تلقيت ردود أفعال كثيرة عن زاوية الأمس التي جاءت تحت عنوان (ماذا لو طلب أوكامبو لقاء سلفاكير؟).. عشرات المحادثات الهاتفية من سياسيين ورؤساء أحزاب وصحفيين وكتاب ومكفرين ومحللين.. ومن داخل الصحيفة إذ كانت المفاجأة الأولى هي أنني وجدت زاوية (بعد.. ومسافة) على الصفحة الأولى، في غير مكانها المعتاد على الصحفة الأولى الثانية (الأخيرة)، مقواة ومدعمة بصورتين الأولى لمدعي ما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو أوكامبو، والثانية للنائب الأول لرئيس الجمهورية السيد الفريق أول سلفاكير ميارديت، فقد رأى مدير تحرير الصحيفة ورئيس تحريرها بالإنابة الأستاذ عبد العظيم صالح أن يقوم بذلك بعد أن أتفق مع الأستاذ ياسين محمد عثمان مدير الإدارة الفنية عليه، وكان هذا هو تقديرهما بعد قراءة المادة، وخروجي من الصحيفة. ردود الأفعال لم تتوقف من داخل البرلمان أو من داخل بعض الأحزاب التي ماكنا نحسب أن لها كثير اهتمام بمثل تلك اللقاءات المفترضة أو المتوقعة. ولا من بين زملاء المهنة في (آخر لحظة) أو الصحف الأخرى، حتى أن صحفياً كبيراً صاحب صوت وقلم وأثر، قال لي بالحرف: (لقد بدأتم الزلزال).. (!).. وطلب إلى آخرون أن أكتب عن توقعاتي إن كان اللقاء سيتم، وأن أدفع بتحليل منطقي للحدث - إن وقع - وتداعياته وردود الأفعال المتوقعة داخل الحكومة وفي الشارع السوداني شمالاً وجنوباً، وداخل الحركة الشعبية نفسها. حقيقة كنتُ قد كتبت فرضية طلب اللقاء وتركت تقدير الأمور المفصلة لمن يقرأ لكن أجد نفسي مضطراً لأكتب ما أتوقعه رغم أن التحليل والوصول إلى نتائج مفترضة قد يغضب فئة أو يرضي فئة أخرى، لذلك أتوقع الآن أن يكون السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية - الموحدة حتى الآن - محصوراً في دائرة ضيقة من الضغوط التي يواجهها ممن يسمون أنفسهم ب (أولاد قرنق) حتى يتم اللقاء بين مدّعي ما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية وبين السيد سلفاكير ليصبح رئيس الحركة الشعبية في وضع حرج مع السيد رئيس الجمهورية وشركاء السلطة ممثلين في المؤتمر الوطني قيادة وعضوية ليباعد ذلك اللقاء بين الرئيس ونائبه الأول للأبد، ويواجه السيد سلفاكير برفض واسع وعنيف في الشمال، وتسهل الإطاحة به حتى من رئاسة الحركة الشعبية ليخلو الجو لمن غذوا الفكرة ودعموها وسعوا لأن تتحول من «فكرة» إلى «فتنة». والسيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول سلفاكير ميارديت ربما يشعر الآن بأنه قد استنفد أغراضه بالنسبة لمن هم حوله، وبالنسبة للإدارة الأمريكية التي لا تعول عليه بقدرما تعول على مجموعة (أولاد قرنق) داخل الحركة الشعبية، لذلك جاءت تصريحاته يوم أمس الأول (الجمعة) أمام جمع من الحضور في واشنطن لتقول نصاً: «إن كل الدلائل تشير في الوقت الراهن إلى أن شعب الجنوب سيصوِّت بأغلبية ساحقة لصالح استقلاله في الاستفتاء المقبل». أتوقع أن يدفع «أولاد قرنق» في اتجاه اللقاء (الكارثي) وأن يلتقي النائب الأول للرئيس بقائد حملة اعتقاله من داخل ما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية وأن تلتقط العدسات ذلك المشهد وتوثق له في كل أجهزة الإعلام الدولية والمحلية، لتصدر بعد ذلك تصريحات (باردة) بأن اللقاء تم (صدفة) أو أن السيد النائب الأول (فوجيء) بمدعي الجنائية «أوكامبو» أمامه وهو يمد يده له فلم يجد بداً من مصافحته.. وفي كل الحالات سيكون الإسفين قد تم دقه في الشراكة.. وفي وحدة الوطن.