ورسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه يقول إنه والدنيا كمسافر استظل بشجرة فتركها ورحل.. إنها الدنيا أو الفانية والتي مهما طال أمدها فهي إلى زوال. ويبقى الإنسان في هذه الدنيا كادح إلى ربه كدحاً فملاقيه وتبقى العبرة بما خلفه من أعمال.. وتبقى الذكرى الطيبة هي الباقية ويبقى العمل الصالح هو الذي يسوق صاحبه إلى الفوز بالجنة لذا فإن الإنسان إذا ما غادر هذه الدنيا فلا يحمل من زادها إلا ما غرسه فيها.. وتظل الذكرى الطيبة أريج لا تتخثر رائحته بل تظل عالقة في سماوات ا لذاكرين لها كلما شغلهم الزمان وجف جريان الذكرى لتنداح لتعطر تلك الأجواء فتعيد للزمان مكانه. وخالد المهدي خشم الموسى أحد أعمدة الزومة الشاهقة وأمتن ركائز الشيخاب وشموخ أرض الحضارات في الشمال بناسها وتحيلها ورمالها ودروبها المتعرجة المتغلغلة في أحزان عيون الناس اختطفته يد المنون في غفلة من الزمان وأسكتت ذاك الطائر الصداح الذي لم يمل التحليق في مساحات الأسرة الممتدة يدلق عليها رذاذ الأمل ويحفها بالخير والتحنان وعاطفة الوجدان كانت روحه ملتاعة كأنها تسابق الأقدار في أن تروي ظمأها من ذاك النبع الطيب.. ما وطأ أرضإلا خلف عليها آثار، وما بارح مجلساً إلا وأودع في حنياياه الطمأنينة والمسرة، كأنه يلاحق ايقاع الحياة المتسارع ليلقم الصغار فرحة واليقين عند الكبار كان رجل شورى وجودية وجود وصاحب رأي يلتفت له لقد أسكت برحيله دهشة لم تبارح من عرفة ودمعة تصلبت على خدود من حرقهم الفراق فلا هي أكملت الإندلاق ولا هي عادت إلى المجاصر، فمثل خالد لا يبكي عليه، بل تفرد له الصحاف ليخط الزمان عليها مسيرة إنسان حفلت بكل قيم الخير والجمال.. رحل خالد ولكنه بقى في قلب كل من عرفه بطيب معشره وحسن أخلاقه وحلمه الفائض.. رحل خالد وترك ثغرة تعجز كل ذرات العافية أن تملأها رحل والعزاء أن الرحيل قدر كل إنسان، ولكن يكفي أنه رحل وترك بريق يظل موقداً داخل الأفئدة وبريق يندلق في الطرقات يبدو العتمات فما بالكم بشمعة إحترقت لتضئ للأخرين معالم الدروب.فحق للزومة عموم أن تخزن وللشمال بأسره أن يتكي سعف تخيله، وللشيخاب الذين بفقده أيقنوا أن قلوبهم قد انتزعت منهم، ولكن لا يجدون إلا أنا يرددوا خلف نبيهم الكريم إن القلب ليحزن وأن العين لتدمع وإنا لفراقك لمحزنون يا خالد فهل يوقظ فينا حفل تأبينه الجمعة القادم تلك اللافتات.