مسيرة العشرات التي خرج افرادها من الكهوف وجحور أم درمان العتيقة أخمدت في حينها دون تسجيل أي خسائر في الارواح والممتلكات .. عكس ما توقعه مهندسوها الذين آثروا الاختفاء بشواطيء الموردة وأبي روف والملازمين وشهد الشعب السوداني بالأمس موقفاً مشرفاً ونبيلاً من قواته الأمنية التي تضحي بالغالي والنفيس من أجل سلامة الوطن ومواطنيه .. وثبت للشعب السوداني بكل قطاعاته أن الأمن الذي يعتبره البعض لا أهمية له في ظل الشعارات الزائفة التحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة أنه ضرورة وأنه الآلية الوحيدة التي تحفظ توازن النظام في أي دولة. بالامس عرف الشعب السوداني أن الحناجر التي تطلق التصريحات جزافاً وتقدح في النظام وقوانينه أن «للصبر حدود» .. وأن الحرية مشروعة ومن حق اي مواطن ان يتمتع بها.. لكن الحرية ليست مطلقة بل لها خطوط حمراء اذا ما حاول أحد اساءة استعمالها .. وأن للدولة أو أي نظام هيبته وسمعته وليس هنالك كبير على القانون.. فأجهزة الدولة الرسمية والأمنية لها احترامها وتوقيرها .. وأن الردع لكل من تسول له نفسه التلاعب بهيبة الدولة وكرامتها أو خرق النظام لاحداث اي خلل أمني او فوضى مقصودة تؤدي الى انفراط عقد الأمن والسلطة. واذا كان المعارضون للنظام في ظل التعددية الحزبية يريدون أخذ القانون بيدهم ليقللوا من هيبة السلطة .. فتبقى الشعارات التي يلوحون بها هي عبارة عن شعارات جوفاء لا تحمل أي مضمون وانما الغرض منها الوصول لسدة الحكم .. وهنا يتساءل المرء هل يرضى السادة المعارضون اليوم اذا وصلوا للسلطة غداً أن يأتي من يعارضهم باستعمال نفس اسلوبهم الذي يقلل من هيبة سلطاتهم ونظامهم السياسي... قلنا مراراً وتكراراً اننا في السودان نفتقد الى معارضة تنبع مفاهيمها من وطنية خالصة تحافظ على سلامة الوطن واراضيه .. لكن ما نشهده الان ان اسلوب المعارضة للوصول لسدة الحكم .. التخريب والتدمير للبنيات الاساسية والممتلكات العامة والتدمير الكامل لمكتسبات الجماهير بهدف اضعاف الحكومة لاسقاطها .. يا لها من معارضة بعيدة كل البعد عن الجانب الوطني والانتماء للتراب.. وجفت في شرايينها دم الوطنية. عموماً مسيرة الأمس واحتواؤها من جانب السلطات الامنية والعسكرية .. انجاز جديد يضاف الى انجازات سابقة تبرهن على أن لا يحق لاي جهة مهما كانت ان تتعدى الخطوط الحمراء .. فالامن الذي لا يريده البعض ويطعنون في قانونه ضرورة ايضاً لهؤلاء البعض ويحميهم من غضب الجماهير اذا ما رأت هؤلاء يدمرون ويخربون ممتلكاتهم ومكتسباتهم التي جاهدوا من اجلها سنوات طوال والحلم الذي تحقق بعد طول انتظار .. فالجماهير ادركت ما حققه النظام الحالي .. الذي وفر لهم من الخدمات الضرورية وبسط لهم اجراءات دون اي وسيط أو حسيب .. ويكفي ذلك. ما حدث بالأمس خسرت فيها المعارضة من رصيدها القليل المتبقي في حسابها حتى لا يقفل نهائياً .. ولكن ما فعلته المعارضة ومسيرة العشرات أظهرت للشعب السوداني اجمع ان الاحزاب السياسية لم تغير اسلوبها في كل المواقف .. أما التجمع الديمقراطي لا وجود له ولا لأي من قيادته التي اشعلت النيران وكانت تحلم باحلام اليقظة لتقطف ثمراً مر المذاق .. فهنيئاً للسلطات الأمنية بكل اقسامها وفروعها .. والمسيرة اثبتت ايضاً أن الجميع يريد الأمن بكل ما جاء بقانونه من بنود.