نعم ملعون أبو الانتخابات.. هذا ما تردده المعارضة الشمالية والحركة الشعبية بعد أن استدركت أن حزب المؤتمر الوطني حسب ما يردد بعض المراقبين لعملية التسجيل الانتخابي بأنه الأكثر حظاً للفوز وأحرز نتائج متقدمة عن الأحزاب الأخرى- وتخطيء خيارات المعارضة والحركة الشعبية إذا تصورت أنها ستفوز بأكثرية كما كانت تتدعي من قبل.. فقانون الانتخابات أخذ ما أخذ من وقت حتى تمريره وإجازته من قبل الغالبية من الأعضاء.. لكن الشئ المحزن أن نشاهد اليوم سيناريوهات جديدة كلها تشير إلى أن الأحزاب الشمالية ذات الوزن المتذبذب لن تقوى على مواجهة الحقائق والنتائج.. فقد بدأ الصياح والبكاء مع مرور الوقت وقرب الانتخابات.. وفي غالبية الظن أن الأحزاب برمتها لم تعمل حسابها لخوض العملية الانتخابات وغير مستعدة مالياً وجماهيرياً. الانتخابات افرازاتها الأخيرة لا يمكن التنبئ بها ومواقفها محفوفة بالمخاطر وتحدث المفاجآت في اللحظات الأخيرة.. ومهما فعلت الحركة الشعبية وتعاطفت مع الأحزاب الأخرى.. لا يدري أحد وربما تفاجئ حلفاءها في اللحظات الأخيرة بالاتكاءة على كتفي المؤتمر الوطني.. كما حدث في التصويت على مرور الانتخابات في البرلمان.. وفوراً قادها التفكير لتقديرها ولم تحصل المعارضة إلا على 12 صوتاً فقط، وكانت صدمة عنيفة للحلفاء ومهندسي الأزمات. العزف الجماعي أو أوركسترا المعارضة الذي شاهدناه يوم الإثنين الماضي أمام قبة البرلمان يدل على أن المعارضة بكل شرائحها لا تريد قيام الانتخابات وتحبز خلق الفوضى ظاناً منها بأن هذا المسلك سيسقط النظام.. بتأجيج الشارع وحثه على العصيان على النظام الحاكم الذي تتحدث انجازاته وأفعاله قبل كلماته لكن المعارضة همها الأكبر هو اسقاط النظام.. والرجوع إلى المربع الأول والسودان يخطو نحو الاقليمية والعالمية بفعل امكاناته وكوادره البشرية المؤهلة وحجم التنمية والتطور الذي انجز خلال عقدين من الزمان. أحداث الاثنين الماضي أو مسيرة الغضب المحدود لم يحسن منظميها الإعداد لها بالصورة السليمة كما يدعون بل أغلفت جانباً مهماً وهو التغاضي والتقليل من شأن السلطات التي تصادق على المسيرات وأخذ التصديقات اللازمة.. وكان يمكن لشيوخ المعارضة والشخصيات السياسية التي يحترمها الجميع أن يتقدموا الصفوف وبكل وقارهم يقدموا المذكرة وينفض الجمع بسلام.. أما أن ينصب البعض أنفسهم وفد المقدمة دون مراعاة للسلوك الذي يجب التعامل عبره لرجال الأمن والشرطة الجهات المسؤولة عن حماية المواطنين والممتلكات من أي تدمير.. فتواجد السلطات الأمنية ليس دفاعاً عن الحكومة أو النظام بل أن من واجبهم أيضاً الحفاظ على أرواح الذين لهم رأي مخالف ضد النظام لكن حدث ما حدث ولم يكن في الحسبان.. لكن ومع كل الخروقات التي حدثت حرصت السلطات على احتواء النشاز وحافظت على الأرواح والممتلكات التي أراد لها البعض التدمير وأن تسيل الدماء. عموماً نقول يجب الاستفادة من أحداث الاثنين الماضي ونتعرف على الأسباب الحقيقية والدوافع وراء السلوك النشاز الذي أصدره البعض ونعرف أيضاً هل هذه هي حرية التعبير أو السلوك الديمقراطي الصحيح الذي يقودنا إلى التداول السلمي للسلطة والتحول الديمقراطي.. لتصبح دولة عصرية متقدمة بصرف النظر عن مَن يكون على قمة السلطة ولكن تداعيات الأحداث المؤسفة تمر دون تقييم التجربة ويستمر البعض في تكرارها دون مراعاة للمؤسسات التي تكوّن هيكل الدولة. وإذا كانت الانتخابات أصبحت البعبع المخيف للمعارضة والأحزاب ذات الوزن الثقيل.. نتساءل هل هنالك مفر منها وهي شارفت على الاقتراب وكيف لنا أن نبني سودان جديد دون ممارسة عملية انتخابية.. ونهمس في أذن البعض أن السلوك الحضاري من ثمة الشعوب المتحضرة ولا شك أن السودان واحد من هذه الشعوب.. ولنا أيضاً أن نتعلم من تجارب الدول التي سبقتنا في مضمار الديمقراطية والممارسة الصحيحة والحق الانتخابي لكل مواطن.