أطلعت علي مقالكم (سرقات المساجد) بعمودكم المقروء (بُعد ومسافة) بتاريخ 22/1/2014م. ليت الأمر وقف عند (سرقة الأحذية) وكذلك (النشل) (بالمساجد)، لقد تعرض كثيرون، كما ذكرتم، لهذه العملية القبيحة، ولكن لغياب عنصر (الأمن) هذا أبعاد وظلال وعقابيل تنتشر علي كثير من مناحي حياتنا ومناشطنا الاجتماعية والاقتصادية المختلفة. ليس أقلها التسبب في (رفع) تكلفة (العمارة) وتشييد (المنازل) بمتواليات ومعدلات وأرقام فلكية ملفتة للنظر. وعلي رأس هذه الحقيقة التي وردت في صدر مقالكم مثل (الإقلاع) عن استغلال (المواد المحلية) الرخيصة كالخشب وغيرها في هذه الصنعة والاستعاضة عنه (بمواد الحديد) باهظة الثمن وغالية التكلفة. أذكر قبل فترة من الزمن كان قد أخطرني أحد الزملاء من المهندسين بأن أحد أساتذتهم من(الانجليز) بكلية الهندسة (بجامعة الخرطوم) كان قد أفادهم بأن غياب عنصر (الأمن) بالسودان يلعب دوراً خطيراً في (رفع) تكلفة (العمارة) وتشييد (المنازل) إلي مستويات ومعدلات كبيرة، فالأمر في تقديري المتواضع يحتاج إلي وقفة لمعالجة هذه المعضلة، فلو تسنى للابن الضليع الموسوعي المهندس (مستشار) عمر البكري أبو حراز القيام بدراسة في هذا الصدد لأتى إلينا (من سبأ بنبأ يقين). ما زلنا، وما فتئنا وسنظل كذلك، نردد بأن أهم الأساسيات والمرتكزات في حياة الإنسان لتحقيق (إنسانيته) وحريته وكرامته، هي (لقمة العيش) الشريفة و (الأمن) كما جاء في محكم التنزيل : (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر) صدق الله العظيم. وكما جاء أيضا في الحديث المأثور (من بات - آمناً- في سربه، -معافى- في بدنه، عنده -قوت- يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحزافيرها). إذن هي ثلاثة مقومات : (الأمن) و (الصحة) و (لقمة العيش الكريمة). ما أبسطها وما أصعبها. ليعيش الإنسان كريماً حياة سوية حراً قانعاً آمناً مطمئناً وبدون ذلك فالطوفان. أنني لأعجب كثيراً من الذين يتحدثون عن (الاستثمار) والدعوة لأصحاب (رؤوس الأموال) للقيام بذلك في ظل ظروفنا الحالية مع غياب (الأمن) والاستقرار. إن هذه الدعوة ستذهب كصحبه في واد ولن تجد لها أذنا صاغية. إذ ليس هناك عاقل يخاطر أو (يغامر) بماله ويعمل (مشاريع) في ظل هذه الظروف. ولدينا كمثال (المصنع) الذي دكته قوات (خليل إبراهيم) الغازية عندما اقتحمت مدينة أم درمان، بذل فيه صاحبه مدخرات العمر فتركته قاعاً صفصفاً وخراباً يباباً وقيل أنه قد أغتيل مع ثلة من أهله. فالأمن (أولاً) و (ثانيا) و (ثالثا) و (أخيراً) ومن ثم (الاستثمار) وما يليه. عود علي بدء. فإذا ما رجعنا إلي أهمية النظر في عنصر (الأمن) هذا في تكلفة (العمارة) وتشييد (المنازل) بالسودان فإن حالتي (الخاصة) في منزلي بالرياض - والحمد لله - تصلح كحالة للدراسة (Case Study) فإن ما بالمنزل من (حديد) - زوي وسيخ - بالشبابيك والمداخل (التأمين) ضد (زوار الليل) مما جعله أشبه ب (الباستيل) لأمر محير من ناحية التكلفة الباهظة والجهد الذي بذل فيه. ولك أن تتصور فبالباب الواحد من المداخل الرئيسية للمنزل وهي مصنوعة من (الزوي) و (السيخ المتين) ثلاث (لينيه)، (ست) طبل، ثلاث من الخارج ومثلها من الداخل. بالإضافة إلي (كيلون) بمفتاح و (طوق). بعد هذا كله ما حدث أن أويت إلي فراشي (ليلا) إلا وكان (المسدس) معمراً وجاهزاً لمجابهة (زوار الليل) غير المرغوب فيهم. وبعد هذا كله يا أهل الخير (ويا عزاز أنا نومي خزاز) فأذني دائما مرهفة لالتقاط أي حركة أو ضوضاء غير عادية بالمنزل. والأمان والحفظ من الله في النهاية، وما صرفته في سبيل توفير (الأمن) والاستقرار لأسرتي لكان كافياً لعمل إضافات أخرى كبيرة بالمنزل أنا في حاجة لها أو استغلال تلك التكلفة القسرية في مجالات أخرى مفيدة. وأرجو ألا يجنح الخيال بأحد القراء الكرام ليظن أن بداخل المنزل (كنوز الملك سليمان) أو سبائك من (الذهب) الأصيل وأن لي تجارب مع (زوار الليل) و (الضاربو الدبيب يخاف من مجر الحبل) ولو علم هؤلاء (الزوار) ما بداخل المنزل من (قرطاس) و (كتب) ومتاع بسيط وزاد قليل لا يسمن ولا يغني من جوع لما أجهدوا أنفسهم وأهدروا وقتهم (الثمين الغالي) في زيارتهم (غير المرغوبة) لنا. وصفوة القول، فكل ما فعلته من أمري هذا، وما قمت به من تكلفة وجهد، كان بغرض توفير (الأمن) المفقود والطمأنينة والراحة والسكون والاستقرار والهدوء لأسرتي، فالأمن عندي (كالإيمان) الذي يوقر بالقلب ويصدقه العمل والفعل والواقع المعاش وليس سفسطه أو أحاديث جوفاء ترسل علي عواهنها هنا وهناك. والله من وراء القصد ،،،