ü أمس الأول كان د.عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم ضمن ركاب بص «الوالي» في جولة ميدانية لتدشين الخط الدائري الرابط بين مدن العاصمة الثلاثة رغم التحذيرات الأمريكية بعدم السفر لأم درمان والتي في نظر «اليانكي» بأنها غير «آمنة».. وهي التي كتب وتغزل فيها شعراء بلادي وأسموها «أم در» وبلد الآمان وليك سلامي يا أم أمان وأقبليه هذا الضمان!! ü أنا لم أكن ضمن الصحفيين الذين رافقوا الوالي.. ومع ذلك اتخيل أن أغنيته المفضلة في تلك اللحظات والبص الأخضر يتهادى ما بين «تخوم» المحطة الوسطى بحري و«سهول» أم درمان ومنخفضات المقرن البهية.. فحتماً هي أغنية شعبية قديمة تقول: «دوِّر بينا البلد ده نحرق الجزلين يا الوابور جاز». ü وبمناسبة القديم ذكرني سؤال الوالي للصحفيين المرافقين له عن تجربتهم كمواطنين حول تجربة المواصلات، ذكرتني بقصة سمعتها من أحد كبارنا «الصحفيين» تقول بأن مقالاً صحفياً كتب في الستيينات كان وراء إيقاف الترماج عن العمل.. اعتبره الصحفي تخلفاً واستجابت الحكومة آنذاك لهذا الاقتراح الفطير. عندما تذكرت ذلك اتصلت تلفونياً بأستاذنا الكبير «قلب الشارع» عبد الله عبيد.. ضحك ضحكته المجلجلة وقال إنه لم يسمع تلك الحكاية إلا أنه قال إن الترماج وقف في عهد عبود ولم تكن هناك أزمة مواصلات وسعته كبيرة وكان يجب تطويره وتحسينه.. وأثنى عبيد على فكرة المواصلات الدائرية والتي تعمل بها الكثير من عواصم العالم.. ففي موسكو هناك خط دائري من الشمال لليمين وفي داخله دائرة أخرى من اليمين للشمال تتيح للركاب الانتقال من خط إلى آخر بكل سلاسة ويسر!! ü سألت الأخ الأستاذ مصطفى أبو العزائم رئيس التحرير حول ذات الرواية.. شكك فيها من الأصل باعتبار أن الحكومة- أي حكومة- لا تأخذ عادة برأي الصحفيين..! مصطفى قال: «إنه يتذكر الترماج» ولاحظت أنه لم يبدِ نحوه كثير تعاطف.. ووصفه بأنه بطيء وصافرته مزعجة ويربك المنطقة إذا توقف.. ودائماً ما تتعطل الحركة بين الخرطوموأم درمان في حالة تعطله!! ضحك مصطفى وقال: لا أعرف ماذا كان سيحدث لو كان هذا الترماج يعمل هذه الأيام وتوقف لساعة من الزمان في مثل هذه الشوارع المزدحمة والضاجة!! ü زميلتنا الكاتبة والروائية زينب السعيد كانت ضمن ركاب البص أمس الأول.. أبدت سعادتها بالحوار الذي دار بين الوالي والصحفيين.. وتأكيد الخضر بأنه على استعداد ليسمع من أهل الرأي.. وهو في كل الأحوال ليس من مصلحته «تعذيب» الناس.. مؤكدة أن الحوار الذي أداره الوالي مباشرة مع الصحفيين سيردم «الهوة» بين «النظرية» و«التطبيق» للتجربة باعتبار الصحفيين «أصحاب المصلحة» ويعرفون حجم المعاناة وعذاب المواصلات «والمواقف» والأرصفة!! ü أرجع ثانيةً للأستاذ عبد الله عبيد الذي أقترح قيام ندوة حول أزمة المواصلات.. مؤكداً استعداده إحضار سواقين وكماسرة ترماج سابقين «لسع قاعدين» ليدلوا بدلوهم بين «الزمان» و«الآن». ü المواصلات قصة كبيرة وعلينا إعطاء التجربة الحالية حقها من «الصبر» و«التفهم» فلا «حلاوة بلا نار».. أنا شخصياً مع التجربة الدائرية ورغم مرارتها الآن فهي كفيلة لتضع حداً لأزمة مواصلات «قديمة ومزمنة» أبت أن تغادر هذه العاصمة رغم كل المحاولات والمعالجات السابقة، والمحاولة التي بين أيدينا صادقة «وجادة» فلا تقتلوها بالتسرع و«الشفقة» و«سوء الظن»!!