إنتظرت البنت الشقية طويلا على بوابته ، لم تضع زهرة طازجة على شباكه ، لم ترسل له مقطع أغنية من خصوصياته ، أغنية تختصر زمن البهاء في موسيقى طازجة وندية ، كان الرجل عازما على تركها تنتظر ، غير أن نفسه خذلته في نهاية المطاف ، سمح لها بالعبور رفع لها قبعة الصباح ، عبرت اللئيمة مثل سمفونية على جناح الرذاذ ، أووووووه ما أبهي سمفونية الرذاذ في صباح يتثاءب من الغيم ، المهم كتب لها أنه في غيابها كان مثل بحار خذله البحر ونامت في دفاتره أدخنة الملح ، كتب لها أنه كان مثل بعير في صحراء لا تعرف الظلال ، أباح لها الرجل أن حسابات المواعيد غابت من روزنامته ، عاجلته أنها زارت المدينة الساحلية وتمشت في مولاتها المدهشة وحورايها القديمة وتشربت عبق البحر وشاهدت الرواشين الخشبية تنهض من غفوة الزمن وتعانق أحياء ما زالت ترتمي على ذاكرة الوقت ، لم يكن يدري أنها سوف تظهر مثل برق العبادي في عشية مسكونة بالهواجس والخوف والمطر ، نسيها على قارعة الزمن وأبحر في طاحون العمل واللهاث اليومي المحموم ، لم يكن يتصور أنها سوف تغادر هكذا فجأة كما كانت تفعل في المرات السابقة ، في عشية فاترة تعافت نجومها من العواصف ، فتح شباكه الألكتروني ليلقي عليها تحايا المساء لكن تجمدت الكلمات في حلقه حينما إكتشف هروبها دون أن تبث في مدوناته وداعية الهروب ، هربت هكذا بلا مواعيد أو جرس أنذار ، تذكر في تلك اللحظة الراكضة بين الدهشة والصمت مقطع نازف لرجل يلهث بين مدن الصمت والغياب . تغيبي بلا مواعيد أو جرس إنذار تعودي تقيدي في قلب الحزين النار تفوتي تسيبي في باب الزمن تذكار يوووووووه .. ما أطيب العيش لو لا فسحة الأمل ، ألم يهتف شاعر في زمان مضي بهكذا مقطع ، المهم عبرت الأيام متثاقلة ، مشت الأيام مثل إنثى هرمة تعاني من التصلب اللويحي اللعين ، فجأة في زمن ليس له تاريخ أرسلت له أغنية وداعية لصاحب الصوت الجريح الكويتي عبد الكريم عبد القادر سافر مع اللحن والكلمات المستغرقة في الشجن . وداعيه يا أجمل ليلة تجمعنا وداعية أعز الناس تودعنا يتسرب نشيج الأغنية مثل موجة منطفئة على شط مهجور ، يلتمس لها العذر ، هو لا يعرف ظروفها ، تعود لتهرب هكذا مثل عصافير المواسم ، لا تبوح بسرها ولكنها تأتي وترحل وتكتب في سجلاته أغنيات من نوع خاص .