منذ وصولي مدينة الأبيض حاضرة شمال كردفان.. ظللت أسمع الكثير عن مشاعر تقدير المواطنين في الولاية وفرحتهم الشديدة بقدوم الأستاذ أحمد هارون، وتسلمه أعباء قيادة الولاية. فقد شعر الناس هناك أنه واحد منهم يعيش بينهم ويعيش ما يعيشونه.. ويشعر بما يشعرون به.. ويرى المواطنون هناك كم هم محظوظون به، والإشادة به على كل لسان.. خاصةً بعد التطور السار والتحرك الجاد الذي قام به نحو حل أزمة المياه، والذي شبهه بعض مواطني الولاية ومدينة الأبيض خاصةً بالحل السحري بعد أن تدفقت المياه لبعض المواطنين بعد انقطاع دام عند البعض لسنوات، وهذا شيء كان عظيم الأثر في نفوس المواطنين، وشيء عظيم أن يشعر أي مواطن أن هناك شيئاً قد تغير في حياته، وأن الأيام القادمة ستكون أيسر. والوالي مولانا هارون، كما لمست وعرفت من جماهير ولايته يتميز بالأدب الجم والسجايا الحميدة والنوايا المجيدة، ويتميز أيضاً بكاريزما، وفي نفس الوقت كما لمست بنفسي يستند إلى بساطة غير معهودة لدى كثير من السياسيين. وكنت في منتهى السعادة ومدير مكتبه الخلوق فائز يحدّد لي معه اللقاء بمنزل الوالي، لأن هذا على الأقل يجعله في وضع أفضل بعيداً عن ضغوطات العمل النفسية في المكتب. وكان الوالي مولانا أحمد هارون في قمة معنوياته وهو يرحب بي بشدة، وفي صالون منزله الذي يتسم بالبساطة جلست بجواره ، وكان اللافت للنظر أمامي أن وجدت المنضدة التي أمامه متخمة بالملفات التي تعكس جهده وحرصه على الاطلاع عليها حتى في وقت هدوئه وراحته، مما يؤكد أن الرجل يعمل فوق طاقته سعياً لتحقيق أهدافه وخدمة مواطنيه.. وخلال الإجابة على أسئلة (آخر لحظة) لم يتردد في الإجابة على أي سؤال ورد في الحوار الذي امتد قرابة الساعة فتحدث بأسلوب الواثق الحكيم ، وحدد كل ملامح المرحلة المقبلة وهموم الولاية في كل المجالات، والتشكيل الوزاري القادم وموعد اعلانه وهوية وزرائه، وتناول بصراحة وشجاعة مستجدات الأحداث من خلال ملابسات وأبعاد تصريحات رئيس الجمهورية في المؤتمر الصحفي عن ولاية شمال كردفان.. فإلى نص الحوار: مرتاح وفخور بخدمة أهلي: üرأيت بل قصدت أن استهل حواري مع مولانا أحمد هارون بسؤاله: كيف قبلت هذا التكليف الذي يرى فيه البعض نوعاً من المجازفة، لصعوبة المهمة في هذه الولاية بالذات؟ كما أن البعض يرى أن هناك صعوبة أن يعمل الوالي أي والي وسط موطنه الأصلي .. وأهله فكيف يبدو تقديرك للمهمة؟ -رد مولانا قائلاً: حقيقةً أنا مرتاح وفخور لهذا التكليف، ولم يكن مقبولاً أن أتردد انطلاقاً من إحساسي بواجبي تجاه أهلي، فشمال كردفان هي مولد لداتي ومصدر مسراتي، وفيها ولدت وترعرعت ودرست وشببت عن الطوق.. وأنا أصلاً في خدمة المواطن السوداني في أي موقع، ناهيك أن يكون المطلوب خدمة أهلي وعشيرتي مواطني هذه الولاية.. والعمل في بلدي يمثل قيمة معنوية كبيرة، وللولاية حق علينا وما أحلى خدمتها والعمل في الولاية له مذاق خاص في نفسي، فهو أكثر بعداً وعمقاً وأجد فيه متعة، ومهما كانت الصعوبات والتحديات سأتصدى لها وسأظل في خدمة هذه الولاية إلى آخر نفس يتردد وقلب يخفق، ولابد أن اعزف معها لحن الانتصار بإذن الله. المياه حلول حالية وبشريات قادمة: ü قلت للوالي إن الإشادة بكم تتواصل للحلول السريعة التي مهدت لحل مشكلة الماء في الولاية، بدليل اختفاء عربات الكارو التي توزع المياه في الأحياء.. كيف أمكن لكم التوصل لهذا الحل وبهذه السرعة وما هي المشروعات والقضايا الأخرى الملحة التي وضعتها على سلم أولوياتكم؟ -يرد الوالي قائلا: إن مشكلة المياه في الأبيض في الأساس متعددة الوجوه، جزء منها يعود لأسباب إدارية وجزء آخر متصل بقضايا فنية متعلق بالشبكة وحجم المياه المنتجة وما قمنا به حتى الآن لا يتعدى بعض الإصلاحات الإدارية وإرساء قواعد عادلة لما هو متاح من مياه. وإذا كان ما قمنا به حتى الآن طال انتظاره وانعكس بصورة قوية وإيجابية بهذا التطور الماثل أمامنا ونحن سعداء بذلك، إلّا أنني استطيع أن أزف البشرى بأن هناك خطوات نعتزم القيام بها وسوف نشرع فيها خلال الأسابيع القادمة من خلال بعض المعالجات الفنية التي ستفضي بإذن الله لمزيد من الانفراج. üالصحة حلول سريعة وأخرى مؤجلة: ويواصل الأستاذ أحمد هارون والي شمال كردفان مستعرضاً همومه، ويقول: إن صحة المواطن تندرج ضمن همومنا وأولوياتنا، ففي هذا الجانب قمنا بتفعيل التزام سابق لرئيس الجمهورية بإنشاء مدينة طبية، وأسند تكليفها لوزارة السدود، والحمد لله إن الأمور مضت بصورة جميلة عندما تم توقيع عقد الاستشاري وشرعنا في ذات الوقت بتوقيع عقد آخر قيمته 7 مليار لتأهيل المستشفى القائم، وهذا الإجراء يصب في الخدمة الصحية للمواطن حتى اكتمال المدينة الطبية. ü مكاسب طريق بارا لا تحصى: قلت للوالي هارون: تابعنا في الأسبوع الماضي خطوات عملية مع الصين لإنشاء طريق بارا جبرة أم درمان، فكيف تبدو الآمال في قيام هذا المشروع وما هي المكاسب المتوقعة من تشييده؟ -يرد سيادته قائلاً: بالنسبة لطريق بارا جبرة أم درمان تبدو جدواه ومكاسبه أكبر بعد انفراج العلاقة مع دولة جنوب السودان، وبالتالي نتيجةً لهذه الإنفراجة سوف ينساب نقل نفط الجنوب، وهذا الإجراء من شأنه أن يعطي قوة دفع حقيقية للعلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، وفي زيارة وزير التجارة الصيني للسودان أسفرت المباحثات التي أجريناها في الخرطوم عن التزام الحكومة الصينية بتفعيل العقد، وسوف يغادر وزير الدولة للطرق إلى الصين عقب عيد الأضحى للاجراءات التفصيلية الخاصة بانطلاقة العمل في الطريق.. وواصل الوالي معدّداً مزايا الطريق باختصاره للمسافة وبالتالي خفض تكاليف النقل والترحيل علاوة على ما سوف يحدثه من الانتعاش اقتصادياً والتنمية والاستقرار في المناطق التي يمر بها الطريق ولا تتوقف فوائده على ولاية شمال كردفان إنما يتعداها لولايات دارفور والجنوب حيث تنشط حركة الصادر والوارد بين البلدين وهذا يندرج في بنود اتفاقات التعاون المتوقعة بين البلدين وباختصار شديد فإن الطريق سيكون له دوره المحوري في تحقيق كم هائل من المكاسب الاقتصادية. ü سنسترد مقعدنا في الممتاز: قلت للوالي إن الوسط الرياضي سعيد بما أبديته من اهتمام بالرياضة، فلماذا لجأت للمؤتمر الرياضي وما مقدار ما حققه من نجاحات؟ -يرد سيادته قائلاً: هناك رغبة جامحة من جانبي بأن ننهض بالرياضة من كبوتها ولكي تجئ بدايتنا صحيحة للإصلاح «أعطينا العيش لخبازينه والقوس لباريه»، فكان المؤتمر الرياضي بمشاركة واسعة وفاعلة من خبراء الرياضة في كافة المجالات حتى تجيء خارطة الطريق على نحو سليم وكان ما كان عندما استطاع المؤتمر أن يفعل ذلك بكل براعة واقتدار وسنعمل على تنفيذ توصيات المؤتمر خاصة فيما يتعلق بالبنيات الأساسية للاستادات والملاعب واعتقد أن الولايات مرشحة بالزحف نحو الممتاز ابتداء من الموسم القادم واعتقد بأن مشاركتنا في التأهيلي لن تطول حتى تسترد الولاية مقعدها الضائع والمفقود بين أندية منظومة الممتاز. ü قصة الحافز الخرافي لهلال الأبيض: توقعت كل الأوساط الرياضية في السودان بعضها بالدهشة وأخرى بالاعجاب مع الحافز المادي الضخم «مائة مليون» للاعبي هلال الأبيض بعد فوزهم على الهلال الأب، فما الذي رميت له بهذا الحافز الخرافي علما بأن المباراة حبية؟ -يرد مولانا هارون: إن هلال الأبيض جمل صورتنا أمام الهلال الأب ليس بانتصار مستحق فقط بل يتعداه ألى أداء راقٍ ممزوج بالطابع الرجولي، والانتصار لم يكن مصادفة إذا قارنا نتيجة هذه المباراة بالنتيجة التعادلية السابقة للهلال مع الهلال الأب قبل شهور، وما حدث أن الجماهير هللت وتفاعلت مع هذا الانتصار وكانت معنوياتها تلامس السماء في ذلك اليوم وهذا وحده لا يعادله أي مبلغ من المال، وهذا أول الحلم وليس منتهاه وأول الغيث دائماً قطرة ومن خلال هذا الانتصار ظهرت بشائر الأمل تلوح في الأفق بعودة قوية للكرة في هذه المدينة واعتبرنا ان هذا الفوز نوبة صحيان هامة الفرحة به لا تعادلها مئات الملايين والفوز حقيقة يحمل في طياته الكثير من المعاني الجميلة وكل عطاء لابد أن يكون له مردوده ومن يعطي يُكافأ والهلال صنع البسمة والفرحة وأعاد لنا الأمل بأننا على الطريق الصحيح وأن القادم أفضل وفي تحفيزنا رسالة لكل الأندية بأن المكافأة جاهزة للانتصار والإجادة وأنا دائماً أميل للعب على الجانب النفسي. ü مع دقق «الفرحة فرحتين»: ومضى مولانا هارون للقول إن أجمل حدث تزامناً مع هذا الانتصار الذي حققته الأبيض، بل إن المباراة نفسها كانت على شرف قيام هذا الحدث هو تكريم عمنا سليمان دقق الذي نال تكريماً مستحقاً من رئيس الجمهورية بمنحه وسام الرياضة الذهبي مما ضاعف سعادتنا بالاحتفاء بدقق وسليمان دقق هو أحد هاماتنا وقاماتنا، بل هو شامة وعلامة تحكي بأجمل القيم والشيم. هؤلاء هم وزراؤنا الجدد ü سألت الوالي عن موعد اعلان الوزارة الجديد لشمال كردفان ومن هم الذين سيعودون والذين سيغادرون على يدك وما هي المعايير؟ - يرد مولانا هارون قائلاً سنرجيء تشكيل الحكومة الجديدة لشمال كردفان بعد اجازة وثيقة نهضة شمال كردفان باعتبارها الخريطة المستقبلية لنهضة الولاية، والتشكيل الوزاري مرهون بالدرجة الأولى بما تسفر عنه الوثيقة والمخرجات التي سوف تتم حتى يأتي التشكيل وفق الأطروحات والمتطلبات التي تحددها وثيقة النهضة مما يجعلنا نحدد المهام أولاً ثم الشخص المناسب لتنفيذها ومعايير الاختيار عندي الكفاءة ثم الكفاءة. ü قلت لمولانا هارون إن هناك سؤالاً ملحاً أرجو ألا أجد حرجاً وأنا أقدمه لك والسؤال هو- ما هي قراءتك لتصريحات رئيس الجمهورية الأخيرة بشأن ولايتكم؟ - قبل أن يجيب مولانا هارون لم أشعر بأي نظرات استغراب من السؤال في عينيه ليرد وابتسامة مريحة تبدو وتلوح على ملامحه وجاء الرد من مولانا بفطنة سياسي خبير ليقول: أبدًا أبدًا مافي أي حرج من السؤال وتصريحات الرئيس بشأن الولاية لم تخلق غموضاً ،وكما أن الخطوط لم تتشابك، ثم مضى يتحدث بصدق وتحليل دقيق .. ليقول ما أعلمه يقيناً أن القيادة السياسية للبلاد وعلى رأسها رئيس الجمهورية ساعية بشكل قوي في أحداث نهضة حقيقية في الولاية وتصريحات الأخ رئيس الجمهورية الأخيرة تؤكد أن قضايانا موجودة بشدة وحاضرة وماثلة بقوة أمام السيد رئيس الجمهورية ومعناها أيضاً أن رئيس الجمهورية فتح نافذةً بالضوء بإتجاه مسالكنا واستطيع أن أبشر بأن زيارة رئيس الجمهورية لكردفان مطلع اكتوبر ستصاحبها تطورات مفرحة وانطلاقة عملية لتحقيق نهضة في هذه الولاية. بالنفير إيد على إيد ü قلت لسعادة الوالي هارون ما هي دلالات ومعاني اتباعك لأسلوب النفير في الولاية..! وماذا تمخض عن اللقاءات المتعددة التي ظللت تجريها مع الفعاليات المتنوعة؟ - يرد الوالي ان النفير قيمة اجتماعية راسخة في الولاية ونتعامل به لأنه دلالة على جماعية العمل، وان أبواب المشاركة والهم الوطني مفتوحة لكل الناس دون عزلٍ أو اقصاء وان (إيد على إيد تجدع بعيد) واللقاءات المتعددة المتنوعة هي ايضاً تصب في معنى النفير فهذه المجموعات تجد منا أذناً صاغية وتقدم مشورتها، وكل ما يدور في اذهانها واعتبرهم مصادر إلهام جديدة، تمدنا بسيل من المشاعر والأفكار و(لا خاب من استشار). كلمة حاضر حاضرة قبل أن ينتهي اللقاء مع الوالي هارون حقيقة لم أشعر أنه تضايق من سؤال ولا من زيادة المساحة الزمنية المحددة، وكان كلما جاءه شباب المراسم ليقول له بأن لك موعدًا مع فلان، وإنه بالإنتظار!! يرد حاضر!! واعتذرت لمدير مكتبه الخلوق فايز بأنني تعديت على زمن آخرين على أساس أننا في الرياضة مسموح لنا بوقت اضافي..! وضحك مولانا طويلاً وهو يودعني ويطالبني بأن أبقى عشرة على بطل الأبيض المشارك في التأهيلي . الولاية كما تركتها وغادرت الولاية عائدًا للخرطوم.. ولمست أن شعبها مملوء بشحنة معنوية.. ورغبة عارمة في أن يرى بلده أجمل وأحسن.. وأن الوالي هارون هو من يمكن أن يحقق هذه الآمال.. وان كل أهل الولاية مرتاحين لحماس الوالي واندفاعه كالنيل «الفائض » من أجل تقديم الجديد وأن المسيرة ستمضي تحدق وتحلق وتمضي على عهده بنهج مؤسسي.. وتبقى أمنية كل من إلتقيتهم أن يتكاتف أهل الولاية معه.. ويكونوا معه على قلب رجل واحد، خاصةً وان هارون ظل يؤكد أنه يعمل من أجل الولاية بفكره وخبراته.. ويعمل بيده وأسنانه أيضاً بحسب الأشقاء في مصر. //