بالأمس وشحني أهل المنبر وشاحاً أسأل الله أن أكون من مستحقيه.. فقد قرر المكتب القيادي فصلي بالأمس عن المنبر نسبة لغيابي.. وذلك في جلسة غيبت عنها عمداً وقصداً مع أنني كنت خارج العاصمة، ولكنهم حجبوا عني الدعوة وعن عضو آخر يشاركني الرأي.. إلا أنهم لم يفعلوه.. وأحب أن أؤكد للأخوة في المكتب القيادي وأطمئنهم أن الذي فصل في اجتماعهم يوم الإثنين أول من أمس هو الذي أصدر القرار بفصلي. والقرار لم يصلني حتى الآن لا شفاهة ولا كتابة، سوى أنني علمته من شخص من داخل المكتب القيادي. وأنا لن أرمي باللائمة على أحد من إخوتي الذين فصلوني، لأنني أعلم تماماً ما جرى وكيف جرى.. وكيف أدير القول.. وكيف أتخذ القرار وهم يعلمون علم اليقين أنه وبالرغم من وجودي خارج الولاية في نهر النيل، إلا أنني كنت حاضراً في اجتماعهم.. وهم يعلمون ما أعني.. ويعلمون أنني أعلم أنهم يعلمون.. ولذلك أنا التمس لهم الأعذار وحسب ما علمت فإن قرار الفصل جاء بسبب ما كتبته وقلته في المقابلة الصحفية على صفحات الغراء (آخر لحظة) في الجزء الأول.. والعجيب أن كل الذين طالعوه اتصلوا بي وأثنوا عليه.. من جهة أنه كان متوازناً وليس فيه اسفاف ولا أقوال جزافية.. وحفظ الشعرة المعروفة حتى لكأنها لم تعد مجرد شعرة، ولكنها كانت حبلاً متيناً من الود والصدق والأمانة. وأنا أشكر إخوتي في المكتب القيادي على الوشاح أو الوسام المنبري لأنه جاء بسبب أنني قدمت نصيحة لأخوتي في الإنتباهة الصحيفة، التي أنشأها المنبر لتكون ناطقة باسمه وباسم الفكرة العبقرية التي ربطت السلام بالعدل، في وقت كان الناس أشد ما يكونون حاجة لهذا الربط. أنا لم أزد مع أنني امرت بمعروف أو نهيت عن منكر، واجتهدت مع أخوة لي كرام وشرفاء أن نجعل كل ذلك داخل البيت المنبري... ومن بين الذين حضروا جلسة الفصل إخوة يقولون بما نقول، ويفكرون بما نفكر، ويخافون على المنبر بقدر ما نخاف عليه.. ويصدون عنه ما نصد عنه من الغوائل. فإذا كان الفصل بسبب ما قلته على صفحات (آخر لحظة) فإنه والله الوشاح والوسام.. وإن كان بسبب آخر فالقراء جميعاً في انتظار البيان الشافي والكافي الذي يبين ويؤكد أنني مستحق للفصل، وأنه جزاء عادل لما اقترفته يداي. إن عملية الفصل هذه ليست من أعمال المؤسسة في شيء، وهو أمر نعلمه نحن جميعاً في المنبر، ونعلم أن المنبر ظل يشكو من عدم المؤسسة منذ بداية دورته هذه بعد آخر انعقاد لمؤتمره العام. إن المؤسسية هي الآفة والسرطان الذي ظلت تشكو وتئن من وطأته أحزاب الأمة القومي والاتحادي وحتى الحزب الشيوعي ظل ينخر في عظامه الفاسدة سوس اللامؤسسية حتى الأحزاب الطائفية، وظهرت بسبب ذلك، قصص من عبد الرحمن شيبون، وصلاح أحمد إبراهيم ضد صنم الذي هو المدعو عبد الخالق محجوب. إن القضية الجوهرية تظل مفتوحة وموضوع النصيحة والمناصحة يظل هو الشرف الذي نلقى به الله سبحانه وتعالى.. وإن لم نرزق الشهادة الحقة في المعارك ضد باقان وعرمان فلتكن شهادتنا بايدي أخوة كرام أعزة علينا.. لا نحمل لهم إلا الود ولا يصدر منا اليهم ما يوغر صدورهم علينا ولا ما يشتكون منه لأحد يردنا أو ينبهنا. وكل الذي نقوله لهم هو ما قاله الشاعر المقنع الكندي لما أصابه من أهله ما أصابهم: üüü وإن الذي بيني وبين أبي وبين بني عمي لمختلف جداً أراهم إلى نصري بطاءً وإن هم دعوني إلى نصر أتيتهم شداً وإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجداً وإن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم وإن هم هووا غيي هويت لهم رشداً وأن زجروا طير نحس يمر بي زجرت لهم طيراً يمر بهم سعدا ولا أحمل الحقد القديم عليهم وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا üüü إلا أنني لا أزعم أنني رئيس فيهم، ولا أحب الرئاسة ولا أسعى اليها، ولكنه تعبير جار في القصيدة، وليس لي حق تغيير مفرداتها. وأقول لإخوتي. .. وهذا هو آخر العهد بالكتابة في موضوع هذا الوشاح أو الوسام.. وكان الإخوة في الانتباهة لما أوقفت عن الكتابة يقولون لي إن العمود هذا ليس ملكك.. وإذا طلبوا منك أن تكتب فأكتب.. وعمود أصل المسألة ملك للقراء.. ولا أشغلهم بشيء غيره والله المستعان.