيج وتصفق... كلها - بسم الله ما شاء الله - تفعل ذلك بأكثر مما تفعل قنوات «الهشك بشك!!» المتخصصة في «أخاصمك آه» و «أنا بحب اللمة إيييي» و«بوس الواوا أح».. ثم وقفت على شيء آخر- كذلك - وهو إن «الهشتكة» هذه انشقت أرض العاصمة «فجأة» عن صالات لها مجهزة بوسائل «الانبساط!!» الضرورية كافة.. ولولا تيقني من أن القنوات هذه تبث إرسالها من «السودان» لظننتها تخص دولة اسمها «الهججان!!».. والغريب في الأمر أنني لمحت - في الصالات هذه - «كبار سن!!» ينافسون الشباب في التلويح بالأيدي «شمالاً و يميناً» من شدة الطرب.. لمحت شيوخاً وكهولاً وعجائز من النساء يفعلون ذلك وهم يرددون مع مطربين يتكاثرون كما الذباب ما ينطلق من أفواههم من «صراخ!!» .. حاولت أن أتبين من بين «الصراخ» هذا جملة واحدة «مفيدة !!» فعجزت.. وحاولت أن التقط من بين «الضجيج» إيقاعاً واحداً «مفهوماً» فعجزت أيضاً.. الشيء الوحيد الذي لم أعجز عن تبينه والتقاطه هو «الفلفلة !!» التي على رؤوس الذكور من «الصارخين» هؤلاء ، و«شفق المغارب !!» الذي على وجوه الإناث منهم.. وتبينت أمراً آخر مهماً كذلك وهو أنني - وثلة من آخرين مثلي - يغلب علينا تشاؤم يمنعنا من رؤية الجانب «المشرق!!» في «المشهد».. يمنعنا من رؤية الجزء الممتلئ من الكوب.... يمنعنا من استنهاض الفرح «النائم» بدواخلنا - منذ سنوات- كيما «نهيِّص مع المهيصين».. فلا يمكن أن يكون هؤلاء جميعهم «مجانين» وأنا - وأمثالي- فقط «النصيحين !!».. هنالك شيء ما «غلط !!» بالتأكيد.. فما نعلمه من هذه الدنيا - بالضرورة- أن الذي يكابد رهق توفير اللقمة لا يمكن أن يكون ذا«مزاج رائق!!» إلى درجة البحث عن «أين تُهيِّص هذا المساء؟» .. وإن الذي «يُعاني» من أجل دفع رسوم ابنه - أو ابنته - الدراسية لا يمكن أن يكون «مبسوطاً» إلى درجة «بسط يده!!» بالذي يجعله يحظى بمقعد في صالة من الصالات «إياها».. وإن الذي «يشولت» بمشاوير تساوي المسافة ما بين الخرطوم و«مدني» - من أجل مصدر رزق إضافي- لا يمكن أن يكون «مرتاحاً» إلى درجة السهر مع أغنيات «كلتوم مدني!!».. فنحن - إذاً- «الغلطانين» وليس الذين «يبارون» الأغاني في الفضائيات هذه.. ومنذ هذه اللحظة أنا - كاتب هذه السطور- «مهجج مع المهججين!!» .. و«متمايل!!» مع المتمايلين... و«ملوح بكفِّي!!» مع الملوحين ... و«رأصني يا جدع !!!!!»