استعرض وزير الداخلية المهندس إبراهيم محمود حامد في بيانه أمام البرلمان الأربعاء الماضي عدداً من القضايا، وأشار إلى أن هناك زيادة مطردة في جرائم تزييف العملات المحلية والأجنبية خلال ال(6) أشهر الماضية. وقال إن ولاية الخرطوم تأتي في المرتبة الأولى بين نظيراتها في جرائم تزييف العملات الورقية وذلك حسب البيان الذي حصلت (آخر لحظة) على نسخة منه وسجلت مضابط الشرطة طبقاً للبيان (182) بلاغ تزييف وتزوير في ولاية الخرطوم من جملة البلاغات المدونة بالولايات والتي بلغت (245) بلاغاً، وعزا الخبير القانوني طه إبراهيم المحامي الأسباب التي أدت لزيادة جرائم تزوير وتزييف العملات إلى الإجراءات الاقتصادية التي قامت بها حكومة الإنقاذ ونتج عن ذلك الغلاء الطاحن الذي لا يستطيع المواطن التعامل معه مما جعل الناس يلجأون لأساليب الاحتيال للحصول على المال لمواجهة الضغوط المعيشية، قائلاً وبما أن جرائم تزييف العملات الورقية وسيلة غير مشروعة ويعاقب عليها القانون إلا أنها أسهل وسيلة للحصول على المال، فارتفعت بلاغات جرائم التزييف وأصبحت ظاهرة طبيعية لا تدعو للدهشة، وذلك بسبب الإجراءات الإصلاحية التي قامت بها الحكومة، مشيراً إلى أنه من بين الأسباب كذلك عدم حصول الدولة على أعلى التقنيات في طباعة العملة وبالتالي يمكن للمجرمين أن يزيفوا هذه العملة بسهولة مقارنة بالدولار الذي يصعب بل من المستحيل تزويره لأنه مطبوع ومن ورق وبطريقة تقنية مستحيلة التقليد، أما العملة السودانية فطبعت بأرخص المستويات الفنية. * العقوبات فيما يتعلق بالعقوبات التي نصت عليها المادة (117) من القانون الجنائي لسنة 1991 والمتعلقة بجرائم التزييف قال طه إن العقوبات مناسبة مع الجرم المرتكب، داعياً إلى عدم مساعدة المجرمين في عملية التزييف بطباعة العملة بطريقة يسهل تزييفها وهو الأمر الذي مكن المجرمين من ذلك. * الحلول للقضاء على الجريمة: أكد طه أن الحلول للقضاء على هذه الظاهرة أو الجريمة من جذورها يرجع للإصلاح الاقتصادي وتوفير أساسيات الحياة للمواطن العادي من صحة وتعليم ومسكن خاصة المواطنين في أطراف المدن الفقراء الذين لا يملكون أبسط مقومات الحياة الكريمة. أما الدكتور القانوني عادل عبدالغني المحام فقال إن تزييف العملة وطوابع الإيرادات سابقة ليست ظاهرة جديدة وإنما ظاهرة قديمة انحسر منها تزييف طوابع الإيرادات لقلة استخدامها، مبيناً أن تزايد جرائم تزييف العملة جاء نتيجة للتطور الملحوظ في أدوات التصوير والطباعة خاصة التصوير الرقمي والاسكنر، الأمر الذي قاد المزيفين للقيام بعمل أكثر دقة في التزييف، مشيراً إلى أن تلك الأدوات أصبحت الأكثر استخداماً خاصة «الاسكنر» في نسخ وطباعة الأوراق المزيفة، وأوضح عادل أن عملية توزيع العملات المزيفة تتم بعدة أشكال مثل الشراء من الباعة الجائلين والباعة على حافة الطرقات ووسط بائعات الشاي وأن المبالغ التي يتم تزييفها في الغالب هي من فئة ال(50 - 20) جنيهاً، وعزا الأسباب التي تمكن من تزييف العملة هو التصميم غير المعقد للعملة السودانية إلى جانب أن التزييف يشمل الشكل الظاهري والعنوان ولا يشمل العلامات التأمينية للعملة، لذلك عادة يلجأ المزيفون إلى توزيع تلك العملة وسط أشخاص ليست لديهم الوسائل التي تمكنهم من اكتشافها أو غالباً ما تكون عملية الترويج «ليلاً»، معللاً أسباب ازدياد جرائم التزييف لمحاولة البعض للحصول على الكسب السهل وبدون مجهود حتى ولو كان ذلك على حساب الآخرين. وقال عادل في رده على سؤال (آخر لحظة) حول كيفية محاربة جرائم التزييف والحد منها، قال هو وضع المزيد من الضوابط لبيع والتصرف في آليات التصوير الرقمية والتصوير الملون وماكينات تصوير المسح الضوئي «الاسكنر» والرقابة على استخدامها، وكذلك رصد حركة المزيفين وهم عصابات تكاد تكون معروفة للجهات الأمنية ومناطق ارتيادها خاصة الشقق التي يستأجرونها لهذه الأغراض. وفيما يتعلق بالعقوبة أوضح عادل أن الجيد في قانون العقوبات بالسودان أن عقوبة التزييف تختلف عن العقوبات، إذ أن القانون يحاسب ويعاقب على الأعمال التحضيرية لجريمة التزييف أما الجرائم الأخرى فإن الأعمال التحضيرية دون الشروع في الجريمة لا يعاقب عليها وهو غير مجرم عدا التزييف والحرب ضد الدولة، وأشار عادل إلى أن العقوبات رادعة وكافية وطالب بإفراد عقوبة منفصلة أكثر ردعاً للذين يحاولون إدخال العملات المزيفة في النظام المالي الرسمي في البنوك والمصارف.