برحيلهما من ساحات العمل السياسي يكونان قد تركا إرثاً من الأعمال والتداعيات التي من الممكن أن تشكل معلماً من معالم السعي نحو خدمة الناس والوطن. يلتقي الاثنان في البساطة والتلقائية الشعبية المحببة لجموع أهل السودان. ومن تلك البساطة الحديث بعفوية بائنة دون تزلف أو رياء.. فالمرحوم مجذوب الخليفة أوجد لنفسه الكثير من المنتقدين لبساطته الممزوجة بصراحة متناهية وهي (أي تلك الصراحة المتناهية) كثيراً ما تجلب لشخصها الانتقاد بل الحذر منها.. ومن ذلك واقعة حديثه حول عمل الفتيات بمواقع معلومة وقراره الأشهر بتقنين ذلك العمل وحينها كان والياً للخرطوم. أما بساطة محمد عثمان محمد سعيد فتتمثل في عدم ميله للحديث لأجهزة الإعلام وبل زاد على ذلك بالحديث البسيط حين يضطر لذلك. شغل الاثنان منصب والي الخرطوم فمحمد عثمان محمد سعيد كان أول والٍ للخرطوم في عهد الإنقاذ.. أما مجذوب الخليفة فكان والياً في فترة اختلطت فيها حالات التقاطعات السياسية قبل وبعد المفاصلة وهي الفترة الأصعب للولاية وحينها استطاع الرجل بذل جهده للخروج بسفينة العمل الإداري والسياسي إلى بر آمن نسبياً.. والسبب تحديات إدارة ولاية بحجم دولة. يشترك الاثنان في العمل السياسي والأهلي في وقت واحد. فحين تولى محمد عثمان محمد سعيد منصب والي الخرطوم كانت له إسهامات مقدرة في متابعة أعمال منظمة الشهيد. بينما عمل المرحوم مجذوب الخليفة كراعٍ لمنظمة أهلية تُعنى بتطوير منطقة أهله بولاية نهر النيل في مجمل سنوات عملهما تبرز حالة ملاحقة العمل حتى إكماله وما وجودهما بمواقع العمل والإنشاءات إلا دليل على صحة ما ذهبنا إليه. لخلفية الاثنين الدينية السبب في هدأتهما ورزانتهما وإن كان مجذوب الخليفة واحداً من أصحاب الحالات القليلة للغضب والتصريحات القوية مثل التي سردناها والخاصة بوضع عمل الفتيات. شارك المرحوم بفعالية في جولات ولائية خاصة بالعمل التنموي بينما انحصر عمل محمد عثمان محمد سعيد بولاية الخرطوم. الاثنان من قارئي القرآن وبل كان شهر رمضان المعظم يمثل لهما فترة للعبادة والتأمل. وفي هذا كانت البرامج الثقافية الخاصة بالأندية تجد عندهما كل اهتمام. دعم الاثنان أسراً كثيرة فكانا من التدين لا يعلنان ما يقومان به. وفي هذا كم من الأفراد والأسر أعلنوا أنهم كانوا يتلقون الدعم منهما وذلك بعد وفاتهما. رحل الاثنان وتركا الحديث عنهما يتصل وسيظل سيرة من سير شخصين عملا عملاً يُصنف في خانة أعمال الأخيار. ارتبط الاثنان بعلاقة المعرفة الحقة وهي علاقة كانت بسبب الانتماء. بعد العام «1989م» عام الإنقاذ.. فاستمرت حتى عام رحيل مجذوب الخليفة. الذي ترك أثراً في نفس صديقه محمد عثمان محمد سعيد. من هذه العلاقة كانت إفطارات رمضان والتي كنت أحد حضورها بمنزل الاثنين وفيها اتضحت علاقة المعرفة التي هي من ديدن أمثالهما من رجالات التنظيم السياسي وربما كانت علاقتهما قبل قيام الإنقاذ. في اتصالنا الهاتفي بأحد المصادر الموثوقة يقول محدثنا:- إن الاثنين كانا ذا علاقة قوية بعضهما ببعض لصفاتهما المشتركة الكرم والبذل للآخرين زائداً ملاحقة أعمال عملهما كولاة للخرطوم. لهما الرحمة والمغفرة.