ü جارنا عبدالقوي كان لديه كلب (مُستأنس!!) أكثر (من اللزوم).. فهو دائما تجده باسطا ذراعيه بعتبة الباب وعيناه تحكيان عن «تعسيلة» يحسده عليها حمار (اللباني) الذي يقف بجواره كل صباح.. وهو في (كِوّيعته) التي لا نهاية لها تلك- أي الكلب- ما كان ليستثير حاسته (الكلبية) شيء ولو هاج الشارع أمامه وماج بسبب حادثٍ مروري.. وما كان يستفزه كذلك أن يمرَّ بمحازاته جمل أو قط أو بهيمة أو حتى شخص غريب ليس من أهل الحي.. ü فهو بارد برود انجليز كما يقولون.. ü أو كما قلنا مستأنس استئناساً لا يليق بكلب أُقتني خصيصاً لأغراض الحراسة.. ü ولكن كلب عبدالقوي هذا شوهد يوماً في حالة ثورة- ذات نباح- لم تُعهد فيه من قبل .. ü كان هائجاً هيجاناً لفت إنتباه الجيران أجمعين. ü وكم كانت دهشة الجيران هؤلاء عظيمة حين اكتشفوا السبب في ثورة الكلب تلك التي رأوا معها- لأول وآخر مرة- نواجذه.. ü لقد كان كتكوتاً صغيراً انفصل عن أمه وإخوته وطفق يصيح منادياً إياها: (سيو، سيو).. ü وضرب الجيران أكفاً بأكف وهم يقولون: (بس ده اللي فلحت فيه؟!).. ü ولم يعد الكلب- منذ اليوم ذاك- هو كلب عبدالقوي بعد أن تم استبداله بكلب (قوي!!).. ü وما دفعني اليوم إلى استحضار قصة الاستئناس العجيب هذا- ذي الاستثناء حيال الكتكوت- ما صدر من فتاوى تجاه جوائز شركات الهواتف السيارة.. ü فعلماؤنا الأجلاء ظلوا في حالة «تعسيلة» دائمة لا يُفيقهم من «كِوّيعتهم» شيء ولو كان رعياً حول حمى كبيرة من الكبائر.. ü فالقرض التركي الربوي- مثلاً- مر من أمامهم دون أن يلفت نظر أحد منهم إلى أن أُجيز في المجلس الوطني.. ü ولا واحد (بالغلط) منهم إعترض، أو إحتج، أو نصح، أو حتى رفع رأسه من (غفوته).. ü وتقارير المراجع العام- التي تضج بالفساد- تُتلى كل عام على مرأى ومسمع منهم دون أن يكلف عضوٌ منه نفسه (فضل!!) تبيان الرأي الشرعي في سرقة المال العام، أو تبديده أو الإسراف في الإنفاق منه.. ü و(الحصانات!!) التي هي بدعة علمانية ليست من (الشرع!!) في شئ (تقدل) أمامهم دون أن يُبدي أي منهم إعتراضاً عليها.. ü المخالفات (الشرعية!!) هذه كلها- وغيرها- تحدث أمام علمائنا الكرام دون أن يرى فيها واحدٌ منهم ما يستدعي نهوضاً من (السبات!!).. ü ولكن العلماء هؤلاء انتبهوا فجأة- وهبُّوا من (غفواتهم!!)- حين مرت من أمامهم إعلانات خاصة بشركات الهواتف بغرض تحفيز مشتركيها لتسجيل بياناتهم.. ü فهنا ثارت ثائرة أعضاء اللجنة- من (علماء الدين)- ورأوا في الجوائز المخصصة للفائزين شراً مستطيراً على دولة الشريعة الإسلامية يمكن أن يستنزل غضباً ربانياً عظيماً عليها.. ü ونحن هنا لا نريد أن نُحلِّل ما حرَّمته اللجنة- في ما يتعلق بالجوائز- وإنما نريد أن نقول إن هنالك ما هو أشد حرمةً مما يستدعي النهوض من «السبات!!» لإصدار الفتاوى إزاءه.. ü فيا علماءنا الأفاضل : (بس ده اللي فلحتوا فيهو؟!).. ü أو بعبارة أخرى مستوحاة من حكاية كلب عبد القوي: لم تبصروا (الجِمال) وأبصرتم فقط (السوسيو)؟؟؟!!!! }}