يحكى أن احد السودانيين كان يذهب بشحنات متوسطة من المانجو الى سوق جدة فتباع كل شحناته دون أن ينتظر طويلاً ويعود إلى أهله فرحاً أن المانجو التى يصدرها « تباع هوا» ولم يكتشف إلا بعد سفرات طويلة أن عائد بيعه كان خساراً وأن السعر الذى كان يحدده أقل من المعروض بالسوق وأن معادلته للعملة السودانية « سعر التكلفة » كانت خاطئة بالمقارنة مع سعربيع الريال السعودى . قبل أيام رافقت أحد المختصين الى سوق لبيع الخراف بالخرطوم للوفاء بالتزامات عقيقة شرعية . الأسعار التى عرضت علىّ ومرافقى رغم إختصاصه وتردده على هذه السوق كانت مزعجة تبدأ من 450 جنيهاً للخروف الصغير و550 ? 650 جنيهاً للخروف المتوسط ولم نكن فى حاجة للسؤال عن سعر الخراف الكبيرة والضخمة . لم نبلغ بعد شهر ذى القعدة وبيننا وعيد الأضحية حوالى الخمسين يوماً وأسعار الخراف تصل الى هذه الأسعار الخرافية ويعذر الجزارون ومحلات بيع اللحوم إذا باعت كيلو الضأن فوق العشرين من الجنيهات للكيلو الواحد . يعزو تجار المواشى وسماسرتها ارتفاع أسعار بيعها الى أسباب عدة منها إرتفاع تكلفة الإنتاج لأسباب إرتفاع تكلفة الأعلاف والرعاية والرسوم المحلية وفتح باب الصادر ومقابلة موسم الهدى. من المفارقات أن الأسعار التى تباع بها الخراف السودانية بالمملكة العربية السعودية يعادل سعرها أقل من 30% مما تباع به فى بلاد المنشأ السودان . البنك الإسلامى للتنمية حدد سعر بيع الرأس المتوسط من الضأن للإيفاء بالهدى بمبلغ 227.96 ريال سعودى مايعادل 153 جنيهاً سودانياً وأن سعر الخروف المتوسط للأضحية كان سعر بيعه العام الماضى بالسعودية 400 ريال أى مايعادل 268 جنيهاً سودانياً « بحساب سعر الريال السعودى بملبغ 67 قرشاً » . بنك السودان يحدد سعر خروف الصادر فى حدود المائة الى المائة وعشرة دولار والخروف فى أسواق حلة كوكو والمويلح وجبرة والسوق المركزى وأسواق الحلفايا يباع بحوالى المائتى دولار . لست متخصصاً فى الإقتصاد ولم أدرس إلا مقدمته وأنا طالب أدرس علوم الصحافة فى الجامعة ولكن من خلال الفهم العام والتناول الصحفى وتنويرات وزراء المالية وقيادة البنك المركزى اجزم أن سعر الدولار من عائد الصادر سعر غير حقيقى وأن المصدر للخراف الى الخارج خاسر بلا جدال إلا أن تكون حساباته مثل بائع المانجو الذى صدرنا به هذا العمود وأنه مهما كان هذا المصدر يجنب فى حسابه الخاص بالخارج مبالغ بالعملة الحرة حسب جهده فى تسويق صادره فإن السوق السعودى لا يدفع فى المتوسط اكثر من مائة الى مائة وعشرين دولاراً للرأس الواحد من الضأن . نقسم بعالم السر وأخفى ألا غرض عندنا إلا أن نفهم من الجهات الإقتصادية والمصرفية والمالية معادلة بيع الخروف فى بلده المنتج له بمبلغ 200 دولار وفى البلد المستورد بمائة وعشرين دولاراً امريكياً وأيهما أفضل للمنتج بيعه فى السوق المحلى أم فى سوق الصادر . ماموقف وزارة التجارة الخارجية والجمارك إذ أقدم مستثمر شاطر على إعادة تصدير الخراف السودانية من الدول التى صدرت لها ليبيعها لمقابلة السوق المحلى للأضحية القادمة وبالحساب البلدى سيحقق ربحاً مقدراً مادام سعر خروف الأضحية المتوسط فى الخارج أقل من ثلاثمائة جنيه سودانى .فهمونا اياها بالله عليكم ..!