قبل قراءة المشهد البائس والمحزن فى دارفور الذى يعلن عن نفسة فى اشكال عده قبل ذلك ثمة اسئلة تتبادر لذهن قارئ هذا المقال من شاكلة هل الذى حدث ويجرى الان يمكن وصفه فقط بالبؤس ام ان هناك وصفاً اخر يتعدى الدمار والضياع وهل نتاج الذى حدث فى دارفور كانت بداية الانزلاق نحو هاوية سحيقه فى قرارها العدم وهو ما يعيشه انسان دارفور اليوم وقد يرى قارئ متفائل ان الاحتدام الذى يعيشه دارفور من عنف وقتل ونزوح هى استحكام الحلقة التى ياتى بعدها الفرج ان المشهد الان فى دارفور يمثل امتدادا لاوار العنف والفوضى الامنية التى اجتاحت الاقليم فى الفترة من عام 2004 وحتى نهايات العام 2005وياتى العنف الدامى متسربلا نار القبائل والصراعات المسلحه بين حلفاء الامس والتى خلفت فى ساعات قلائل من الموتى مالم تخلفه حرب الحركات والحكومه فى اعوام كالذى حدث فى منطقة جبل عامر من موت جماعى لعشرات المئات ونزوح مئات الالاف من مناطقهم الاصليه وفى جنوب دارفور اكثر ولايات دارفور تأزما بنار القبائل فى مشهد دار فور الان فقد اصبحت عاصمة الولاية مدينة نيالا ممتلئة بفقراء الظلام وضحايا الحروب القبلية التى انتجت حتى الاسبوع الماضى ما يقدر باكثر من مائه وثلاثة الالاف نازح جديد افترشوا شوارع المدينه والمدارس والاطراف المهجوره وهم يمثلون ضحايا الصراعات القبليه فى مناطق دلال عنقره بين مجموعات الفور والترجم والتى استعرت باسباب واهية وغير مبرره وجاء النازحون ايضا من مناطق مهاجريه ولبدو بعد المواجهات التى تمت بين القوات الحكوميه والحركه المتمرده بقيادة منى اركو وما اعقبت المواجهه من صدامات قبليه بين الداجو وبعض القبائل اضافة الى المجموعات التى نزحت نحو نيالا من منطقة دونكى ضريسه نتيجة الحرب الضروس بين القوات الحكوميه والحركات الدارفوريه المسلحه اضافه الى النازحين من مجموعة السلامات من منطقة ابوجرادل وياتى الحرب العنيفه والمتجدده بين البنى هلبه والقمر بالقرب من مدينة نيالا التى استعصت على الصلح. المشهد الثانى الذى يزيد من معاناة الانسان هو الحصار الذى تضربه الحركات المسلحه وقطاع الطرق على عواصمالولايات وتعزلها عن الخدمات الاساسيه وتعيق الحركة التجاريه وتوقف الا نتاج المحلى بسبب استيلاء هذه الحركات على قوافل الوقود مثل البنزين والجازولين مما يؤدى الى توقف الخدمات الاساسيه الصحيه وامداد المياه واحداث ندرة فى السلع الاستهلاكيه والتى اصبحت فى الفترة الاخيره ظاهرة مستديمه فى مجموعها يمثل اكثر من نصف العام اضافة الى تكلفة الاطواف لحراسة القوافل التجاريه والتى تضاعف اسعار السلع الضروريه للمواطنين. والمشهد الثالث يتمثل فى غياب وضعف الدور السياسى والتنفيذى المحلى بولايات دارفور وعدم الاستقرار الاستقرار الحكومى من خلال التغيرات التى تجرى وسط الولاة وما يتبع ذلك من تغييرات فى اوساط شاغلى المناصب الدستوريه والقيادات التنفيذيه بالاضافة الى الصراعات والتناحر بين القيادات فى الولاية الواحده والتى تاخذ الطابع القبلى والمكاسب التى تجنيها القبيله فى التمثيل الدستورى او حظوظها فى التنميه ومثال ذلك الحملة الهلالية على والى شمال دارفور وما جرى بولاية غرب دارفور ابان ازمة وزير السلطة الاقليمية. ومن مظاهر الضعف السياسى والتنفيذى غياب دور السلطة الاقليمية فى الحياة العامه لدارفور وتواجدها المؤثر فى هموم المواطن الامنية والخدمية والتنمويه من خلال دور اضافى لجهود الولايات اوشراكة منتجة مع الولايات ويتمظهر هذا الغياب فى عدم الاحساس بتغير فى الاوضاع بعد وثيقة الدوحه وقيام السلطة فالامن لم يحدث فيه تغيير بل ان المشهد يشير الى ترد باضافة الصراعات القبليه المتفاقمه الى تهديدات الحركات المسلحه وبدلا عن عودة ومعالجة قضية النازحين بالمعسكرات ازدادت اعداد النازحين الجدد وبدلا عن مشاريع التنمية التى بشرت بها وثيقة الدوحه والمانحون توقف العمل فى مشروعات البنى التحتيه القائمه قبل الدوحه مثل الطرق القوميه والمشروعات الزراعيه وبهذا شكلت السلطة بهياكلها الادارية والتشريعيه عبئا على دارفور. ان البحث عن مخرج من هذ الواقع الحرج يتطلب اولا اعادة توصيف القضيه اعتمادا على المستجدات التى حدثت فى تركيبه واهداف الحركات المسلحه التى ما عادت دارفورية خالصه فهى تتسنم اوضاعا اداريه فى هيكل الجبهة الثوريه وما عادت هذه الحركات جهوية مطلبيه للمشاركة فى الثروة والسلطه فمن خلال تحالفها الجديد اصبحت ذات اهداف معلنه لتغيير النظام ومن المؤكد ان اعادة توصيف القضيه يقود بالضروره الى اعادة النظر فى منهج واساليب البحث عن الحلول واعادة السلام للمنطقه بغير الرؤية التى كانت عليها قبل هذه المستجدات. اخيرا فان الامر يتطلب قراءة عميقه ونظرة للمستقبل القريب مع وضع الاعتبار لكل السيناريوهات المتوقعه والتى قد تنتج من السعى الجارى الان لوضع الدستور الدائم الذى يحدد شكل نظام الحكم فى السودان وايضا الاتجاه نحو اجراء الانتخابات العامه والتى قد تجرى مبكرا للخروج من الاوضاع الحاليه المعقده ولله الحمد