وضعت حوادث الاغتيالات المتكررة والمظاهرات والحرائق التي عانت منها مدينة نيالاجنوب دارفور في النشرات الرئيسية والقنوات الفضائية، وذلك لسخونة المشهد السياسي والأمني بالولاية وعودة التوتر مجدداً للسطح في تلك المدينة وعلى الرغم من تكرار المشاهد إلا أنه دائماً ما تطرح العديد من الأسئلة التي تتطلب الإجابة عليها نظرة فاحصة ودقيقة لما جرى، وإن كان الرأي العام منقسماً حولها فهناك من يرى أن إدارة حكومة الولاية بقيادة الوالي اللواء «م» آدم محمود جار النبي شابها نوع من التراخي، بينما يؤكد آخرون بأن الجنرال أدار الأزمة بحكمة ويبرر أصحاب هذا الاتجاه صحة مقولتهم بانتهاء الأزمة دون إراقة دماء كثيرة وأعابوا على الإعلام ما وصفوه بإصدار الإدانة والحكم في يوم واحد ضد الوالي جار النبي دون إجراء فحص دقيق للأحداث ولإدارة الرجل وتعامله مع الأزمة.. **** وقد خشي البعض أن يستخدم الوالي القوة العسكرية ضد المتظاهرين الأمر الذى قالوا إنه كان سيلحق أضراراً بالغة بالمواطنين واتفق البعض الآخر مع الوالي في تعامله مع الأزمة بشكل احترافي ومشاركته في تشييع الراحل وادي رغم المخاطر التي قد يواجهها من البعض بسبب حالة الغضب والحزن الذي في النفوس. لكن مراقبين للشأن الدارفوري وخاصة في ولاية جنوب دارفور أكدوا تعامل حكومة الولاية بشيء من اللامبالاة بشأن بلاغات القتل والنهب التي ظلت تشكو منها الولاية، مشيرين إلى تراكم تلك العوامل وتزايد حوادث الاغتيال هي التي دفعت المواطنين إلى النزول إلى الشارع في مسيرة تعاملت معها الحكومة بشكل متحضر من أجل الحفاظ على دماء المواطنين حسب المراقبين وهو الأمر الذي وجد إشادة من قبل والي شرق دارفور عبدالحميد موسى كاشا خلال مخاطبته لسرادق عزاء أهل القتيل رجل الأعمال إسماعيل وادي الذي امتدح موقف جارالنبي وتعامله مع الأحداث ووصفه له بالرجل الحكيم والشجاع داعياً أهل الولاية للتعامل معه. وقال كاشا:«جار النبي رجل قوي ويجب التعاون معه» ويبدو أن تكرار الأحداث أزعج المركز فدفع بنائب الرئيس د.الحاج آدم على رأس وفد اتحادي للوقوف على الأوضاع على الأرض وزار الولاية أمس الأول وأضاف نائب الرئيس بعداً آخر قد يبرئ حكومة الولاية من مسؤولية ما حدث عقب توجيهه اتهاماً صريحاً لمن وصفهم بأصحاب الأجندة بأنهم وراء الفتنة والصراع في أعقاب اغتيال رجل الأعمال إسماعيل وادي وتأكيده على قدرة الولاية على حسم التفلتات الأمنية وملاحقة الجناة والمتورطين في الأحداث وإعلانه بمعرفة السلطات لمن هم وراء الأحداث وتشديده على إخضاع الجناة للمحاكمة، ولكن مقربين من الولاية أبدوا استغرابهم من عدم خروج الوالي لمقابلة المحتجين للتأكيد على قدرة الولاية على حفظ الأمن أو مخاطبة الجموع التي خرجت في الظاهرات لتهدئة الخواطر حتى بعد خطاب نائب الرئيس ولم يستبعدوا ان يكون الوالي رفض ذلك عن قصد لتفادي أي تطور درامتيكي للأحداث يوسع دائرة الخطر بالولاية. ومن الملاحظ إصرار نائب الرئيس د. الحاج أدم على عقد لقاءات مع أهل الضحايا والتي قيل إنها تأتي في إطار تهدئة الخواطر لحين استكمال لجان التحقيق أعمالها وإلغاء الجهات الأمنية على الجناة في الأحداث، ولكن التخوف من خطورة تكرار الأحداث باعتبارأن نيالا باتت على فوهة بركان قابل للانفجار في الحظة لكن المحلل السياسي د.عمرعبدالعزيز حذر من خطورة تدهور الأوضاع الأمنية في جنوب دارفور حال عدم تدخل المركز، واصفاً تكرار حوادث الاغتيالات في وسط النهار بالخطر القادم، ورفض عبد العزيزفي حديثه ل «آخر لحظة» أمس وضع مقارنة بين خلو السجل الإجرامي في عهد جار النبي والحوادث الأخيرة، وقال أسلوب الاغتيالات من أخطر المهددات الأمنية ويجب وضع ذلك في الاعتبار، داعياً إلى ضرورة أن يقوم الواليى بواجبه في فرض هيبة الدولة وبأسرع وقت. وقال إن الأمن مسؤولية الجميع واحدى أهداف زيارة نائب الرئيس للولاية فيما يبدو دعم الوالي وكسر عنق المجموعات والتكتلات باعتبار أن الأمن في الولاية على المحك وأن المسؤولية تقع على عاتق الجميع رغم الحديث الهامس عن وجود طرف ثالث خفي متهم بالوقوف وراء الأحداث. ورغم ذلك فإن المحك الحقيقي القائم حالياً أمام الوالي الجنرال جار النبي حفظ الأمن والاستقرار بالولاية وهذا ما يراهن عليه الجميع في الظروف الحالية، ويبقى الأمل معقود على القبض على الجناة وتقديمهم للمحاكمة وهذه الأمور سوف تتضح رويداً رويداً مع إعلان نتائج التحقيق المنعقدة حالياً وتنظر في وقائع دفتر الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة نيالا.