بالأمس القريب غادرنا كمال حنفي.. دون أن نشعر بقرب رحيله .. إلاّ بعد أن نعى الناعي رحيل الرجل... وكم في الطريق أمثاُله.. لا قدر الله.. ينتظرون.. تتساقطُ قممٌ وهي واقفةٌ.. وكم هم الذين قد غادرونا دون أن نتمتع بحفظ جهودهم وسيرهم.. وثواثيقهم وتجاربهم وأدق تفاصيل ما يعرفون من خبايا وخفايا الصحافة.. ماتوا وارتلحوا وهذه الأسرار في صدورهم. من منّا يلتقطُ هذا القفاز.. فالمهمّة كبيرةٌ وعميقةٌ وعددُ العماليق كبير.. والمشوارُ للتوثيق صعب.. نحن لا نجيدُ التوثيق والترجمة لروادنا وهم أحياء.. فقط نجيدها بعد الموت وتلطيم الخدود.. وأهم جوانب الأمر وقد اندفن مع صاحبه.. لاسيما وعن رأيه فيما حدث يوم ذاك.. ومن الأسباب التي دعته يعمل كذا وكذا.. بل وما نصائحه للجيل القادم. غيرنا.. ومصر أم الدنيا شقيقة بلادي.. يجيدون هذا الأمر.. بل وفي أتفه الأمور.. نجدهم يبرعون ويعطونها ما تستحق وأكثر.. لكنا ومع عظائم الأمور لا نهتم بها إلا بعد فوات الأوان.. لحظة النويح وتلطيم الخدود.. يا ويحنا من هذا الحال المائل.. ما هكذا تورد الإبل يا إتحادنا الهمام ويا معشر الصحفيّين. كم من صحفي في بلادي يستحق التكريم والتوثيق.. لا يهمّني إن كان من أهل اليسار.. أو من أهل اليمين.. ما يهمّني أن يكون صحفيّاً فحسب مهما يكن.. فتوثيق حياة الصحفي قبل رحيله.. فيه من الفوائد مالا يُحصى.. منها أخذ رأيه في كذا وكذا وكذا.. بل وأنه يحكي تجربته بنفسه مع تقييمه هو لها بنفسه.. مع إبراز السلبيات والإيجابيات.. مع المزيد من النصح والإرشاد للجيل الحالي والقادم.. بل وتقييم الوضع الصحفي في الوضع الحالي. إنّي على يقين.. أن الأمر شاقٌ وصعبٌ ومتعبٌ.. ولكن.. عندما يُكلّفُ أكثر من شخص من قبل جهة ما.. سواء كان المجلس القومي للصحافة.. أو اتحادنا الهمام أو أي صحيفة.. مع تحديد الأشخاص القمم المراد التوثيق لهم.. على أن يبدأ بتعريف شخصه.. مولده ونشأته وتعليمه ومسقط رأسه.. ثم علاقته بالصحافة.. ثم الدخول في تفاصيل العمق الصحفي وتجربته حولها.. مع رأيه في هاتيك المرحلة وما يراه في مستقبل الأيام مع عالم الصحافة. وبالطبع.. هذا فيه حفظ وتوثيق للشخص المعني.. وفيه أيضاً ربط الجيل السابق بالحالي مع اللاحق. فالأمر صعب ولكن أولي العزم منّا تهونُ عندهم هذه المصاعب.. تعالوا أيها الرفاق لنتنادى لحمل هذا الأمر... فإن لم نكن لأركان بيتنا حافظون.. فكيف نحفظ تاريخ غيرنا؟ .. خاصةً ونحن نعلم لو أن أحدنا أراد إستخراج تاريخ شخص ما فليذهب لدار الوثائق خاصةً قسم الصحافة.. فمن باب أولى تاريخ عمالقتنا الأوفياء. بالأمس كان كمال حنفي.. وقبله كان فلان وفلان وفلان .. و.. ولو سألت أي شخص من هو أو ما اسم أبو الصحف.. أخشى ألا تجد أي رد عن هذا السؤال.. فقد أفلح عمر الُجزلي في برنامجه «أسماء في حياتنا» ... فهذا خير دليل.. لماذا لا نسير وفق هذا النسق.. فلنعتبر هذا البرنامج خير منهاج لنسير وفقه.. ولا عجب أن أفردنا من هذا التوثيق حلقات.. للنشر في إحدى صحفنا السيارة... وفي ختامه يُمكن أن تُنشر مجتمعةً في كتاب واحد أو سلسلة من هذا الإصدار المهم.ألا رحم الله أستاذنا كمال حنفي.. والهم آله وذويه الصبر والسلوان.. وأن يلهمنا الحكمة والفهم والصواب.. فما تبقّى لنا «إلاّ قليل» هادياً ودليلاً.. حتى نحفظ للرجل إسمه ورسمه لتبقى ما بقى للقلم أثر.