تمكنت قناة النيل الأزرق في فترة وجيزة من إثبات وجودها ليس بين القنوات السودانية ولكن بين القنوات العربية قاطبة وتجاوزت حدود المحلية الى الآفاق الإقليمية ان لم نقل العالمية ثم أنها إحدى ثمرات التعاون العربي في قطاعه الخاص وهي تشغل حيزاً صغيراً جداً في مباني التلفزيون القومي.. وحيزاً هائلاً في نسبة المشاهدة وتعتمد بصورة أساسية بعد فتحها وإلغاء تشفيرها على مواردها الذاتية ولها نهجها ونكهتها الخاصة في البرامج التي يقودها الاستاذ الشفيع عبد العزيز، ولعل برنامج أغاني وأغاني قد قطع نَفَس القنوات المنافسة فحاولت استنساخ الفكرة بمسميات مختلفة ،ولا يعني ذلك رضائي عن كل ما تقدمه القناة ولكن الشاهد أن كل القنوات السودانية وفي رمضان بصفة خاصة اتبعت خطوات قناة النيل الأزرق شبراً بشبر وذراعاً بذراع ولم تنقصها الا «قهقهة» الأستاذ السر أحمد قدور وطريقته الخاصة في التقديم والترنم واجترار الذكريات.. وأستاذيته لمن حوله من الفنانين والفنانات فله قدرات لا تجارى ولا تبارى في السرد. سر نجاح النيل الأزرق في سمكرة المشاهدين وتسميرهم ولحامهم أمام شاشتها.. متعدد الأوجه.. وأول تلك الأسرار هو القيادة الرشيدة لمديرها العام الاستاذ حسن فضل المولى «الجنرال» والذي تقلب في عدة مواقع إعلامية قبل أن تسند اليه إدارة قناة النيل الأزرق. والجنرال الذي بدأ بالإدارة السياسية والأخبار في التلفزيون القومي أحدث نقلة هائلة في الإدارة وأحالها إلى إدارة إيرادية أشعرتني بالغيرة وأنا أدير إدارة الانتاج التجاري والاستثمار.. ثم كُلَّف بإدارة البرامج العامة بالتلفزيون القومي وقت أن كان الاستاذ المهندس الطيب مصطفى مديراً عاماً فأحسن وأجاد بالرغم من راديكالية الطيب وليبرالية الجنرال لكنهما كانا على قدر من التفاهم والانسجام فقد كان الباشمهندس يقول عن الجنرال انه منسجم جداً مع نفسه وقناعاته رغم تململ الباشمهندس من بعض أفكار الجنرال فقد كان الطيب ولا يزال متحمساً صريحاً قاطعاً كالسيف وكان الجنرال هادئاً سلساً منفتحاً.. وفي القاهرة حيث قضى الجنرال عدة سنوات ملحقاً إعلامياً بسفارتنا هناك أحدث حراكاً كبيراً وأقام علاقات واسعة مع الأوساط الإعلامية والفنية والثقافية لعلنا نجني ثمارها حتى الآن.. وما أن عاد من هناك حتى تولى قيادة قناة النيل الازرق فظهرت بصماته الواضحة واستقطبت المشاهدين ومع الملاحظات الكثيرة والنقة الشديدة والنقد الموضوعي وغير الموضوعي واصلت القناة خطواتها بثبات وهي تقدم جرعات أخبارية تتناسب مع إيقاعاها وبرامج سياسية هامة مثل برنامج مراجعات الذي يقدمه الاستاذ الكبير الطاهر حسن التوم. أما ضربة المعلم فقد جاءت إبان الحملة الانتخابية للسيد الرئيس ولولاة الولايات والتي كانت بمثابة أطباق شهية انفتحت معها نفوس المشاهدين من خلف الله عذبتنا الى برامج المرشحين لرئاسة الجمهورية بتقديم الاستاذ بابكر حنين الهرم الإعلامي الشهير والتغطيات المباشرة لمناشط السيد الرئيس فكانت بحق سيدة الحملات الإنتخابية بلا منازع.. وللتلفزيون القومي أعذاره وقد قام بتغطية عملية الفرز وإعلان النتائج بشكل غير مسبوق مصحوباً بمهنية عالية.. ومن الأسباب وجود إدارة برامجية مبدعة وتنوع في التناول ودخول في تفاصيل المجتمع خاصة البرامج التي تعجب المشاهد السوداني مثل أفراح أفراح.. وألو مرحبا وحميمية التواصل بين الأهل والمغتربين من خلال برنامج القناة. ومما يؤخذ على القناة تركيزها على الشكل الخارجي للمذيعات والبهرجة الزائدة.. وهذه عولجت بتغطية شعر الرأس والعنق. ومن أسرار النجاح وجود مصورين بارعين من أمثال المصور جد المية زيادة بلمساته الفنانة وزواياه الخلاقة ولما كانت العملية الإبداعية الإنسانية عرضة للنقد و«التجريح أحياناً» فأن على القناة أن تأخذ بعين الاعتبار كلمات النقد والتوجيه وتضرب الذكر صفحاً عن النقد غير الموضوعي والقضايا الشخصية. أما أنا فللجنرال عندي محبة خاصة لا تقدح في رأيي العام في أداء القناة ولكن ما سر «تدبيل الاسماء» أغاني وأغاني وأفراح أفراح وسينما سينما وجامع الجامعة. وهذا هو المفروض،،