ما إن يبدأ شهر رمضان المبارك في العد التنازلي تزداد حركة الأسواق بالعاصمة بمختلف درجاتها وتصنيفاتها نشاطاَ وحركة.. وخاصة تلك الأسواق التي تهتم بالملبوسات والأحذية والحلويات ومستلزمات الأعياد الاخرى. ٭ وسوق الاخوان أو ما كان يعرف ب «سوق الحرامية» أو سوق «المرحوم قدّرك» بسوق ليبيا ليس بمعزل عن الأسواق الاخرى رغم اختلاف وتباين معروضاته التي تتأرجح ما بين الملابس القديمة والملابس التي تمت إعادة صياغتها وما بين الأحذية من مختلف الأشكال والأنواع. سوق الاخوان النشأة والتاريخ: عبد الرحمن علي.. رجل تجاوز السبعين من العمر إلّا انه لا زال يحتفظ بكثير من الحيوية والنشاط مكنته من السعي الدؤوب طيلة فترة تواجده بالسوق بحثاً عن البائعين أو المشترين وهذا هو المشهد اليومي للسوق.. إما عارضين لبعض الملابس القديمة أو باحثين عن شرائها.. يقول عبد الرحمن علاقته بالسوق منذ زمن طويل وهو من اوائل المتعاملين معه منذ ان كان سوقاً صغيراً خلف السينما بأم درمان وخلف الجامع الكبير بام درمان ايضاً وفي تلك الفترة كان يعرف بسوق الحرامية حيث كان بعض الأفراد يعرضون فيه بضائعهم من الملابس والأحذية والتي كانت تبدو في حالة جيدة بأسعار رخيصة مما جعل الناس يطلقون اسم سوق الحرامية على هؤلاء الأفراد ظناً منهم ان رخص أسعار بضائعهم يعود إلى أنها من المسروقات!!! وسألنا عبد الرحمن ان لم تكن هي كذلك فما هو مصدرها؟ أجاب ضاحكاً ربما تكون نسبة منها كذلك، ولكن هناك مصادر اخرى عديدة فهناك أشياء تعود إلى أناس إنتقلوا الى رحمة مولاهم، وقد عرف عنا في السودان.. إننا نوهب كل مقتنيات الفقيد كصدقات ويضيف.. إن الاقبال على السوق شجع بعض الناس على جمع الملابس والأحذية القديمة عن طريق ما عرف بتبديل العدة، وهي مقايضة الملابس والأحذية والاشياء القديمة بالأدوات المنزلية كما ان إزدهار السوق وزيادة الإقبال عليه شجع البعض على المتاجرة باستيراد الملابس القديمة الا ان هذا النوع قد قل بسبب ظهور بعض المشاكل الصحية اضافة الى إرتفاع الجمارك التي تفرضها على البضائع. ٭ ويضيف عبد الرحمن هذه هي الفئات التي تغذي السوق. كما ان هناك ايضاً بعض الأفراد يأتون للسوق وغالباً ما يكون ذلك في أيام الجمع والعطلات حيث يعرضون بعض الأشياء القديمة من ملابس وأحذية كما ان السوق توسع في تعامله مع الأشياء القديمة ليشمل الأدوات الكهربائية القديمة.. وهناك بعض الأفراد يتعاملون مع هذه الاشياء، ً٭ ويذكر عبد الرحمن ان السوق كانت بدايته خلف الجامع الكبير بأم درمان منه انتقل الى سوق ليبيا. بعد ان ضاقت المساحة التي كان بها فكان من الضروري توسيع الرقعة.. وبالفعل انتقل الى منطقة سوق ليبيا بأعتبار ان المنطقة مخصصة للأسواق وان تسمية السوق بسوق الاخوان يقود في البداية كان يعرف بسوق الحرامية ثم سوق (المرحوم قدرك) واخيراً صار اسمه سوق الاخوان في اشارة الى ان عملية البيع والشراء في السوق تتم بصورة أخوية بعيداً عن المفاصلات التي تتم في الأسواق الاخرى فالتعامل تعاطفي مع الزبائن الذين هم من الفقراء. الزبائن: ٭ الزبائن الذين يرتادون السوق كما هو واضح من الطبقات الفقيرة وقد غلب العنصر النسائي على الرواد الذين كان معظمهم برفقة اطفالهن، ويقول عبد الرحمن ان رواد السوق لا يرون اي حرج في إرتياده أو شراء بضائعه القديمة والمعروفة المصدر وكل ما يهمهم هو الحصول على ما يناسبهم ويناسب اطفالهم ويرسم البسمة في شفاههم بعد حصولهم على المقاسات المناسبة بهم.. والسوق لا يخلو من معروضات جديدة أو شبه ذلك وهذه تعود الى ان اصحابها من المراحيم الأثرياء الذين انتقلوا الى رحمة مولاهم.. ويستدرك محدثنا.. ويقول بالمناسبة في شباب آخر أناقة يأتون لسوق الاخوان ويتعاملون مع بضائعه وهؤلاء يتصيدون الملابس المتميزة من بدل وكرفتات وتي شيرتات والأحذية الراقية أصحابها في الأصل مراحيم من الأثرياء وميسوري الحال، وبالمناسبة هناك بعض الأسر الغنية عندما يموت احد أفرادها تتخلص من كل مقتنياته وما يخصه حتى الساعة والخاتم وما شابه كصدقة على روحه والتخلص من كل ما يذكرهم بالمرحوم. الأسعار: ٭ تعتبر الأسعار في سوق الاخوان في متناول كل من يطرق هذا السوق وقد شهدت مفاصلة قصيرة بين بائع ومشتري انتهت بدفع خمسة عشر جنيهاً مقابل قميص وبنطلون جينز كلاهما «بصحة جيدة». ٭ لاحظنا ان معظم المتعاملين مع السوق من التجار أو الزبائن من النساء، ويفسر لنا محدثنا عبد الرحمن هذا بأن النساء متاح لهن إرتياد المنازل واقناع ربات البيوت ببيع الأشياء القديمة أو مقايضتها بالعدة ليعودوا بالبضاعة للسوق لعرضها.