طالعتنا صحيفة آخر لحظة العملاقة في عددها رقم (1464) بتاريخ 2/9/2010م تحت عنوان: ما هذا الذي يحدث في نيالا بالبرلمان في زاوية (إضاءات) للكاتب طه النعمان، بمقال يحمل جملة من التناقضات والإفتراءات والتحريض. نعم الصحافة هي السلطة الرابعة وأيضاً لها دور طليعي في كل المجتمعات والدول، ولكن هذا الدور يجب أن يصب في الاتجاه الإيجابي، والنقد البناء، وليس التحريض السالب.. فمحتوى المقال يصنف في خانة المقالات السالبة المضللة للرأي العام في دولة مثل السودان، يتأثر المواطن فيها بمعلومة تصل إليه عبر الصحف، وهو غير ملم الماماً كافياً بالمعلومات والواقع الحقيقي، مما يضع عده علامات استفهام؟. استهل الكاتب طه النعمان مقاله بأن نيالا ظلت هي أكثر حواضر الاقليم وعواصمه استقراراً وأمناً، ولكنها في الآونة الأخيرة أصبحت مرتعاً للعصابات المسلحة.. نعم هي عصابات مسلحة ذات طابع إجرامي بحت وأحياناً اجرامي سياسي، فمتى كانت آمنة ومستقرة، وجنوب دارفور بؤرة من بؤر الصراعات المسلحة التي يعلمها العالم أجمع، والحق أن جهود سلطات الولاية بأجهزتها السياسية والتنفيذية والأمنية، عملت على الحد من الصراع المسلح بين التمرد والسلطة القائمة، ومن الطبيعي أن تتخذ تلك المجموعات أشكالاً أخرى من المقاومة كالاختطاف، والحجز، وقطع الطرق، والنهب في مرحلة ضعفها، وقد تصل المقاومة إلى حد الاغتيالات السياسية في بعض الأحيان.. الأمر الآخر تحيا حكومة جنوب دارفور وعلى رأسها الوالي المنتخب د. عبد الحميد موسى كاشا إن رفعت العصا، وأظهرت هيبة الدولة أمام بعثة القوات الأفريقية المشتركة (يوناميد)، فمن يرضى أن تكون هناك دولة داخل دولة، ومن يرضى أن تنتهك سيادتنا، فالوالي د. عبد الحميد كاشا مسؤول عن سيادة الدولة في تلك المنطقة، التي هي واحدة من بؤر الصراع المسلح وأشدها توتراً، حسناً فعلت القيادة إن قبلته مرشحاً لها، وعظيماً فعلت الجماهير أن اختارته واليها، وهي تعلم جيداً قدراته وسعة أفقه وتواضعه، وحسن إدارته، وليس كما قلت أنت بأن هناك خللاً وضعفاً وسوء إدارة، لا يتناسب مع الأوضاع القائمة في جنوب دارفور. ثم تأتي وتناقض نفسك بالقول إن نيالا هي أكثر عواصم الاقليم أمناً واستقراراً في السابق، كيف نفسر طبيعة الأوضاع القائمة في دارفور، أليست هي حالة الاحتراب القائمة منذ أن أندلعت حركات دارفور المسلحة؟. تطرقت بأنك زرت نيالا في أواخر عام (2005) في عهد الوالي الحاج عطا المنان ضمن وفد منظمات المجتمع المدني التي صرنا نتخوف منها، إن كانت وطنية أم أجنبية، وما أزمات البلاد، وتشويه صورتها، والقضايا الجنائية ضد الوطن وقادته، إلا من فعل شيطان تلك المنظمات، ولبئس الحديث عن أكل أكباد الإبل الطازجة وهناك نازحون في المعسكرات التي زرتموها، وأنتم قادمون لاغاثة هؤلاء.. وما دامت هناك معسكرات للنازحين فمن الطبيعي أن يكون الوضع غير طبيعي من الناحية الأمنية، فكيف كانت آمنة ومستقرة هذه المنطقة. والدهشة تكمن في الإشارات للأخ الحاج عطا المنان، وذكر أنه أول وال يدخل معسكر كلمة، ولعل هذا الحديث ينم عن الخبث السياسي الناعم. فتعلم أخي أن في كل التنظيمات السياسية لكل أجندته ولكل مجموعة أجندتها، ولكن الأجندة لا تخرج لحيز الصراعات الحادة المضرة، فذكرك للأخ الحاج عطا المنان الذي نكن له الود والاحترام آمل أن لا يكون نكأً للجراح التي تشعل الفتن، وبديهي أن يفسر بأنه نوع من الحقد والتقليل من إيجابية وفعالية الوالي د. عبد الحميد كاشا، الذي انتهج نهجاً مغايراً يجسد روح القائد المدرك الحريص على سيادة الدولة والإبداع في التصدي للأزمات وإيجاد لها، ولكنك مالك لم تذكر الذين أتوا من بعده أليست لهم حسنات؟. نحن نعلم أخي أن الصحافة يجب أن تكون حرة، ولكن استغلال الحرية بشكل يؤدي إلى إنتهاك سيادة الوطن أمر مرفوض وخط أحمر، فدفاعك عن السيدة أقرو إقلاند المديرة الإدارية لمنظمة (N.C.A) النرويجية تعتريه السذاجة فان كنت تعني بأن هذه المنظمة تعمل في مجال التعليم والصحة والمياه والطوارئ كما ذكرت، فلتعلم أخي إن الدولة وأجهزتها المختصة قادرة على القيام بهذه الخدمات، والتي تعد على رأس مسؤولياتها، بل هذه المنظمات خلقت حاجزاً داخل هذه المعسكرات، واستغلت ستار الأعمال الإنسانية لتنفيذ أجندة مضرة بالوطن، ومن ثم تفتيته وتأجيج الصراعات فيه وإلا لماذا همست هذه السيدة في أذن الأمريكية المحررة، بأن تقول إن الخاطفين عاملوها معاملة سيئة لتزيد من الحقد على السودان حكومة وشعباً، وتلقي المسؤولية على الدولة، رغم أن الخاطفين خارجون عن القانون كما ذكر الوالي ونعلم، فالتحية له إن قام بطردها، وهي التي تعودت أن افسح لها المجال إن تجلس إلى جنب المسؤولين والولاة، فمن أين اكتسبت هذا الحق والمشروعية.. الأمر الآخر يجب أن تعلم أخي طه أن السلطة لها تقاطعات، والحاكم أدرى بذلك، وهو ملم بأدق التفاصيل في الشؤون السياسية والتنفيذية والأمنية، فأين أنت من أدق تفاصيل السياسة الأمنية، وأخشى أن تكون دراما الغرور هي التي دعتك أن تطالب بإعلان أسماء الخاطفين وعلنية محاكمتهم، ويا للهول من بعض صحفيي هذا البلد، وخاصة الذين يدعون أنهم أكابر. ونعود ونقول لك المعذرة لايراد اسم الأخ الحاج عطا المنان رئيس مجلس إدارة هذه الصحيفة في جملة مفيدة مادمت أحد العمال بها، فنحن لا ننكر بصماته الإيجابية في هذه الولاية وهو أحد أبناء السودان المخلصين. أخي طه الصحافة فكر.. وثقافة.. واستراتيجية.. ومعلومة وخبرية فالصحفي يجب أن يكون مجسداً لذلك ويا للسذاجة أن تذكر معلومة للقارئ، أن نيالا مدينة صغيرة ليست كالخرطوم أو القاهرة أو نيويورك.. ألا تعلم أخي أن نيالا هي ثاني مدينة في السودان من حيث عدد السكان، أضف إلى ذلك أنها منطقة صراعات مسلحة، وكما ذكرت أنت بالحرف أن جنوب دارفور تقع ضمن إقليم يعيش أزمة طاحنة ومدمرة- أي دارفور- وهذه أخي مسؤولية جسيمة أكبر من عظمة المسؤولية في الخرطوموالقاهرةونيويورك حيث يعم السلام، وليست هناك حروبات ولا صراعات أثنية وعرقية، ورغماً عن ذلك ما يحدث في هذه العواصم أو أقاليم وعواصم أخرى أكبر من حجم ما يحدث في نيالا، فهذا له مسبباته، ولكن السلوك الإجرامي موجود أينما وجد البشر، والاختطاف حدث ويحدث في الخرطوم، ومدني، وبورتسودان، والنهب بالمواتر والتهديد والكسر يحدث أيضاً في كوستي، والأبيض، وكادوقلي وغيرها، هذه سنة الحياة منذ أن بدأ الخير والشر.. ولكن نهج الوالي د. عبد الحميد كاشا كان يجب الثناء عليه مع قصر مدته، لا نقده، والسعي إلى شن حرب عليه، خاصة والولاية ذات خصوصية.. أيضاً أخشى أن تكون هذه بداية لعمل منظم باستغلال الحرية والديمقراطية والسير في نهج تقنين الفوضى، رغماً عن قصر الفترة الزمنية بعد الانتخابات بالقيام بتحريض والبرلمانين والبرلمانيين. ولعمري إنها مصيبة بدلاً من أن تشجع الصحافة نهج المؤتمرات الصحفية، وإطلاع الرأي العام على ملابسات الأحداث في القضايا اليومية والساخنة، تقف عائقاً أمام ذلك بل تتمادى ويصيبها الغرور، وتطالب بكشف ما هو أمني، لازالت الأجهزة الأمنية تتحفظ عليه للمصلحة العامة.. فهذه ليست عدالة دكاكينية أو محاكم سرية، فالأمر أمر دولة تسعى جاهدة للقضاء على ظاهرة الإجرام المسيس لحماية الوطن والمواطن، ثم لماذا هذا الود والتعاطف. ختمت مقالك أيها الكاتب طه بأنك أشهرت كل أسلحتك التحريضية، بل دعوت البرلمان واتصلت ببعض رؤساء اللجان بالمجلس الوطني، لتوجيه أسئلة عن أسباب التدهور الأمني الذي تزعم، ومساءلة الوالي، ويا للدهشة بأن مثلك لا يعلم أن الوالي غير مسؤول أمام البرلمان، فهناك مستوى من مستويات الحكم مسؤول عن مساءلته المجالس التشريعية الولائية.. وإن دعوت لذلك فأنت أيضاً مسؤول أمام محاكم الجماهير لتضليل الرأي العام وأساليب التحريض الرخيصة وما- أغضبها- أي الجماهير. وأخيراً أرجو أن لا ينتقل نهج بعض الصحفيين إلى صحيفة آخر لحظة مع دنو الأعياد، ونعيدها إن كنت منتظراً البرلمان فانتظر أنت الجماهير يا طه بن النعمان. المواطن إدريس علي موسى من الكاتب: شكراً ل (المواطن) الزعلان إدريس علي موسى، الذي أفرغ كل ما في جعبته من الاتهامات والإساءات على كاتب (الإضاءات) لتنبيهه للتدهور الأمني الذي تشهده نيالا، والذي كان آخر مظاهره الهجوم على أحد رموزها السياسية رجل الأعمال عضو المجلس التشريعي في قلب سوق المدينة. (اليوناميد) التي ترى عملها اختراقاً وانتهاكاً للسيادة، لم يدعها كاتب هذه السطور لتتمركز في إقليم دارفور، فأرجو أن تخفض بعض الشئ من وتيرة حماسك، و(تأخذ نفس) لتبحث بموضوعية في معنى (السيادة)، والأسباب التي دعت لتقاطر الجيوش الأجنبية على بلادنا -(يوناميد)- أو (يونميس)، لتكتشف بنفسك أن حديثك عن (السيادة الكاملة) في ظل الواقع الماثل، لا يعدو أن يكون خيالاً أو أحلام يقظة. ليس بيني وبين الوالي عبد الحميد كاشا، ما هو شخصي، أو حتى معرفة شخصية، فأنا أكتب عنه أو عن غيره تحليلاً وقراءة لواقع قائم، ما ينفي كل تخرصاتك بأنني حول (التضليل) أو (القصد والغرض)، وبإمكانك أن تسأل الوالي نفسه عما إذا كان يعرفني على المستوى الشخصي. أختباؤك وراء كلمة (مواطن) لتعريف نفسك يعطي إيحاءاً قوياً بأنك لا تريد أن تفصح عن طبيعة عملك، ودوافعك وراء هذا الرد الغاضب، و (مواطن) يمكن أن يستخدمها كل من يحمل جنسية أو جوازاً أو رقماً قومياً. وبالتالي هي لا تصلح مجردة كعنوان لمن يتصدى للكتابة. وأخيراً لست في وارد رد متكامل على كل ما ذهبت اليه، فقراؤنا على درجة من الأهلية والذكاء، ليميزوا بين ما ورد في (ردك) وما جاء في تلك (الإضاءة)..