رأي: الصادق محمد سالم السنهوري : مجذوب الخليفة كان أمة وعالي الهمة، سنوات تمضي سراعاً ولن تعود. رجعت بي الذاكرة إلى أيام زاخرة بالوفاء للجمع المخلص الأمين من القادة والرفاق الأماجد.. سنين شاهدة على عصر الأخوة الصادقة شادوا أعظم الذكرى.. بذل وتضحية من أجل الوطن.. وإني انبش ركام الماضي واذكر الشهداء فرداً فرداً، وأعلم علم اليقين أن باطن الأرض خير من ظاهرها.. مجذوب الخليفة والذي عملت معه عندما كان والياً للخرطوم، وأنا محافظ برئاسة الولاية.. هذا الرجل عاش عيشة الفقراء، لم يتغير شيء في حياته كان بين المساجد والخلاوي.. كنا نعرف مجذوباً ونعلم من هو مجذوب الرجل الذي ترك فينا فراغاً بعد رحيله للدار الآخرة... لعب الرجل دوراً مهماً في تاريخ السودان كان مدرسة متفردة، تعلمنا منهم الكثير الكثير، كيف لا وقد عاش في بيت دين وقرآن وكرم، رفع راية الدين والجهاد. يحفظ له الوطن دوره في محادثات أبوجا مع حاملي السلاح بدارفور.. كان يقول لي دائماً الوقت محدد والدقائق معدودة، وكل ساعة تمضي لا تعود والرابح من استغل وقته قبل نهايته، والخاسر دائماً من عاش عبداً لشهوات.. ألبس الخرطوم ثوب العفاف والعزة والكرامة، كنت أعجب لهذه الطاقة والصبر واستقباله الناس بمكتبه، وعندما نخلص ندون ونتابع، نذهب الى منزله ونجد أرتالاً من الناس بانتظاره، نفتح الملفات من جديد، ندون ونتابع.. وفي اليوم التالي يتابع بدقة متناهية ما سجلناه وما نفذناه.. له تيم للمتابعة يتابع قراراته بدقة متناهية، كان قادراً على الحركة والتنظيم الدقيق.. ساهر على الخرطوم يتجول بالليل والناس نيام.. كرس حياته لخدمة الوطن من خلال جماعة الحركة الإسلامية كان أحد شخصياتها البارزة.. نذر نفسه للعمل العام مثالاً للسياسة الملتزمة، ينجز كل ما أوكل إليه حرفاً حرفاً يقضي الليالي الطوال يواصل الليل بالنهار، كنت أشفق عليه من ثقل المهام كان اهتمامه الدائم بالريف، وما وجد مسكيناً إلا أعانه، وما من مريض إلا كان الشفاء على يده بإذن الله.. ولا محتاج إلا أعانه.. كان يذكرني دائماً بالرجال الأوفياء الخلص والشهداء.. كان كالغيث أينما وقع نفع، شخصية لا تعرف المستحيل وتتحدى الصعاب.. كان لا يقبل أنصاف الحلول، وكنت اختلف معه أحياناً واتفق معه أحياناً أخرى.. كان مجذوب من أهل الصدق والصلاح، إصلاح في طلب الحق وتذكرت قول الشاعر: ذهب المبتلي صحة وصح السقيم ولم يذهب غاب وتوارى عن الوجود، إنهم يغدون ويرحلون، ولا يدرون إلى أين يساقون (إنا لله وإنا إليه راجعون) والفراغ الذي تركته لنا يا مجذوب حافزاً ودافعاً لنكمل مشوار الوحدة والسلام والأمن والرخاء لهذا الوطن الغالي العزيز.