* لا أدري كم هو عدد الضحايا الذين سقطوا نتيجة للأخطاء الطبية، فمنهم من قتل ومنهم من قطعت أجزاؤه، ومنهم من فقد بصره، ومنهم من فقد كليته، ومنهم من هو صابر على الأذى ومحتسب لجراحه... ! والسبب في كل ذلك (خطأ طبي).. عبارة يرددها الضحايا ولا يعترف بها الأطباء..!ّ * وكيف يعترفون، وهناك وثيقة يوقع عليها ولي المريض قبل دخوله العملية، وفيها يكون ولي الأمر بين أمرين أحلاهما حنظل..! فإما أن يقبل بالشرط الذي يترتب عليه القبول بالنتيجة، أو أن يترك مريضه طريح الفراش!.. بمعنى آخر أنه قبول قسري أياً كان مقدار جسامة الخطأ، وفي تقديري أن هذا تشريع يحصن الأطباء من المساءلة والتقاضي الذي يحتاج أيضاً إلى وقت طويل....! * على المستوى الشخصي أعرف وشهدت على أخطاء أطباء لا أستطيع حصرها، فقبل أيام شخص الأطباء بمستشفى الأبيض حالة مريض يعاني من الإرهاق وبعض الحميات و(شوية قرف) شخصوا الحالة بأنه يعاني من (حمى نزفية)، وهذه النزفية لا أثر لها البتة وأعراضها يعلمها الشخص العادي جداً، ناهيك عما يقال عليه طبيب درس وحضر وعمل ولبس اللابكوت..! * أخرج الشخص من المستشفى قهراً بعد أن تعرض لهذه الصدمة، وجيء به إلى مستشفى المناطق الحارة بأم درمان.. وخرجت الفحوصات بأنه لا يعاني من شيء سوى أنه مصاب بداء الملاريا ،التي يعاني منها جميع أهل البلاد.. وكان مستشفى الأبيض قد جمع تبرعات بالدم من أقارب المريض قبل أن يخرجوه عنوة- كما أشرت- إلا أنهم لم يتكرموا حتى بالإعتذار الذي لا يغني عن الحق شيئاً..! * هذا مثال واحد على خطأ شنيع للأطباء، وغيره كثير من الأمثلة لا تسع المساحة لعرضها، فأين وزارة الصحة من هؤلاء المرضى المغلوب على أمرهم..؟ مع العلم أن إثبات الخطأ الطبي يحتاج الى جوانب فنية علمية لا يمتلكها إلا الأطباء أنفسهم، بمعنى أن الترافع نفسه يحتاج إلى فريق من وزارة الصحة يتولى هذه المهمة، وهذا يتطلب وجود تشريع قضائي إداري نافذ وعاجل..! * وكثيراً ما يقال إن الطب مهنة إنسانية، ولكن يبدو أن هذا الشعار قد اهتز وأصبح الطب مهنة تجارية ربحية، والأسوأ من ذلك أن تصبح مهنة إستعلائية خاصة عندما يجد الطبيب بعضاً من الترويج والدعاية الجماهيرية ..! ففي شارع الدكاترة بأم درمان أختصاصي عيون يتجمع إليه الناس منذ الظهيرة ليأتي عند الثامنة مساء، وعلى غير العادة ليست لديه فرصة للحجز والإستعلام، فقط مطلوب من الجميع الإنتظار والتردد لأيام لمقابلته، إن سمحت لهم الظروف، وهو نموذج سيء وغير لائق للتعامل مع المرضى وذويهم.. علماً بأن غالبية المرضى يأتون من الولايات، وثمة ظروف تحتم عليهم الإستعجال، كما أن أحوال الخرطوم معروفة بالنسبة لهؤلاء المرضى ..! * صفوة القول: * الأخطاء الطبية مسلسل يطالب الجميع بمشاهدة حلقته الأخيرة، بعد أن تضررت منها كل أسر السودان، والسبب في ذلك غياب الرقابة والضمير عند بعض الأطباء، خاصة وأن هناك أخطاء لا تحتاج إلى كثير ذكاء أو طول خبرة، فرسالتي هنا إلى وزير الصحة بولاية الخرطوم الدكتور مأمون حميدة، بأن يخصص جزءاً من الوقت للطواف حول المستشفيات الخاص منها والحكومي، والوقوف على أوضاعها، وحينها يجد التقارير من الواقع بلا مقدمة أو محاور وليسأل حميدة عن متابعة الاختصاصيين للمرضى، وليتذكر أنه قبل أيام قامت الصين بإبادة جميع الطيور الموجودة على مستوى إقليمها لتسببها في وفاة حوالي 21 من المواطنين، البالغة جملتهم الثلث من السكان على مستوى العالم- أي بما يقارب ال2 مليار نسمة..! وهذا يعني الإهتمام الكبير بالإنسان رغم أنه الشيء الوحيد المتوفر هناك وتفوق أعداده حتى الحشرات..إلا أن هذه الكثرة لم تجعله رخيصاً كما هو عندنا في السودان.. والله الموفق.