يقول الكاتب ويل هتون في صحيفة «الغارديان» البريطانية: إن اختيار البابا فرانسيس الأرجنتيني الجنسية لرئاسة الكنيسة الكاثوليكية، إن دلّ على شيء إنما يدل على أن الغرب لم يعد في المقدمة كما كان، بل إن عليه أن ينسى حقبة تقلّد المناصب الرفيعة وقيادة العالم لأن نجم الغرب قد أفل بالفعل. ويستطرد السيد/ هتون مدلّلاً على رأيه هذا ببعض الأمثلة: فمن ينافس شركة «أبل» الأمريكية العملاقة على التحكّم في اتصالات العالم ليست شركة أوروبية أو أمريكية، لكنها شركة «سامسونج» الكورية الجنوبية. كما أن سيادة الصين على اقتصاد العالم لم تعد تخفى على أحد كما يقول الكاتب، الذي أضاف أنه حتى الديمقراطية التي وصفها بالسلعة الغربية الأكثر رواجاً حول العالم لم تعد محل إعجاب كما كانت، حيث قارن العالم بين النموذج الأمريكي، حيث تعثّرت مفاوضات زعماء الكونغرس في التوصّل لاتفاق بشأن أزمة الميزانية بالولاياتالمتحدة، والنموذج الصيني الدكتاتوري الذي يدير البلاد بنجاح ويدفع اقتصادها إلى السماء. ولكن الجانب المضيء بحسب الكاتب هو أنه حتى وإن لم يعد الغرب في المقدمة إلّا أن القيم الأساسية له القائمة على الليبرالية ومحاربة الفقر وإعلاء قيمة الإنسان ستظل دائماً مصدر التنوير في العالم. ونقول للسيد/ هتون:« حتى هذه كنا السباقين فيها .. يقول الإمام علي كرم الله وجهه: «لو كان الفقر رجلاً لقتلته»، وأما قيمة الإنسان فهي في استخلافه على الأرض، ويقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً». ومن جانبنا نضيف إلى ذلك كله، أنه في عالم «الأكاديميا» الذي تتسيده اليوم الجامعات الأمريكية ومعها البريطانية حسب التصنيفات العالمية للجامعات، ففي التصنيف البريطاني «تصنيف مجلة التايمز للتعليم العالي للعام 2013م» نجد أن المركز التاسع بين أفضل عشر جامعات عالمية (7 منها امريكية واثنتان من بريطانيا) أحرزته جامعة طوكيو في اليابان وهناك «14» جامعة آسيوية جاءت ضمن أفضل مئتي جامعة في العالم، وذلك على نحو ما يلي: اليابان 5 هونغ كونغ 3 سنغافورة 3 كوريا الجنوبية 2 تايوان 1 الجملة 14 جامعة وفي ذلك يقول عدد من الخبراء وأساتذة الجامعات البريطانية إنه بالرغم من أن نظام التعليم العالي البريطاني يحتل المركز الثاني عالمياً بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، إلا أن هناك أقطار أخرى تستثمر أكثر من بريطانيا في التعليم العالي، مما أدى إلى تصاعد وتيرة التطور في المجال، خاصة في قارة آسيا حيث تضخ ملايين الدولارات في قطاع التعليم العالي. فالمال هنا يهم كثيراً. لذا يرى البعض أن قارة أفريقيا خارج هذا السباق العلمي العالمي. ففي أشهر تصنيف للجامعات في العالم وهو تصنيف جامعة جياو تونغ، شنغهاي في الصين (بدأ الصدور في عام 2003م) والذي تسيطر عليه أيضاً الجامعات الأمريكية. ففي آخر تصنيف (يناير 2013م) جاءت 8 جامعات من الولاياتالمتحدة ضمن أفضل 10 جامعات في العالم. بينما نجد 4 جامعات أفريقية مع أفضل 500 جامعة: 3 منها من جنوب افريقيا والرابعة من مصر (جامعة القاهرة، وهي الجامعة العربية الوحيدة) في حين أن لإسرائيل 3 جامعات في أفضل 100 جامعة في العالم، وتحتل الجامعة العبرية في القدس المرتبة 53 عالمياً. إذاً لا غرابة ألّا نجد اثراً لجامعات السودان في التصنيف الصيني السابق ذكره، بينما تظهر جامعتا الخرطوم والسودان للعلوم والتكنولوجيا في التصنيف الأسباني (تصنيف الحضور العلمي الإفتراضي - Web ometrics) والذي يعتمد على المواقع الالكترونية للجامعات ومحتواها على الانترنت وخاصة البحث العلمي. وقد أحرزت الجامعتان المراكز التالية في تصنيف يناير 2013م: جامعة الخرطوم: المركز 21 عربياً- 27 أفريقياً- 2275 عالمياً. جامعة السودان: المركز 54 عربياً- 57 أفريقياً- 3613 عالمياً. وهذه المراكز لا تليق بعراقة الجامعتين ولا بالأداء العلمي فيهما. ولكن في تقديري أن المسألة ليست في الجامعات فقط. والأهم عندي الدولة والتي لا تفي بالتزاماتها كاملة تجاه العلم والتعلم وهناك الكثير من الشواهد وأكتفي بالآتي: 1. النظر في الخطة الخمسية الأولى (2007- 2011م) من الإستراتيجية ربع القرنية هناك نص صريح يقول برفع نسبة الصرف على البحث العلمي لتصل إلى 1% من الناتج المحلي الاجمالي (GDP)، على أن ترتفع النسبة إلى 2% بنهاية الخطة!! 2. لا زالت محصلة المؤتمر القومي للتعليم وتوصياته (انعقد في فبراير 2012م) تقبع في الاضابير ولا أزيد.. آخذين بعين الاعتبار كلما سبق ذكره خاصة حديث السيد/ هتون نجد أن أقطار شرق آسيا وجنوب شرقها في بزوغ والغرب في أفول ونحن كما نحن وراء الشمس.. أحمد عبد الرازق جامعة العلوم والتقانة