أثار اندلاع الحرائق بالمستشفيات وتكرارها هلع المواطنين ، وبات الواقع يمثل مهدداً حقيقياً لحياة المرضى ومرافقيهم ، والناظر للمستشفيات في ولاية الخرطوم يجدها تتكوّن من عدة طوابق مع الوضع في الاعتبار أن هناك ضعفاً في اجراءات السلامة حتى وإن وجدت ضمن المكوّن الرئيسي للمنشأة الطبية. فحريق المستشفيات بحسب المراقبين يحرق معه أعصاب المريض وذويه ويهدد من هم داخل غرف العمليات، واللذين يصعب تحريكهم من مكان لآخر لخطورة حالاتهم الصحية، بجانب أن حوادث الحريق تحتاج لكوادر مؤهلة تأهيلاً علمياً للتعامل معها . والناظر للتجارب الماثلة يجد أن الإهتمام بهذا الجانب يكاد يكون معدوماً ،وبهذا الحال يكون الحريق بهذه المؤسسات - ذات الخصوصية والحساسية العالية في التعامل مع من هم بداخلها -جرس إنذار للغافلين عن المخاطر، ومؤشراً يتطلب التعامل معه بجدية ،لأنه ليس في كل مرة تسلم الجرة ،خاصةً إذا وضعنا في الاعتبار طبيعة بعض المؤسسات الطبية التي لا تراعي فيها متطلبات هندسية تساعد في مواجهة مثل هذه الطوارئ . ويبقى السؤال ما هي معايير السلامة المطلوبة داخل المستوصفات والمستشفيات الخاصة والدور الرقابي للجهات المختصة بوزارة الصحة والدفاع المدني؟ ومدى توفر التأمينات وسبل السلامة داخل هذه المؤسسات العلاجية وللإجابة على هذه الأسئلة إرتدت «آخرلحظة» ملابس واقية لمكافحة الحرائق «بدلة إطفاء الحرائق» واقتحمت أماكن عدة للحصول على المعلومة ... فكانت هذه الإفادات : بدايةً ذكر لنا اللواء عبدالله محمد الحسن مدير شرطة الدفاع المدني ولاية الخرطوم مؤكداً حدوث عدة حرائق في المستشفيات في الآونة الأخيرة ، نافياً في الوقت ذاته أن تكون قد شكلت ظاهرة لديهم ، مبرراً ذلك بعدد المستشفيات والمستوصفات الخاصة الكبير. وأشار إلى أنها دوماً تكون موجودة في مناطق مزدحمة جداً ومكتظة بالعربات وحولها مواقف سيارات ما يجعل عربات الدفاع المدني تجد صعوبة في الوصول إليها، وتساءل: لماذا المستشفيات الخاصة والمستوصفات دوماً ما تكون موجودة حول المستشفى الكبير؟ وأستدل على ذلك بشارع الحوادث بالخرطوم وشارع مستشفى بحري وأمدرمان. وأضاف قائلاً «المستشفيات الحكومية الكبيرة إجراءات السلامة بها أفضل بحكم أنها مبنية كمستشفيات وغالباً تكون غير متعددة الطوابق، ولكن المستشفيات الخاصة والمستوصفات في أغلب الأحيان تكون منزلاً أو عمارةً، ويتم تحويرها وتعديلها ولذلك إجراءات السلامة بها ضعيفة ،وهذه من الأسباب الأساسية في اندلاع الحرائق، ونحن كدليل على اهتمامنا بهذه المسألة أجرينا اتصالاً وتنسيقاً مع إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة واتفقنا معهم على عدم استخراج رخصة لأي مستوصف أو مستشفى إلا بعد الحصول على شهادة استيفاء شروط السلامة والوقاية من الدفاع المدني، وبالفعل الجهة المعنية التزمت وبدأت في تحويل كل من يرغب في عمل مستوصف أو مستشفى خاصة لنا، ونحن نقوم بعمل اللازم وأضاف أنه يجب أن تتوفر في أي مؤسسة علاجية تدابير سلامة عالية، والتي أهمها جهاز الإنذار الذي يساعد في الاستكشاف المبكر للحريق ويساهم بصورة فاعلة في السيطرة عليه مبكرا،ً وأشار في ختام حديثه إلى أنهم في الدفاع المدني يولون اهتماماً خاصاً بالمستشفيات، باعتبار أن بها مرضى وقدرتهم الصحية لا تمكنهم من الإخلاء بأنفسهم ،مطالباً جميع الجهات أن تكون دقيقةً في تطبيق المواصفات القياسية في كل الجوانب. وحتى تكتمل الصورة ونتعرف على عدد المستوصفات والمستشفيات التي اندلعت بها حرائق كان لقاؤنا بالدكتور خالد النوش مدير إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة، والذي أكّد عدم وجود احصائية لمثل هذه الحوادث وعندما حاولنا تذكيره بعدة مستشفيات امتنع عن الإفصاح مبرّراً ذلك بعدم تواجده بالبلاد عندما اندلعت تلك الحرائق. ختاماً على وزارة الصحة أن تضع موجهات وضوابط للحد من مثل هذه الحوادث التي أصبحت تشكل خطورةً بالغةً على حياة المرضى والمرافقين وذلك حتى لا يكون حالهم كالمستجير من الرمضاء بالنار.