عمنا حمدان كثيراً ما يردد هذه العبارة الساخرة فهو رجل يوقر زوجته ويطيعها في كثير من الأمور مما جعله في نظر مجتمعه بأنه (محقور) من قبلها فعندما يمازحون بها يخرج عبارته بكل سهولة وبلا تردد (الما بخاف من مرتو على الطلاق مو راجل..) أخذت أفكر كثيراً فيه وفي عبارته هذه حتى جاءت اللحظة التي التقيته فيها وبعد أنس طويل معه وجدت ما يعنيه فيها وهي عند بأن الذي لا يخاف من زوجته هو ليس برجل له إمرأة وفي نظره أن كل متزوج فهو رجل وكل رجل محقور لزوجته.. عموماً أن عبارته هذه دفاع عن نفسه وأعتقاد فيه عن جميع الرجال بأنهم محقورون وهم ينكرونها ويتساترونها فيما بينهم ظل عم حمدان يسترسل معي باسلوب الطيب وقصصه الممتعة عن العلاقات الزوجية قائلاً: يابني الاحترام والمحبة ليسها بخوف وأن خوفنا نحن معاشر الرجال من المرأة ليسه بعدم شجاعة فينا ولكنه محافظة على صيرورة الحياة وسلامة البقاء وهدف الصفا.. والخوف نفسه يا بني يحتاج إلى دبلوماسية تبررة سواءاً أمام الأبناء أو الآخرين أو المرأة نفسها ثم حكى طرفة رجل تزوج بعيداً عن أهله وشاع خبره بأنه محقور لزوجته وقد بلغ الخبر إلى أهله وذاع وفي ذات يوم تعطلت العربة التي تقل أهله قبالة القرية التي يسكنها بعد عودتهم من مناسبة فدخلوا عليه فاستقبلهم وأجلسهم ثم طلب من زوجته أن تقوم باعداد العشاء لهم فردت عليه بأن العجين فطير.. فانتهرها وقذفها بحذائه على ظهرها أمامهم وعله قد بلغه ما شارع عنه عندهم فأراد بذلك نفي ما شاع عنه.. فتحركت بسرعة الأمة الطائعة نحو مطبخها فاطمأن الجميع بأن الخبر كاذب وأن أبنهم فارس لا يشق له غبار وبينما هم في تخيلاتهم عن أحكامهم ببطولته وتكذيب ما وصل عنه إذ خرجت الزوجة وهي تحمل العجين مسرعة نحوه لتصبه على رأسه فيخر العجين إلى فمه فأخرج لسانه قائلاً (واله بصح فطير) عموماً يابني ولأكون معك أكثر صراحة أن سعادة الرجل في إبتسامة زوجته وكذلك سعادتها وشقاؤهما في غضب أحدهما والله سبحانه وتعالى يقول(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة أن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) صدق الله العظيم ولي في ذلك تفكر في مسألة المرودة هذه والرحمة وملاحظتي هذه أجزم لك أنها عند اكثر الأزواج أن لم يكونوا كلهم.. أن مسيرة الحياة الزوجية يكتنفها بعض الملل بين الزوجين إلا أن الله سبحانه وتعالى يجددها ويعيد فيها الروح ليتجدد مشوار التواصل والتوادد والمحبة ومثالاً لذلك قد تجد أن الرجل قد يغضب من زوجته ربما لشيء بسيط لا يستحق غضباً كأن يطلب منها كوب ماء أو قل أي شيء آخر لا يكلفه ولا يكفلها مشقة فتنشغل هي أو تنسى فلا تلبيه أو تطلب هي كذلك فيحدث للزوج ما حدث لها فيعقب ذلك صمت يمازجه غضب ثم يتطور إلى خصام وجفوة بينهما تستمر بقدر ما يعلمه الله لمدة كافية لنهاية الملك وبداية لتجديد المودة بينهما فتبدأ من بعدها مرحلة أخرى وهي مرحلة الحنين إلى الرجعة والعودة للصفاء بيبنهما ولكن يخالطها الكبرياء والرغبة في عدم الإنكسار فيشتعل الشوق ناراً للمصالحة وتبرز الفنون الداخلية في نفسهما للرجوع والمصافاة فتنهال حروف النداء بأنواعها على المظلوم حيث أن المنادي لا يجيب ويتحول إلى ممنوع من الصرف لا يجر إلا بالفتح من الله وأن تعاونت حروف الجر كلها مع حروف النداء وذلك لدخول العظمة باب المظلوم وقد يدخل كذلك التناوم والتشاخر والتدلل والكل يحبذ أن يلوم الآخر ليصبح هو السيد أو المظلوم وتتلون الحيل وينشط البحث عن المدخل المناسب وقد انقضت مدة الجفوة وذاب الملل وجاءت ساعة التجديد وأخذت الدقائق تتعدها خصماً على زمن الصفاء وشعور السيادة يتعاظم والرغبة في أثبات الذات تتجسم ولوم الذي بدأ بالصمت يتكاثر على نفسه حتى يتحول إلى سخرية عليها بسفاف السبب وتعظيمه من قبله ولكنه يستمسك على الصبر ينفد من صاحبه ولله في خلقه شؤون إلى أن يتجرأ أحدهما إن لم يجد مدخلاً بحسب اسلوبه فيقول: (إنت صامت مالك)!؟ فيفوز الصابر على الصمت فيجد الفرصة ليصبح بطلاً للحلبة وفارساً للحوبة فيكثر من الأنا وينثر قديم العتاب وجديد ما تريده نفسه من قوانين ومثل لم ينجح فيها من قبل أحد فقد درسها الآخر من قبل في فصل من فصول الملل الماضي وسيدرسها مراراً ويسقط ناهيك يابني الهجر الأطول الذي يثبت التأنيب ويخلد التأديب ويجدد المسيرة ويصنع السيره والضريره وجلسة الكوشه التي لا ينقصها إلا تبشير الرجال وزغاريد النساء.. فسبحان الذي يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي .. ثم نهض عم حمدان ليودعني ويوعدني بجلسة أخرى وهو يردد أمامي(الما بخاف من مرتو علي الطلاق مو راجل).