الورشة التنويرية التي عقدت بالقضارف تحت عنوان: المهددات الاجتماعية السالبة كانت سانحة لمناقشة قضايا على قدر كبير من الأهمية .وتمثل الشراكة بين منظمي الورشة دليلا على وعي وحرص على إيجاد المعالجات اللازمة لهذه المشكلات.فالشرطة الشعبية ببلدية القضارف وضعت يدها مع شرطة مكافحة المخدرات ومركز الإرشاد والصحة النفسية لمجابهة الأخطار التي تواجه المجتمع ،فيما كان الحضور الكبير من جميع الفئات العمرية يدلل على إمكانية تحقيق الغايات المرجوة بتضافر الجهود . محور الشر قد يبدو الربط بين هذه القضايا الثلاث في ورشة واحدة لأول وهلة بعيدا بعض الشيء ،لكن منظمي الورشة التنويرية يؤكدون الارتباط الوثيق بينها.فهي بحسبهم سلسلة خبيثة يمكن وصفها بمثلث الشر .فتعاطي المخدرات يقود إلى تفكك الأسر، والذي يؤدي بدوره إلي تفشي العنف الأسري ضد الزوجات والأبناء بل والوالدين أيضا،كما أن إدمان المخدرات هو احد العوامل التي تؤدي إلى اغتصاب الأطفال. ووفق الضبطيات الأخيرة فان القضارف تعد واحدة من الولايات التي تنشط فيها عصابات تهريب المخدرات وترويجها.وحسب إفادات ممثل شرطة مكافحة المخدرات في الورشة ،فان المخدرات تنقسم إلي طبيعية ومخلقة . ومن الأنواع الطبيعية الحشيش والقات الذي صار معروفا في القضارف إلي جانب الشاشمندى الذي يجلب من أثيوبيا.وأضاف بان الأنواع المخلقة تتمثل في حبوب الهلوسة وما يسمي بالخرشة .محذرا الشباب من مغبة الانجراف مع موجة الإدمان .مشيرا إلي أهمية العمل على حماية الأجيال الجديدة وتحصينهم ضد تعاطي المخدرات ،التي قال أنها تقود المدمنين لارتكاب كل أشكال الجرائم بما فيها العنف الأسري الذي يصل إلي حد قتل الأقرباء من الدرجة الأولي وارتكاب جريمة الاغتصاب.والعنف الأسري الذي صار سمة واضحة في مجتمعنا يدفع إلي فقدان الاستقرار ويدخل الخوف إلي نفوس الأطفال إضافة إلي انه يؤدي إلي التفكك الأسري الذي يجعل الأطفال دون حماية ،وهو وضع يجعلهم عرضة لاستغلال الذئاب البشرية التي تتربص ببرأتهم وتستغل ضعفهم لا إرضاء رغباتهم الدنيئة. ورغم عدم توفر إحصاءات دقيقة حول حجم ظاهرة الاتجار بالمخدرات وعدد المتعاطين إلا أن المؤشرات المتوفرة التي أبرزها نجاح الشرطة في ضبط كميات كبيرة من المخدرات، يمكن إن يشي بالخطر الداهم الذي يواجه المجتمع بالولاية. الأستاذة امتنان وداعة مديرة مركز الإرشاد النفسي تناولت في حديثها حول ظاهرة اغتصاب الأطفال ،مشيرة إلي أن أسبابة تعود بالدرجة الأولي إلي الحرمان العاطفي وفقدان الرعاية الأسرية بسبب تفكك الأسر فضلا عن تأثير رفاق السوء.وحول الانعكاسات النفسية السالبة للاغتصاب على الطفل قالت إن تعرض الطفل لتجربة الاغتصاب يجعله مهزوزاً وفاقداً للثقة في نفسه ، وهي عناصر تدفعه للانكفاء على ذاته أو تطوير سلوك عدواني تجاه المجتمع الذي يعيشون فيه.وأوضحت مديرة مركز الإرشاد النفسي بالقضارف إلي أن الآثار الناجمة عن تجربة الاغتصاب تنقسم إلي اثار نفسية تتمثل في اضطرابات النوم والأحلام المزعجة (الكوابيس)، التبول اللاإرادي وفقدان الشهية.أما الآثار السلوكية فيمكن إجمالها في الميل للعزلة والاتجاه إلي التدخين أو تعاطي المخدرات.كما أن الآثار الانفعالية التي تحدث للأطفال الذين تعرضوا للاغتصاب تشمل الهيجان أو الحزن والقلق والخضوع بسبب الشعور بالذنب ولوم الذات.وهي وفق حديث الأستاذة امتنان أثار ذات خطر على مستقبل الطفل إن لم يتم عرضة على مختصين في علم النفس لمساعدته على تجاوز هذه الأزمة الخطيرة.وأكدت على ضرورة التبليغ بواقعة الاغتصاب حتى ينال المغتصب العقاب الرادع بما يحقق الأمن للمجتمع .ونبهت الأسر إلي ضرورة حماية أطفالهم من الذئاب البشرية بالمتابعة والتوجيه ،ومراقبة تصرفات الراشدين معهم حتى وان كانوا من المحيط الأسري القريب . أما المداخلات والنقاش الجاد من حضور الورشة التنويرية الأولي وحرص معتمد القضارف اللواء عبد الله عثمان ومنسق الشرطة الشعبية بالبلدية صبري سليمان على متابعة الورشة ،فيعطي انطباعا بان هذه الخطوة ستتبعها خطوات أخري ،توظف لها الإمكانات لمكافحة الثالوث الخطير حماية للأمن والسلم الاجتماعي.فهل لنا أن نعشم في استمرار الحملة حتى تبلغ غاياتها؟أم هو مجرد حدث عابر لن يتجاوز جدران القاعة الباردة؟.تلك أسئلة نترك إجابتها للشركاء