أما بعد: لماذا اختفت الدبلوماسية الاتحادية!! فدورها يا سادتي تحديداً هو الآن، و ذلك أن الاتحادي الديمقراطي من أكثر الأحزاب قدرة على القفز فوق أسوار الكثير من التعقيدات السياسية في هذا البلد، وخصوصاً التعقيدات الدبلوماسية بين السودان ودول الخليج إبان المزاعم التي تؤكد بوجود تقارب إيراني سوداني، مما أثر سلباً في مسار الدبلوماسية السودانية وأعني دول الخليج، فالثقل الاتحادي الدبلوماسي القديم مشهود له، وتفعيله في الوقت الراهن يعد الحصان الرابح الذي إذا ما راهنت عليه الدبلوماسية السودانية ستخرج من هذا المطب بل سيتحقق نجاح منقطع النظير في تقارب وجهات النظر، بل وستلعب دوراً إضافياً ومثالياً في جميع اتفاقيات سلام دارفور. فقد أطر السادة الأشراف الحسين والزين لهذا الحزب خارجياً في بناء تلك العلاقات المتينة مع مصر وليبيا والسعودية والإمارات وبعض دول الشرق الأوسط وبعض الدول الأوروبية، فتلك علاقات تاريخية لازالت راسخة ومختزنة.. فلماذا لا يحرك ركوضها ويستغلها الاتحادي مرة أخرى عبر المطالبة بوزارة الخارجية من أجل هذا الوطن ، الذي بسبب عدم استغلال الدبلوماسية الخارجية فيه بحكمه، بدأت تتداعى دعائمه وتسقط حوائطه حائطاً تلو الآخر، وبدأت تنهار جوانبه وأركانه المختلفة التي أكسبته هويته السودانية «إنساناً وأرضاً وعقيدة»، فقد تشتت وانقسم إنسانها بعد ضياع أرضه، وما يحدث الآن في جنوبنا الحبيب «إنساناً وأرضاً» وما يحدث في دارفور وكردفان ومايحدث في النيل الأزرق.. والتنصير الذي بدأت تلوح بوادره وغزى أبناء جبال النوبة الذين اعتنقو الإسلام منذ القرن السادس الهجري وكذلك تنصير البجا في شرق السودان، كذلك تداعي هذه الأرض فتداعي الأرض أدى إلى تداعي الإنسان والدين، وكل ذلك التداعي المركب بدأ بعد اتفاقية تدعي «السلام» وتلك كانت ضرباً من ضروب السياسة الخارجية فأي سلام هذا الذي قسم الأرض والإنسان والدين؟ فقد قال الشاعر عبداللطيف عبدالرحمن.. أنت سوداني وسوداني أنا ضمنا الوادي فمن يفصلنا نحن روحان حللنا بدنا منقو قل لا عاش من يفصلنا «ولكنه عاش من يفصلنا!» ايها السودان دم أنت لنا واسقنا من نيلك العذب اسقنا وابعث العزة في أشبالنا واحفظ الشيب كراماً بيننا «فماذا سنقول لأشبالنا؟» سوف نحمي دائماً سوداننا ونزيح الستر عن هذا الضنى ونغني بعد ذا من لحننا ليس يرضى الحر يوما بالضنى «وهل نحن أحرار؟» فماذا تبقى لنا بعد ضياع الأرض؟! وهذا مبحث يطول سرده، هذا مختصره.. هل كان تخلي الاتحادي عن الخارجية هو ضمن الشراكة الإستراتيجية في فترة أمانة الشريف وذهبت مع الريح، ولا يستطيع الحزب المطالبة بها مرة أخرى؟ وإن كانت هنالك شراكة لماذا أسقطت عنه هذه المحفظة؟ فهي التعبير الحقيقي لوجه الحزب الاتحادي الديمقراطي؟وماذا قدم طيلة فترة توليه تلك المحفظة؟ فعلى سبيل المثال المهم جداً استطاع الدكتور لام أكول أن يترك بصمتة في تمثيله الدبلوماسي السوداني بظهوره المتميز ومستوى أدائه الرائع كوزير خارجية في قمة الخرطوم لجامعة الدول العربية، فإذا لم يكن يتمتع بعلاقات قوية معترف بها لم تكن لتنجح الدبلوماسية السودانية ولم تكن تلك القمة التاريخية لتخرج للعالم العربي بذلك الإشراق المتميز. فالوزير بهذه الوزارة المهمة هو من يضفي بشخصيته المتفردة وإمكانياته العالية حيوية وحراكاً ونشاطاً نوعياً غير تقليدي، وهكذا وزارات تحتاج إلى إمكانات شخصية وحزبية متميزة.. ومن ناحية أخرى تلك الأمثلة تترك مؤشرات حقيقية على ضرورة مراعات الكفاءات المجربة ذات الرصيد العالي من الخبرة والمعرفة المتميزة يجب أن تراعى عند اختيار «القوي الأمين».. وانطلاقاً من هذه النقطة تحديداً سنلقي الضوء بإسهاب في حلقة منفردة ومتفردة على أميز وزير خارجية مثل السودان بمهنية عالية ووطنية منقطعة النظير «دكتور لام أكول».. فلنترك هذا الطرح إلى حينه ونعود ونسأل مرة أخرى لماذا فرط الاتحادي في محفظة كان يمكنه تمثيلها باحترافيه و يتحرك عبرها في مساحات واسعة وبارتياح شديد وينجح فيما أخفق فيه الآخرون؟ ففترة تولي السماني لهذه المحفظة كانت فترة ذهبية لم يستفد منها ولماذا الأمين العام متردد «متوجس» في المطالبة بهذه المحفظة مرة أخرى لكي يظهر ولو لمرة حجم حزبه الحقيقي الذي يعرفه جيداً؟ فليجبني من يعرف عبر بريد الجريدة.. أين ذهبت محفظة الدبلوماسية الاتحادية؟؟