دخلت حياته مثل نبتة مضيئة ، سكبت في كراسة أيامه عطر البنفسج ، لم يكن الرجل يعرف الوحشة ولا تفاصيل الفراق ، لكن ثمة إمرأة ناضجة كتفاحة ندية جرته إلى بحيرة الشعور بالوحشة ، تربعت على خاصرة قلبه وفتحت في ردهاته دكانة مثل قوس قزح ، لكن فجأة غابت بدون مواعيد أو جرس إنذار ، بحث عنها في ( روزنامة ) الوقت الإلكترونية ، إنقطع نفسه ، وعاد في نهاية المطاف وهو يلعن سنسفيل الوحشة والفراق ، واصل حياته بعيدا عن عطر البنفسج ، وفي أمسية مغسولة بالغيم ووقع سمفونية مطر الشتاء الجامح دهمت حياته مرة أخرى حينما أرسلت له مقطع فيديو من أغنية الفنان محمد عبده من كلمات ثريا قابل والله واحشني زمانك ضحتك حضنك حنانك حطني جوه بعيونك شوف بيا الدنيا كيف يووووووووه إستمع الرجل للأغنية ذات الصبغة الحجازية وأطلق آهة من رهات قلبه المعتمة ، لم تترك اللئيمة عنوان ولا حتى رابط للتواصل ، بدأ يشعر بالوحشة تمسك بتلالبيب قلبه ، كتب لها رسالة وزعها في عباءة الريح ، وقبل أن يوجه بوصلة حياته لنسيان البنفسجة ، عادت الرسالة وهي ترفل في جلباب الصمت ولا من مجيب ، يالله .. قالها الرجل وهو يملس شاربه المنتوف ، عرف صاحبنا في حينه طعم الوحشة القاتلة، وتأكد له وهو مصلوب في دائرة البحث عن المهرة الجامحة أن أقسى ما يمكن أن يعانيه الإنسان هو أن يبحث عن آخر في خضم الحياة ، دون أن يعرف له عنوان ، ولا وطن ولا مكان ولا حتى شارع في مدينة تسترخي على إيقاع الصمت ، jذكر الرجل أن البنفسجة سبق وأن كتبت في كراسة أيامه الإلكترونية نص من خصوصياته ،وكيف أنها أرتادت المدينة الساحلية المستغرقة في الحلم والمغتسلة برذاذ الغيم ، وتجولت في حاراتها القديمة وإستمعت إلى صوت عصافير تعاني من الوحشة وهي تسترخي في (رواشين ) البيوت القديمة ، لكن بعدها غاردت وخرجت من دائرة الحلم ولم تعد ، على فكرة لا يعرف الوحشة سوى من عرف طعمها الحامض ، يتذكر الرجل أغنية الجميل أبو عركي البخيت من بوح التيجاني حاج موسى ، وآآآآحشني ، وأغنية ماجد المهندس والله واحشني موت، وتراتيل الراحلة ورده الجزائرية وهي تصدح في المدى وحشتوني ، إنها الوحشة التي يعاني منها الإنسان ، الشيء الطريف أن السودان بجلالة قدره يعاني من وحشة عدم الإستقرار ومن غير المعروف متى يعود إليه الصفاء وأذكري أيام صفانا .