ü ليست المقصودة هنا مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة التي شيعت الشهر الماضي في جنازة قيل إنها الأكبر لسياسي بريطاني بعد جنازة وينستون تشرشل في عام 1965. وعزفت في جنازتها مقطوعات لبيتهوفن ومندلسون وشوبان وقدرت تكلفتها- أي مراسم التشييع- ب15 مليون دولار.. على جانب الطريق وقف أكثر من 70 من أفراد الجيش البريطاني مصطفين للراحلة التي قادت القوات المسلحة في حرب فوكلاند في العام 1982. رحلت تاتشر وتركت خلفها منهج «التاتشرية» ويعني الحكم القوي والأسلوب الحازم الذي لا يقبل المساومات السياسية.. أما التاتشرية التي نقصدها هنا فهي مختلفة تماماً كماً ونوعاً.. وقبل أن أدخل في شرحها تستحضرني هنا إحدى كتابات د. كمال عبد القادر في بابه «كلامات» في إحدى صحف الخرطوم أيام الديمقراطية الثالثة بعنوان «تاتشر في الخرطوم».. وكان الصراع على أشده بين «قوى الانتفاضة» وسدنة مايو في الضفة الأخرى من نهر الصراع السياسي السوداني الذي أبى أن ينتهي إلى شيء!! كتب كمال عبد القادر: «جاءت مارجريت تاتشر للخرطوم ونزلت في مطار الخرطوم.. واحد قال للتاني تاتشر شيوعية.. سأله كيف عرفت ذلك.. أجابه قائلاً أنظر لفستانها الأحمر»!! الثاني قال له بل بالعكس تاتشر دي «جبهة إسلامية».. فسأله صاحبه وكيف عرفت ذلك؟.. قال له: ألم تسمعها وهي تتحدث قائلة ثورة رجب ولم تقل 6 أبريل!! إذن هي الانطباعية السودانية وأخذ الأمور على نحو «مبسط» وربما «مخل» في أغلب الأحيان!! التاتشرية الجديدة هي عربات التاتشر التي تستخدمها حركات التمرد في دارفور وجنوب كردفان في دخول المدن والبلدات وبث الرعب والخوف والدمار في تلك المناطق الآمنة وترويع المدنيين والآمنين بشكل غير مسبوق ومألوف في تاريخ السودان القريب والبعيد.. تلك هي العربة التاتشر وما تلعبه في مناطق النزاعات والحروب من دور وربما تكون قد دخلت هذه التاتشر في دنيا العلوم العسكرية وعند خبراء الحروب والإستراتيجيات لسبر أغوار هذه التاتشر التي دخلت على السودان «بالساحق» و«الماحق» ونخشى ما نخشاه أن يقوم مصممو ألعاب الأطفال بتصميم لعبة جديدة تسمى «التاتشر» يتعلم منها الصغار كيف يقتحمون القرى والبلدان على ذات طريقة البلي ستيشن وبقية ألعاب بني «إلكترون» التي تمجد وتزرع في نفوس الناشئة روح الصراع والكراهية والشحناء وإيذاء الآخر!! ونحن في دنيا التاتشر ضحكت وأنا أقرأ رد د. المعز حسن بخيت الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة الاتحادية وهو يهاجم بعنف وضراوة الكاتب حيدر أحمد خير الله ويتهمه بأنه متخصص فقط في مهاجمة د. مأمون وزير الصحة بولاية الخرطوم ولا يجرؤ على مهاجمة وزارة الصحة الاتحادية والتي على رأسها السيد بحر أبوقردة.. قال المعز (وحيدر يعلم تماماً أنه إذا كتب في الأخ العزيز بحر أبوقردة مثل ما يكتبه في مأمون سيجد العربة «التاتشر» أمامه في اليوم التالي مباشرة). ربما لا يقصد «المعز» المعنى في حد ذاته خصوصاً والوزير أبوقردة قد وضع السلاح جانباً ويعد الآن من الوزراء المميزين وله بصمة واضحة في العمل داخل وزارته وفي السعي العام الذي يسعى له الجميع بحلحلة أسباب الحرب والاقتتال.. ومع ذلك يبقى السؤال قائماً: هل التاتشرية أضحت واقعاً مؤلماً علينا أن نتعايش معه أم آن الأوان لتصميم نوع جديد من السيارات «يدشر التاتشر الدم»!! ويا حليل زمن الغناء «للفيات» و«العظمة» و«البوباي»!!.. إنه عهد الغناء للتاتشر قاتلها الله أينما وجدت أو تسللت..!