تاريخ العمل المسلح في السودان بدأ منذ وقت مبكر ولكنه برز بصورة أوضح مع بداية انفجار قضية دارفور حيث شكل أبناء دارفور المقيمون بخارج السودان وبعضهم من أبناء الحركة الإسلامية، حركات مسلحة وجعلوا السلاح خياراً للوصول إلى المطالب السياسية، وأبرز هذه الحركات العدل والمساواة بقيادة الراحل د. خليل إبراهيم ثم آلت قياداتها من بعده إلى أخيه جبريل، وحركتا تحرير السودان جناح «مناوي» وعبد الواحد محمد نور ثم ظهرت بعد ذلك حركة مسلحة أخرى بعد رحيل حزب الحركة الشعبية إلى الجنوب بعد الانفصال وبقاء جزء منها يمثل قطاع الشمال بقيادة مالك عقار وياسر عرمان وعبد العزيز الحلو وأخيراً الجبهة الثورية التي تضم حركات دارفور وقطاع الشمال وقيادات أحزاب سياسية . *** حركة العدل والمساواة والتي توصف بأقوى الحركات تساوي قواتها حوالي «1200» فرد بجنوب السودان والأخرى بولاية جنوب كردفان، أما قوات حركة تحرير السودان جناح مناوي وتساوي «350» فرداً بمعسكرات متفرقة بشمال وشرق جبل مرة وجنوب دارفور. وقوات حركة عبد الواحد محمد نور والتي تقدر بحوالي «650» فرداً موزعة بمناطق حول جبل مرة. بالنسبة للحركة الشعبية فهي الموجودة بمناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق تقدر قواتها بحوالي «1700» فرد. الدعم الخارجي: يوغندا تعتبر الراعي الأساسي والحضن الدافيء لحركات دارفور المسلحة، إذ قدمت كمبالا لحركة العدل والمساواة الدعم اللوجستي والإيواء لأبرز قيادات الحركة د. جبريل إبراهيم والذي منحته جواز سفر لعدد من قياداته.. لم يقتصر الدعم اليوغندي للحركات المسلحة على المدافع «اسام» والمدافع المضادة للطيارات.. إذ قامت كمبالا بدعم الحركات باستثمار يتمثل في شركة خاصة لدعم أنشطتها ومكتب لمزاولة النشاط السياسي والعسكري.. ولم تنسَ الأم الحنون أن تقدم لأبنائها المتمردين الرعاية الطبية للجرحى والمصابين. الدعم اليوغندي السخي شمل أيضاً حركة مناوي.. إذ أصبحت كمبالا المستضيف الرسمي لكل نشاطات الحركة وقياداتها.. وعلى المستوى السياسي فإن كمبالا قامت بالرعاية والتنسيق لاتفاق حركة مناوي.. وقيادات حزب الأمة القومي قامت بذات الدور مع تحالف أحزاب جوبا. وسمحت الحكومة اليوغندية للحركة المتمردة بممارسة نشاط تجاري في مجال نقل البضائع بين جوبا وكمبالا.. كما قامت بتوفير الإيواء والحراسة لعبد الواحد محمد نور وأسرته واستخراج الوثائق الثبوتية وإيواء معظم عناصر المجلس القيادي الأعلى للحركة. كذلك قدمت كمبالا الرعاية والدعم للجبهة الثورية والإيواء لقياداتها وقطاع الشمال وإنشاء مقر دائم لرئاسة الجبهة الثورية.. إضافة لاستضافة كل الفعاليات السياسية وتقديم الدعم الصحي لمرضى ومصابي الجبهة الثورية.. ومهمة أخرى تتمثل في تسهيل اللقاءات بالسفارات والمنظمات لاستقطاب الدعم. اتهامات في مواجهة الحركات: أبرز الاتهامات التي تواجهها الحركات المسلحة التجنيد القسري للأطفال حيث استطاع حركة عبد الواحد تجنيد أكثر من «350» مواطناً وخطفت العدل والمساواة «10» طلاب من قرية بعد أن تهجمت على منزل شيخ القرية وقامت بحرقه.. وقامت الحركة الشعبية قطاع الشمال بتجنيد إجباري لطلاب في محليات الريف الغربي لمدينة كادوقلي والبرام وهيبان حيث تمكنت الحركة الشعبية من تجنيد «202» طفلاً تم إرسالهم لمعسكراتها بكينيا ويوغندا. كذلك تواجه الحركات المسلحة اتهاماً آخر يتمثل في تهريب اللاجئين غير الشرعيين عبر الأراضي المصرية إلى إسرائيل وإلى أوربا من ليبيا إلى إيطاليا ومنها إلى بقية أوربا.. وأشهر الحركات التي جنت مبالغ مالية ضخمة من خلال ممارسة تهريب اللاجئين هي حركة عبد الواحد محمد نور. حركة العدل والمساواة وحركة مناوي قامتا بأكثر من عمليات النهب والحرق وتدمير الأسواق وطلمبات المياه وأبراج الاتصالات.. وأشهر اعتداءاتها كانت على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.. حيث دمرت البنى التحتية بالمطار وعدد «7» طائرات وإحداث أضرار بالغة بزهق أرواح «31» مواطناً.. ولم تكتفِ الحركات المسلحة بالتسبب في نزوح أكثر من «1500» مواطن واختطاف مواطنين وقد ارتكبت أبشع الجرائم الإنسانية وهي التصفيات الجسدية بدأت ب«4» من عمد ومشائخ معسكرات النازحين الذين شاركوا في مؤتمر أهل المصلحة الذي عقدته الحكومة السودانية.. كما قامت الحركة الشعبية بتصفية كل المعتقلين والأسرى لديها من قوات الأمن في مدينة باو والكرمك وقد استخدمت الحركة أقسى أساليب القتل حيث تم إدخال أكثر من «60» شخصاً في حاوية ليموتوا اختناقاً في منطقة خور «البردي».. وكذلك قامت قوات الحركة الشعبية بذبح مواطنين تابعين للمؤتمر الوطني ضمن حملات تطهير للقبائل التي لم تقف إلى جانب الحركة في الانتخابات. واستمرت الحركة الشعبية في القتل والتدمير بمدينة كادوقلي والاعتداء على العزل وانتهى ذلك بتصفية للقيادي بلندية يوليو الماضي في منطقة «خور الحجار» بمحلية هبيلا.. وأشهر اعتداءات الحركة الشعبية التي لا زالت عالقة بالأذهان ومدونة كتاريخ للاعتداءات على المدنيين هو الهجوم على أم روابة وأبو كرشولا ضمن قوة الجبهة الثورية في أبريل 2013 شملت التصفيات القيادات الراعية المنحازة للسلام ويمثل محمد بشر رئيس حركة العدل والمساواة الموقعة على اتفاق «سلام الدوحة» وقائده العام أركو سليمان ضحية خير مثال للتصفية عن طريق كمين نصب لهم في طريق عودتهم للسودان.. ولم تكتفِ بموت بشر وضحية.. بل قامت بأسر «38» من القيادات بعد عودتهم وظلت هذه الحركات المسلحة تشارك كمرتزقة في الحروبات الأهلية بدول المنطقة.. وشاركت حركة العدل والمساواة في الحرب داخل تشاد 2008- 2009 حيث دعمت النظام ضد المعارضة وقامت بتأجيج الصراع. كذلك شاركت العدل والمساواة مع دولة جنوب السودان في الهجوم على مناطق البترول السودانية بهجليج 2011.. وشاركت موالية لأريتريا ضد أثيوبيا.. وللقذافي ضد ثوار ليبيا في 2012م. ويرى المراقبون أن وجود قيادات الحركات المسلحة بدول شرق أفريقيا يؤثر سلباً على أمن المنطقة.. حيث تواجه هذه الحركات اتهامات بعلاقات غير مشروعة في العملات والتحاصيل المالية وتقوم بالتنسيق مع عصابات يوغندية بعمليات غسيل الأموال وتجارة السلاح والمخدرات. وكشفت مصادر أيضاً عن علاقات مشبوهة لقيادات دارفورية مع صوماليين ضالعين في عمليات القرصنة البحرية.. وأكثر ما يثير مخاوف المراقبين لعمل الحركات المسلحة بالمنطقة الإقليمية هو نقل تجربة التمرد على الحكومة الشرعية لمجموعات المعارضة بدول شرق أفريقيا أو الارتزاق مثلما حدث في ليبيا. ويؤكد المراقبون أن استمرار هذه الحركات بالمنطقة له آثار سالبة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً لذلك فإنه لابد من تضافر الجهود لمحاربتها والقضاء عليها.