لم يكن أمام سلفاكير ميارديت رئيس دولة الجنوب خياراً للحفاظ على كرسى الرئاسة وكسب إحترم وتأييد الشارع (الجنوبى) سوى حل حكومته وعزل نائبه د.رياك مشار وأمين عام الحركة الشعبية باقان أموم الثلاثاء الماضى .فخلال العامين الماضيين ظل أعضاء الحكومة فى دائرة الإتهام بالفساد والمحسوبية . الأمر الذى دفع ناشطين سياسيين فى جوبا ومنظمات وشخصيات أجنبية وقفت مع جنوب السودان خلال فترة الإستفتاء تتساءل عن دور الرئيس سلفاكير فى حماية حكمه ووقف الفساد.وحسم الخلافات داخل الحركة الشعبية .وقد بدأ سلفا (معركته) بمطالبته لقيادات الحركة والوزراء بإسترداد أموال تصرفوا فيها وفى أبريل الماضى قام بتقليص صلاحيات نائبه رياك مشار ومن ثم إحال وزير المالية كوستى مانيبى ودينق ألور الى لجنة التحقيق فى عملية فساد مالى .وقد هيأ الرئيس فى خطابه بمناسبة ذكرى الإستقلال فى التاسع من يوليو الشارع الجنوبى وأعلن عن تعديلات جوهرية فى حكومته .لكن لم يكن البعض أن تشمل القرارات إحالة باقان الى التحقيق لسوء إدارته للحزب .وهو قرار ينم على أن خلافاُ عميقاُ نشب بين الرجلين حول قرارات إعفاء الحكومة وعزل مشار فضلاً عن الإنتقادات التى ظل يوجهها باقان للحكومة والرئيس عبر وسائل الإعلام . ويعد باقان أموم من العناصر المؤثرة داخل الحزب الحاكم بحكم منصبه كأمين عام، وعرف عنه تشدده تجاه ملفات التفاوض مع الخرطوم والتي يرأسها بصفته كبيرا لمفاوضي جنوب السودان.وكان أعلن بداية الشهر الجاري عن فشل الحزب في إدارة شؤون الدولة الوليدة، وحمّل الحكومة التي يتزعمها رئيسه سلفاكير ميارديت مسؤولية الفشل في تقديم الخدمات للمواطنين، وتحقيق الاستقرار والسلام. وتنص مهمة اللجنة على التحقيق مع أموم حول مزاعم قيامه بسوء إدارة شؤون الحزب إدارياً وسياسياً وإظهاره العصيان لقيادة الحركة باستخدام وسائل الإعلام العامة لتشويه سمعة الحركة الشعبية وقيادتها، بالإضافة إلى تصريحاته المثيرة والمحرضة للمشاعر القبلية في البلاد. بحسابات الربح والخسارة فإن سلفا كسب تأييد الشارع السياسى ولأحزاب السياسية الأخرى التى ظلت تطالبه بتكوين حكومة (إنقاذ وطنى) تخاطب قضايا المواطن لا قضايا قيادات الحركة الشعبية.كما أنه إستطاع إبعاد خصومه لكنه يواجه الآن تحدى التشكيل الجديد للحكومة لدولة تتحكم فيها القبلية .ورغبات المساندين له فى الحصول على فوائد مابعد (تأييد القرارات) إذ ظهرت خلافات جديدة بين مساعدى ومعاونى سلفاكير حول منصب نائب الرئيس .خاصة وأن هناك عدد منهم قد وعدهم الرئيس بالمنصب وقالت مصادر أن جوبا شهدت أمس وأمس الأول مشاورات مكثفة بين سلفا وبعض القيادات وقالت المصادر (الآن الوقت قد حان لتنفيذ الوعود) ومن بين المرشحين المحتملين لمنصب نائب الرئيس , جيمس واني ايقا رئيس مجلس النواب الحالي، والدكتور رياك قاي كوك الرئيس السابق لحزب المؤتمر الوطني «NCP» في جنوب السودان ، جون لوك جوك وزير العدل السابق و جيمس هوث ماي الرئيس الحالي لهيئة الأركان العامة. وتشير مصادر الى إعتذار كل من جون لوك و جيمس هوث عن تولى المنصب بينما أبدى جيمس وانى إستعداده لتولى النصب لكن قيادات أخرى رفضت وانى من حيث المبدأ وإتهمته بالضعف وعدم الجدية كزعيم. في ظل الظروف العادية، ينبغي للرئيس أن يعين نائبه الأول الذي سيقوم بدوره بالتشاور معه بشأن تشكيل مجلس الوزراء. الدولة من جانبها بعثت برسائل لطمأنة الشارع الجنوبى الذى تلقى شائعات أمس الأول بمغادرة سلفاكير جوبا وإن الرافضين لقراراته سينظمون مسيرة إحتجاجية حيث سارعت الرئاسة بإذاعة خبر وجوده فى مقر إقامته لإجراء مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة .فيما أكد الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة العقيد جيمس ماندي استقرار الأوضاع الأمنية داخل البلاد وفي جوبا، وقال ماندي في مؤتمر صحفي عقده أمس الأول أنه عقب صدور القرار الرئاسي كانت هناك تكهنات بحدوث أعمال شغب واندلاع مظاهرات مما أسفر عن حالات فزع ورعب وسط المواطنين. وأكد أن الوضع الأمني مستقر تماما وأن الشرطة تقوم بواجبها في حفظ الأمن وليس هناك مايدعو المواطنين للخوف. وأبان بعدم وجود حظر تجوال مفروض على المدينة كما يزعم الجميع، مناشدا المواطنين بمزاولة أعمالهم اليومية كالمعتاد وأن القرار الذي أصدره الرئيس ليس بالشئ الجديد بل مثل أي تشكيل وزاري وبموجب السلطات المخولة له حسب الدستور. وطالب وسائل الإعلام بنشر الوعي بين المواطنين وتمليكهم المعلومات الصحيحة لضمان الاستقرار الأمني.